“هاني طومر” أحبتك السماء، وخلدتك ذاكرة الأرض
.
إب نيوز ٢٩ يونيو
عفاف البعداني
لم تكن الروح رخيصة ولم يكن الموت شيء سهلا، حتى أزيز الرصاص وحر الشمس ووعورة التضاريس وقيادة الدبابات، وهجر الأهل والمسكن ليس بالشيء السهل، الجهاد بكله ليس لعبة مسلية وليس كل من ألتحق بالمسيرة أصبح مجاهدا، لا… لا… الأمر أكبر من هذا كله، إنها الروح الجهادية عندما تتربع بقاع الفؤاد يتحول الإنسان لكتلة مشعة بالإيمان، لايخاف من موت ولا ينازعه هلع، لا تحده مزاجية التضاريس ولا توقفه منطقة محاصرة، يمضي باذلا روحه، وساخيا بأغلى ما عنده، ما يمر على بقعة ولا أرض ولا حقل ولاسهل إلا أكسبها من نوران قلبه صمود، ومن جلادة صبره ثبات، تسلم عليه الأرض وتقبله غيوم السماء، وتطبطب على كتفه حبات المطر، تحرسه الملائكة و تلوح له الجبال من بعيد أن طاب ممشاك، وكأن جميع كل الكائنات باتت تعرفه و تدعو له كل ساعة، السمك، الطيور، الليل، الصبح، الأمهات جميعهم رأو البقعة الجهادية تشع زمهريرا واضحا في محياه .
إذًا القضية أكبر مما نتصورها، المسألة ليست بالبساطة التي نراها في التلفاز أو نتصورها في مخيلتنا، هذه كرامات ولدت في جبهات العز والشرف، هذه فصائل دموية نادرة شبت على حب الله وإعلاء كلمته، هذه مواقف سوف تردع كل من سولت له نفسه باحتلال اليمن، سوف تدخل العالم فى أكوام من الدهشة وخضم وافرا من الجنون، يخوضون المعارك ببسالة وكأن سلامة العالم وتطهير المقدسات الأسلامية هما ملتصقا في نفوسهم العشرينية، فأحلام المجاهد *هاني طومر* وكل المجاهدين ، لم تقتصر على سلامة الذات أو الأهل والمجتمع أو حتى على الدولة، لا بل السيد سلام الله عليه زرع فيهم مسؤولية الأرض، والمقدسات وكل بقعة محتلة في هذا العالم، إنها تربية السيد متطلعة لما هو أكبر من المحدود والموجود والمرئي، إنها آيات الله ومن غيرها تتربع في محرابهم القلبي تضخ كل يوم شجاعة بكميات متوالية لا حصر لها.
وما تلك البطولة التي جسدها “هاني طومر” إلا دليلا شافيا وحجة دامغة لكل العالم، أن قضيتنا هي قضية دين، قضية وطن أبا عيش الذل وعشق الحرية، قضية تغير الواقع لمستقبل أفضل، قضية تعبر عن نفسية الشعب اليمني وجهوزيته في خوض الحرب لأعوام متتابعة، وكم ساورنا الاعتزاز أيها الشهيد، كم ناولنا الفخر بأننا عرفناك وعاصرنا زمانك النضالي، استشهدت يا “أبو فاضل”.وقبل استشهادك علمتنا أن نعيش أعزاء لاأذلاء أحرار وليس سُجناء،.أن نبقى شامخين لاخاضغين، من بين رصاصات الموت مررت حاملا في عاتقك كل العزائم، كل المكارم، كل الفضائل، أي مسؤولية كنت تحملها وأي عظمة شبت في روحك العشرينية، “هاني طومر” ستبقى منهجا شاملا يدرس لجنود المستقبل، ستكون تأريخا لأجيالنا القادمة، سأخبر تلاميذي الصغار أي شخص هو أنت، وأي روح عاشت فيك .