ياليت أبي يعلم…!
إب نيوز ٥ يونيو
نوال عبدالله
“السلامُ عليك” يا أبي وعلى ضريحك الذي يلف جسدك الطاهر ، أبي هأنا أجثو على قدماي أمامك ودمعي تجري على خدي وكل شي يتمزق إلى فتات رافضاً أي حياة بدونك.
أجب عن سؤالي ياعزيز مهجتي المذبوحة، لماذا لم تخبرني أنك راحل؟! حتى أعد عتادي وأكتب تنازل للحياة بأن تقبض روحي معك ، أتعلم يا أبي ماذا حدث من يوم رحيلك لحيننا هذا؟! حلت الأحزان بقلبي بنت لها حصون منيعة، انطفأ نور منزلنا تهدمت أركان السعادة بأكملها ، واستُبدلت بركن أسود داكن مكتوب عليه ركن المشقة والعناء لأنك كنت تعني لي كل شيء.
زفرات أنين تصدر منا جميعاً كل لحظة، هاهي أختي تحتضن صورتك بقوة تلم أغراضك وتذهب إلى الغرفة المهجورة باكية محاولةً رمي أوجاعها التي أنهكت قواها الجسدية، تذهب لغرفتك التي أصبحت مُظلمة، وعلى يديها ابنتها التي وعدتها قبل وفاتك بأن تزورها كل يوم هاقد أتيت متسائلة لماذا لم تفي بوعدك المعلق ؟! أختي المسافرة تنتظر اتصالاتك التي اعتادت عليها منك، أراها الآن تنتظر رنين الجوال لسماع صوتك وابنها الصغير _حفيدك_ يُكرر عباراته “اشتقت إليك ياأبي” ، لا لوم عليه كنت تحمله بين ذراعيك فأعتاد عليك، وأسماك أبي بدلاً عن جدي
، أما أنا وجدت شيء من بقائك فرشاتك، وجدت فيها كم هائل من شعرك وكل يوم أخذ شعرة من جوانب الفرشاة وأضعها بين يدي وأسقيها من دموعي ثم أضعها بداخل الصندوق الصغير فحتماً ستكفي تلك الكمية من شعرك اتنفس منها الهواء النقي حتى أغادر الحياة .
أعلم يا أبي أني أعذبك بدموعي ووجعي، ولكن لاحيلة لي في رجوعك، ولا أملك أي موعد كي أراك سوى رؤيا معلقة بين الحلم واليقظة، كل شيء أصبح موجع من بعدك اُنظر لأخي الصغير حين يسمع طرقات باب المنزل شبيهة بطرقاتك يسرع للنافذة قائلا “أبي”ولكن…….
لا أعرف كيف أصوغها ؟!
ولا أخفيك عن حال أخي الذي كنت تنتظر عودته من الجبهة، حين عاد لم يمكث سوى أيام في المنزل ثم رحلت هاهو يغلق باب غرفته يغطي وجهه لتسيل دموعه بغزارة .
هذا حالي بل وحالنا كلنا يا أبي حتى اللحظة ؟!
.