حديث حرف وانتصار للوطن !!
إب نيوز ٨ يونيو
دينا الرميمة
وحدها الكتابة عن قضية وطن هي من تُُخلّد خلافاً عن كل الكتابات التي تشترى حروفها بالمال لصناعة حدث ما أو لإشهار شخصية معينة تظهر إعلامياً كثعلب يرتدي ثياب الصالحين، وخاصة الشخصيات السياسية ومابينهم من صراعات على المناصب في زمن بات فيه الإعلام سلعة رخيصة وسلطة رابعة !!
بينما الكتابة عن الوطن هي الفعل الأسمى والأقدس، وذلك لأنها تروي تراجيديا وجع امتزج بمعاناة مدوية لشعوب سجعت إرهاصاتها من وحي التفاصيل المدماة ومن عبق الشوارع التي تنبعث منها روائح الحرب الشروس، ومن مهاوي شعب استنزف دمه عبر سنوات ولازال يحكي انتصاراته وصموده ،
ولا أروع من حبر سال على ورق شاهداً وشهيداً وهو يسطر (حكاية وطن)، في زمن حرب يتساقط على رأسه آلاف الأطنان من قذائف الموت ولا زال واقفاً على قدميه يرسل للعالم رسائل لأسمى معاني العزة والكرامة،
فليس ثمة ماينهك الدول كالحروب التي تتركها كأرملة تعيل ايتاماً صغاراً في أرض ماتت فيها وأندثرت تحتها الرحمة .
كذلك كان اليمن الذي
وبالرغم مما تتعرض له من ظلم بالغ القسوة وخذلان يُعد أشد مرارة من الغارات التي لم تتساقط على أي بقعة في العالم كأرضه التي أيضاً طوقها المعتدي بحصار خانق وحرب اقتصادية عصفت بالكثير ظلما وعدواناً، لكن أبناؤه أبوا إلا الدفاع عنه، لم يستسلموا أو يرضخوا لأنهم يؤمنون بعدالة مايحمله اليمن من قضية وبأحقية شعبه في أرضه والعيش عليها كريماً عزيزاً لا تفرقه حرب الهويات الطائفية والمناطقية المدبرة من قبل أعدائه ،
ولأنه يعي جيداً ما الذي تحمله نوايا المحتل ويعرف الفرق بين وطن بيد أبنائه ووطن ينهش لحمه وعظمه محتل أجنبي، وخاصة إن كان هذا المحتل هو أمريكا أو الكيان الصهيوني !!
لهذا استمات اليمنيون في الدفاع عن أرضهم وعرضهم وسطروا ملاحماً لم يشهد لها تأريخ الحروب مثيل وغيروا كل القوانين والتكتيكات العسكرية المتعارف عليها في كل العصور !!
ولم تكن العملية الأخيرة التي بثها الإعلام الحربي من (جيزان) إلا واحدة من تلك الملاحم التي يقف العقل أمامها مذهولاً يفخر كل من ينتمي لليمن بأنه يمني الهوى والهوية .
لا أخفيكم سراً وقت مشاهدتي لتلك الملحمة المسطرة في (جيزان) ارتفع منسوب السعادة لدي حد الغرق وأشفقت على قلمي الذي انتشى لحظتها يلملم الكلمات والحروف علّه يستطيع وصف تلك المعركة لكنه وقف دامعاً عاجزاً عن وصف أي مشهد منها .
مشاهد كثيرة عرضت فضحت حجم التسليح الكبير للجيش السعودي والمرتزقة الذين دائما يعللون فشلهم بقلة الدعم من التحالف وضآلة الإمكانيات مشبهون وضعهم بجيش العسرة الذي خرج مع النبي (عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ) في غزوة تبوك وشتّان بين ذا وذاك !!
بيد أن الواقع كان خلاف ما أدعوه، فالمقاتلين كثر ولكنهم كغثاء السيل ونحن نراهم يتقافزون خوفاً طمعاً في السلامة من الموت أو الأسر إلى موت أبشع .
و لم ير إعلام العدوان من مبرر للهزيمة التي مني بها جيشه إلا بوصفها إنها “مفبركة” وهي نغمته التي ألفتها مسامعنا مع كل عملية،، وربما هم معذورين فحجم ماخسروه في تلك العملية ليس بالقليل والهزيمة التي مني بها جيشهم الجرار ليس من الأمر السهل تقبلها، فالأحداث والبطولات التي عرضتها تلك المشاهد تجعل العقل يقف مذهولاً أمامها وتقف الأيدي عاجزة عن الكتابة عنها بشكل يليق بها فثمة أحداث من الصعب التعبير عنها أو توصيفها .
لكن الشيء الأكيد إننا نؤمن ونثق بمجاهدينا الأبطال الذين تمتعوا بوعي وثقافة قرآنية غرسها فيهم قائدهم الأول السيد حسين حين دفع دمه ثمناً لإنقاذ اليمن من الارتهان للأمريكي فأثمر رجالاً صدقوا ماعاهدوا الله عليه وماعاهدوه عليه من المضي على دربه ليبقى اليمن حراً شامخاً بعيداً عن أي وصاية.