أمريكا من المراوغة في العدوان إلى القرصنة السياسية بذريعة السلام
إب نيوز ١٠ يونيو
منير الشامي
في تصريح مشين أدلى به المبعوث الامريكي إلى اليمن “تيم ليندر كينغ” قبل أيام قليلة هدد فيه وضع اليمن تحت العزل الدولي المشدد حد تعبيره كخيار لمنعه من تحرير ارضه في مأرب وتحت مبرر رفض قيادتنا للانخراط في عملية السلام المؤدلجة وفقا لرؤية النظام الأمريكي الاستكبارية والتي تعد في حقيقتها استسلام كامل بلا شرط أو قيد تحت الضغط باستحقاقات الشعب الإنسانية ووفقا لسياسة الكيل بمكيالين وقلب الأدوار بين الضحية والجلاد التي اعتاد النظام الأمريكي العمل بها كما أن الحالة التي وصل إليها كينغ تعكس براعة وحنكة وفدنا المفاوض في التفوق الدبلوماسي على خصومهم وما وصول “كينغ” إلى هذه الحالة إلا أبرز دليل.
أتي هذا الموقف الأمريكي بعد ثلاثة ايام من خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي- يحفظه الله ويرعاه – بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة والذي اكد فيه جهوزية الشعب اليمني للمضي في طريق السلام العادل وأن طريق السلام الحقيقي معبد وواسع ومتاح أمام الجميع مشيرا إلى أن اول خطواته هو وقف العدوان ورفع الحصار وخروج القوات الغازية من الأرض اليمنية وأن النظام الامريكي إذا كان جادا في سعيه ﻹحلال السلام في اليمن فعليه أن يثبت حسن نيته بذلك بالوقف الشامل للعدوان وبرفع الحصار كونه الجهة الوحيدة التي بيدها تحقيق ذلك، وأن أي دعوة للسلام قبل وقف العدوان ورفع الحصار وخروج قوات الغزاة ليست دعوة للسلام بل دعوة للاستسلام وهذا ما لا يمكن أن يحدث، وتساءل -يحفظه الله ويرعاه – عن تناقض النظام الامريكي في دعوته للسلام مع إصراره على استمرار العدوان والحصار، كما أكدا ايضا أن الشعب اليمني على اتم الجهوزية للمشاركة في صد اي اعتداء جديد على القدس وغزة ضمن محور المقاومة ، وهو ما اثار المخاوف الأمريكية على ذراعه الوحشية بالمنطقة والمتمثلة باسرائيل.
الموقف الأمريكي هذا الغريب والمتناقض يؤكد أن ما أعلنه الرئيس بايدن بخصوص الحرب في اليمن مجرد فقاقيع إعلامية لا أكثر ، فماجرى ويجري في الواقع منذ أن تولى بايدن زمام الأمور كل أحداثها وشواهدها تؤكد حدة التصعيد الأمريكي وأن العكس من تصريحاته هو ما يحدث على الصعيدين العسكري والسياسي ،الأمر الذي ضاعف من آثار الكارثة الإنسانية بحق الشعب اليمني وزاد من حجم مأساته اكثر مما كانت عليه قبل استلام بايدن للسلطة، وأكد أيضا إلى أن النظام الأمريكي رغم يقينه بفشل العدوان ورغم تفاقم يأسه من إحراز أي تقدم إلا أنه لا زال يمارس المراوغة بكل أشكالها من أجل استمرار العدوان والحصار.
عودة وفدنا الوطني مع وفد رسمي رفيع المستوى من سلطنة عمان يشير إلى أن الوفد العماني يحمل في حقيبته أمور هامة خفية في مضمونها، ظاهرة في عناوينها بخطوط عريضة، وربما يكون أهم أمر فيها هو -وقف تطهير مأرب مقابل تخفيف حدة الحصار وفتح جزئي لمطار صنعاء وميناء الحديدة- بإعتبار أن هذا العنوان هو العنوان البارز لكل التحركات الأمريكية والاممية في الاسابيع الماضية، وهو عنوان السلام المزيف الذي يريده النظام الأمريكي للشعب اليمني، وعلى افتراض صحة هذا التوقع فأن رد قيادتنا لن يتغير عن رد وفدنا المفاوض للمبعوث الأمريكي ولن يخرج عما ورد في خطاب قائد الثورة- يحفظه الله ويرعاه- في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة، و سيتبلور الرد بعبارة واحدة هي -متى ما قرر النظام الامريكي الوقف الشامل للعدوان والرفع النهائي للحصار، والخروج الكلي للقوات الأجنبية- وتحرك تحرك جدي لأثبات ذلك على الواقع حينها سيكون قد دخل مرحلة الجد وسيرى أننا اول من سيرحب بذلك ويتحرك في طريق احلال السلام المعبد ، ويرجع تمسك قيادتنا الحكيمة بهذا الشرط الأساسي والجوهري لعدة أسباب رئيسية من أهمها ما يلي:-
الأول: ﻷن هذا العرض ليس عرض سلام بل عرض استسلام ولم يعد هناك ما يخاف عليه الشعب اليمني -قيادة وجمهور- فالمساومة والضغط في الاستحقاقات الإنسانية مقابل وعود من سراب خدعة لن تنطلي على اليمنيين لا اليوم ولا بعد الف سنة.
الثاني: لإن إصرار النظام الأمريكي على ايقاف تحرير مأرب وتخوف دول العدوان من تحريرها يؤكد أن قيادتنا تسير في المسار الصحيح والسليم لتحرير الوطن، وأن تحريرها هو آخر مسمار في نعش التحالف
الثالث: كون تحرير الوطن من دنس الغزاة وامتلاك سيادته على أرضه وقراره أهم هدف لثورة ال 21 من سبتمبر المباركة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن توافق قيادتنا الحكيمة على حتى مجرد تأخير تحقيق هذا الهدف
الرابع: عدالة قضيتنا ومشروعية الحقوق التي نريد انتزاعها من بين فكي قوى الاستكبار تجعل من المستحيل القبول بالتنازل عن تلك القضية أو عن أي حق من حقوق الشعب اليمني المشروعة تحت أي ظروف كانت
الخامس : يتمثل في أن قيادتنا الحكيمة لم تتوقف لحظة عن مناداتها لتحقيق السلام العادل بينما قوى العدوان تدعوا في كل مبادرتها إلى الاستسلام وشتان ما بين السلام والاستسلام.
لهذه الأسباب وغيرها فعلى النظام الأمريكي هو وكل من يدور في فلكه أن يعلم أن وقف العدوان ورفع الحصار وخروج قوات الاحتلال هو بوابتهم للسلام إن شاؤا سلاما حقيقيا، فالشعب اليمني جاهز ومستعد للسلام الحقيقي العادل والمشرف في أي لحظة مثل جهوزيته الكاملة للصمود والمواجهة جيلا بعد جيل تماما، أما الاستسلام فهو لفظ غير وارد في قاموس اليمنيين حتى تقوم الساعة.