في ظلال المسيرة القرآنية
إب نيوز ٥ يوليو
عفاف البعداني
الحقيقة هي: أنني على طيلة فترتي التعليمية لم أشعر يوما بعظمة المسؤولية تجاه مقدساتنا الأسلامية كما أشعر بها الآن، تعلمنا في المدرسة أن الكذب حرام وأن الله يحب الصادقين، أدركنا حجم الحضارة التأريخية التي شيدها أجدادنا القدماء في بناء السدود والقبلية والقومية التي تأسس أفرادنا عليها، تعرفت على نسيج الخلية ومايحويه من عضيات صغيرة، معلمينا أعطونا كل مايمتلكوه وأعلم لو كانوا يمتلكون أكثر ما بخلوا به علينا، وممتنة للحظتي لمعلم اللغة الذي عظم من شأن اللغة في أيقونتي الفكرية ونحت عتادا لغويا ونحويا وفكريا لم أكن يوما لأنساه، حصلت على مراتب متميزة لكني لم أعِ يوما خطر أمريكا على المنطقة، لم أعِ أي عزاء هو مقيم بأرض القدس، وماهي حقيقة إسرائيل .
كان طابع الشعور بالمسؤولية مغيب تماما، حتى على مستوى الدولة لاندري شيء عنها، يقولون أنها تسمي بالعذراء كون ثرواتها لم تستخرج بعد، وأنها مقبرة الغزاة، يقولون أننا بلاد مفقر وليس فقير، أصبحت تلك الحقائق لحنا نغنيه في كل احتفال وطني، لكننا في كل مرة لم نعِ ماسبب الشقاء المتتابع الذي نعيشه في اليمن كل يوم، لاندرك حجم الخطر المحدق الذي يكنه لنا العالم، متساهلين جدا في البحث عن الأسباب التي جعلت من شعبنا رهين المعاناة والشقاء سنة تتبعها سنة، بعيدين كل البعد عن الوضع الراهن للدولة اقتصاديا، وإجتماعيا، وماهو مصيرنا بعد عشرة أعوام ، أو ربما عشرين عام .
إلى أن ظهرت المسيرة القرانية وأنارت ظلمة الأرض والفكر والقلب معا بمصباح واحد، طرقت بيوتنا الروحية، واستهدفت منازلنا، شبابنا، أطفالنا، حقولنا ، إعلامنا، ركزت على منطقنا المعلق بجدران القلب ، نفضت غبار التأريخ القديم وقارنته مع واقعنا المسير بآيات قرانية ، ظهرت مسيرة السيد حسين في زمن قياسي ومتزامن جدا مع حاجة الشعب حيث كان على وشك الدخول في مستنقع اتفاقية التقسيم الكلي لمحافظات الجمهورية، وضع حدا للنهاية ورسم بدايات عدة أولها معرفة الوضعية المعيشية المجهولة منذ سنوات، وبعدها سلط الضوء بدرجة أولى على أمريكا وماتحيكه لليمن ولكل الشعوب من مؤامرات، استطاع أن يدرك مالذي سيحصل للشعب بعد سنين، تحدث وكأن الحاضر كان كتابا مكشوفا بين يديه، حدد مكامن الضعف والقوة ، وأكد على حتمية التغيير؛ محددا الأسباب التي جعلت من دولة اليمن مفقرة طيلة السنين الماضية.
لم يكن السيد حسين قائدا دينيا ولا محللا عسكريا، أو مرشدا روحيا فقط، لقد اجتعمت فيه كل خصائص الخلافة على أرضنا المسلوبة، وقبل أن يرحل غرس كل تلك المنح التي حباها الله بها لأخيه، وتلاميذه ، ومحبيه، وأبناء محافظته صعدة، أصبح السيد الراحل يشكل مصدر قلق وخوف للمنطقة بأكملها حتى بعد وفاته، اغتالوه ولكنه قد أدى ما أملت عليه فطرته، لم يرحل إلا وقد صرخ بوجه كل الحكام والدول والعالم بأسره معلنا المقاطعة لكل البضائع الأمريكية، لم يرحل إلا وقد كشف لنا مالذي سيحصل مستقبلا في ملازمه بالتدريج، لم يرحل إلا وقد عزز فينا الجهاد والشعور بالمسؤولية تجاه القدس و كل حي يرزق في هذه الأرض، رحل وظلت ملازمه ومحاضرته تكبر معنا كل يوم، نسمعها قبل كل نشرة إخبارية ومع كل نسمة صباحية، تطورت مسيرة السيد وأصبحت مدينة تدشن كل ماله علاقة بتطور العقل والمنطق ، دشنت المراكز الصيفية لتنشأة الجيل، وهبت مطفرة نحو تطور العتاد العسكري، أخرجت لنا أبطال كان لنا كل الشرف أننا كنا حاضرين معهم في عصر واحد، وما طومر إلا دليلا واضحا على المنهجية الحقة التي زرعها الحسين في أبناء المسيرة، فسلام الله على كل روح جهادية عرفت ما معنى وطن .