مشاهد الإعلام الحربي وعين الوعي والبصيرة
إب نيوز ٢١ يونيو
بنت الحسن
إن ما تنقله عدسات الإعلام الحربي من مشاهد أشبه ما تكون بالأسطورة، تلتقطه عدسات عيوننا بوعيٍ وبصيرة وتنقله إلى شاشات قلوبنا دروساً وعبر، فتبث تفاصيلة في مديات أرواحنا بهجةً واعتزازا، وتترجم مشاعر الفخر والسعادة التي تغمرنا، سجدات الشكر التي نبادر بها، وتمتمات التسبيح والذكر، وتعبر عن مدى ارتياحنا حروفنا الخجولة والمتواضعة، التي لبست شجاعتها من سندس إقدامهم، واستقت عزتها من سلسبيل ثباتهم، وعزفت ألحانها من أنغام معابرهم، وسطرت معاني نجاحاتها من قاني تضحياتهم، ونسجت كلماتها من مغزل بطولاتهم ولونتها من معين تفانيهم التي اغرق العالم بمشاهد الإعجاز ، الذي أصابته بالدهشة والذهول؛ لما ينظرون من مشاهد تأييد الله لأولياءه، في مختلف ميادين الإباء والعزة.
إن ما نشاهده من بطولات لرجال الرجال في مختلف مواقع العزة والنزال ، وعلى رأسها جبهات الحدود ومشاهد جيزان، اقرب من نسج الخيال، لِما نرى فيها من بطولات يعجز عن وصفها الحرف والبيان، حيث أن المجاهدين جعلوا من ميادين المواجهة عبارة عن ساحة محشر وزلزلة وقيامة، فقد أحاطوها بالجحيم والعذاب الأليم، فإن ما يصاب به الأعداء من ألوان الرعب والخوف والهلع والفزع، للحد الذي يجعلهم يتقافزون ويلقون بأنفسهم من أعالي قمم الحيود خوفا من ملاقات الأبطال الأسود، ويموتون من الخوف، ويهربون ويولون الدبر، وكأن الله عجل بقيامتهم في مشهد مصغر لذهول الخلائق في المحشر.
وذلك على يد أولياءه وأنصاره
فلمَ لا تكون هذه من إنجازاتهم، وهم الرجال المستضعفين الذين يتحركون التحرك الواعي، التحرك الواثق بنصر الله، تحرك من صغرت الدنيا أمام ناظريه، وعظم في قلبه حب الله، التحرك الصادق الذي لايشوبه رياء.
لذلك تتجلى عظمة البارئ عز وجل في هذا التأييد الكبير لهم في ميادين الجهاد، بالنصر الذي وعدهم به في كتابه، رغم قلة الإمكانيات مقارنةً بما يمتلكه خصومهم في الميدان، فعلى ايدي الأبطال الرجال في ميادين التفاني والقتال، تحققت وعود رب العزة والجلال، مصاديق نصراً؛ لبيان القاهر المتعال، في معرض الحق الزلال، قال تعالى: (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)). محمد
وقال: _ جل وعلا _((وإن جندنا لهم الغالبون)). الصافات
وقال تعالى: ((فإن حزب الله هم الغالبون)). المائدة
وقال تعالى: ((وكان حقا علينا نصر المؤمنين)). الروم
وقال تعالى: ((والذين إذا مسهم البغي هم ينتصرون)). الشورى
وقال تعالى: ((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)). القصص
فبعد كل هذه الوعود التي قطعها الله في كتابه لأولياءه المجاهدين، أليس حري بهم أن يصنعوا تلك الملاحم من المعجزات الربانية ؟!
وهم هم من استجابوا له ولبوا نداه!!
إن المتأمل بعين الوعي والمتفكر بلب البصيرة، يؤمن إيمانا قطعيا بالتدخل الإلهي الذي يرافق مسيرة جهادهم، ويدرك عظيم ارتباطهم وتوكهلهم على الله، ويلحظ معية الله في كل تحركاتهم ويشاهد لطفه في كل ما يصنعون.
حيث وإن النصر يسجد في محراب بطولاتهم، وينحني المجد لهيبة مقامهم، ويتوارى الشموخ خجلا من شجاعتهم؛ فعندما يرسون فوق هامات الجبروت بأقدامهم الحافية، كأنهم لعذاب الأعداء زبانية ويقضون ببنادقهم المتوضعة على اسطورة السلاح، ويرسمون العزة والنجاح لكل مستضعف في هذه الأرض، ويآذنون بصرخاتهم لإقامة العدل وفناء الطغيان في هذه الفانية، ندرك انهم هم الرجال الواثقون تمام الثقة بالله وهو مولاهم أينما كانوا.