رفقا بنا أيتها الحياة، مازلنا صغار .
إب نيوز ١٦ يونيو
عفاف البعداني
الروح تكتم نصف مانختلجه، بل تضم في عترتها الف شعور لايقال، منها المحزن، والنصف الآخر ربما يحمل أعواد قليلة من الأمل، لكنّ الأحاديث الغائبة التي لاتحتاج ٢٨ حرفا من الأبجدية، هي بحد ذاته من تسكن داخلنا بعمق ودون أن نعرف، فجأة نراها قد تضخمت وكبرت، وهي تحتاج منا لرؤية حانية، وتشتاق لنا دون أن نعرف معنى الشوق أصلا، في الحقيقة لانملك أي تعبيرا؛ كي نوافيه بها، رغم أننا أهلا للكتابة، وأهلا للوصف والتعبير، لكنّ الأمر مختلف، فعندما تتحول روحك ونفسيتك لشخص عجوز هرم لا يلفته في الحياة أي شيء، بينما في داخله كل شيء ملفت، ينسى مرحه، تقاسيم وجهه، زهور قلبه، كل شيء أصبح داخله كقلعة مهجورة لفتها الأشباح منذ عقد، هو يمر، ويمر، وكأنّ كل مواسم الحياة الهنية باتت تطارده.
يخاف في كل مرة أن يتوقف لينظر، وحتى إن غالب ظنه ونظر فهو لا يرى إلا الأشياء المسنة، كالقمر المكتمل ، والشجرة المؤرقة، والحقل العجوز، والطفل الحزين، والأرض الماطرة، وحدها المشاهد العينية للطبيعة أستطيع أن أتحدث معها بكل شفافية وصدق، وحدها الطيور من تسمع ضجيجي الهاجل، وحدها السنابل من تنصت لصمتي المكبوت فتسمعه، يعظم صوتي الرهيف في نفسها داخل كل سنبلة دون أن أنبس بكلمة.
ونبقى غريبين، ولنا مسمى متعاليين كوننا لانرد، بل يصل إلى أن يتركنا أصدقاءنا بحجة أننا لانهتم وأننا من فصائل الموميا ليس لدينا شعور، وفي الحقيقة أننا متعبون كثيرا من الحياة، من كل شيء حتى من الصمت الذي يكبر معنا كل يوم ليته يتحدث، هناك يسكننا وجع كبير نصفه معروف ويعالج بالمهدأت، أما النصف الآخر فهو متروك و مجهول للأيام، يختبأ منا عند كل صباح ويأتينا عند ما تتباطئ عملية التنفس، يترصدنا ليأكل ماتبقى لنا من ابتسامة، هل علينا أن نبتسم في كل مرة يرانا فيها الاخرين، هل يجب أن نرد على كل من كتب لنا، ولنفترض سنتحدث عم نتحدث، عن طموحنا الأعمى الذي فقد بصره ونوره حينما ارتفع دخان الحروب، أو عن تفكيرنا الجميل الذي كان يربي في داخله ألف قرية، وحضارة، وجدارة، وكتاب، لكنه مات في يوم، بحادث ضبابي لا يؤل أي طريقا للعودة، عن قلبنا الذي مابرح إلا أن يعيش لغيره يحب من حوله ولايجد في نفسه أي مثقلة للحسد أو الكره…لكن الموجودات كله تلف له أحقادا من حيث لايعلم، إن التشابه مع المرئيات أو بالأحرى، التشابة مع عموم البشر الذي يسكنون معنا صعب جدا… قد يلفتنا شخص حكيم عاش خمسينات عمره وحده في الغابات بعيدا عن الوجودية.
إننا عموما! لانجيد التحدث كما أنتم، إننا ليس بمقدورنا أن نطرق أي باب لكم لنخبركم حجم التعب الذي نعيشه لم يكن في مقدوري يوما أن أخبر أي انسان أنني متعبة، إنني محتاجة لكلمة حانية، البعض يفهمه كبرياء، والبعض يصوغه تخلف، إلا أنني لا أجد كل ماذكر هو عائد بالحقيقة، أحيانا قد أتحدث وأشعر وأتكلم ولكن بلغة لا يفهمها إلا خاصتها وأهلها الفطنون، المتحيزون لحديث الروح وإن كانت المسافات بعيدة، بل إن الكتابة ملاذا كافيا للحديث، في حين لانجد سؤال حقيقيا يخبرك… ماهو حالك؟! وهذا لايعني أننا لانفهم في توطيد العلاقات، بل إننا أساتذة وعبقريون في إقامة وتصريح الود من مكامنه الخفية، لكننا تعبنا نريد أن نعيش بهدوء بسلام أكثر فليتركنا العالم بسلام إن كان يعرف في الود أي سلام .
.