مسك الختام للمراكز الصيفية
إب نيوز ٥ يوليو
خلود الشرفي
أجواء روحانية تكللت بمساعي الخير والفلاح ، في دروب العز قام بها نخبة من الأساتذة والأستاذات الأفاضل في رحاب العلم الشريف ، والمعرفة الحقة ، وفي إطار تنمية مواهب الطلاب ، وترسيخ الهدى والبصيرة في عقولهم الناشئة ، وقلوبهم الصافية التي لم تعكر فطرتها الأفكار المنحرفة للتكفيرين ومن شاكلهم.
ولا شك أن للمراكز الصيفية دور كبير و فعال ومثمر في تنمية مدارك الطلاب والطالبات وتعزيز مواهبهم ، و توجيهها التوجيه الصحيح بما يضمن إنشاء جيل واعٍ متسلح بالعزم والإيمان ، لاتهزه الريح ، ولا تهون عزمه الصعاب ..
إن المراكز الصيفية محطة مهمة في حياة العلم والتعليم ؛ وهي فرصة عظيمة لتأهيل الأجيال وتحصينهم من الثقافات المغلوطة والافكار المنحرفة ، من أجل بناء جيل واعي ، يفهم اهمية هذه المرحلة وحساسيتها ..ويؤمن كل الإيمان بأن الدين والأخلاق هما الحصن الحصين لأبناء الوطن رجالاً ونساءً من الوقوع في مهاوي الفكر المنحرف ، والاعمال الشاذة والعياذ بالله ..
وبالطبع فإن للمراكز الصيفية هذا العام طابعها التنموي المتميز والمثمر والبناء ، ولها عدة محطات ورحلات في رحاب الفكر البديع ، والابداع الخلاّق .
ومن ذلك ماقامت به المراكز الصيفية من زيارة للجامع الكبير بصنعاء .. وهناك حيث الأنوار المحمدية المباركة ، والأجواء العلوية البديعة ، لقد كان عبق التاريخ وفنه وأصالته يفوح في الأرجاء ..
مشاهد تأخذ بالألباب في رحاب الهدى والطهر والفلاح ، فما نرى هناك خللاً ولا فللاً ، ومارأينا إلا مصليا أو مبتهلا ، أو قاعدا يتلوا آيات القران الكريم في خشوع وتبتل ، قد كساهم الله بنور الإيمان والهيبة والمهابة في عيون الزائرين ، فلم نجرؤ على الكلام معهم ، ولم ترغب في اشغالهم عن اعمالهم القدسية واورادهم النورانية .. فقط مكثنا برهة نتامل بصمت وهدوء ..
ولعل أكثر المشاهد روعة وإثارة وقدسية في الجامع الكبير هي تلك الطاولة الزجاجية الفخمة ، او فلنقل ذلك الدولاب الزجاجي المصمت الفاخر والذي يحتوي كتاب الله العظيم القرآن الكريم بخط الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، ذلك الكتاب العظيم الذي خطه الإمام علي بيده الشريفة بأمر من رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم .
ومما يلفت الأنظار ، ويصيب القلوب بالدهشة والإنبهار ، أن هذا المصحف الشريف ملطخ بالدم القاني ، تلك هي دماء الشهداء الأطفال عبد الرحمن وقثم ابني عبيدالله بن العباس رضي الله عنهم ، الذين ذُبحوا ظلما وعدوانا ، حتى لقد اصاب امهم الجنون لهول الفاجعة ، وعظم الكارثة ..
تلك الدماء الزكية التي سُفكت ظلما وعدوانا من قبل الطاغية المجرم معاوية بن ابي سفيان وازلامه ..
وإن الانسان ليتعجب كيف أن ذلك المصحف الشريف مازال باقيا الى اليوم وقد مرّ عليه مئات السنين ، بل ماتزال آثار الدم الطهور بادية عليه بكل وضوح ، و لعل حكمة تكمن في ذلك ، وليعرف الناس كيف كان ذلك الحكم الاموي المتوحش ، وأولئك المتسلطون المجرمون الذين حكموا رقاب الناس وسفكوا دمائهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ..
لنعلم أن الفكر الداعشي والتكفيري ليس جديداً ، وإنما كان معاوية بن أبي سفيان هو المؤسس الأول لهذا الفكر الإرهابي ، وأفعاله هي أفعال داعش ذاتها ..
ويكفي مافعله ابنه السكير العربيد يزيد بريحانة الرسول الأكرم صلوات الله عليه و آله في كربلاء ..
إن قتل الاطفال والتلذذ برؤية جثثهم المتفحمة واشلائهم المتناثرة هي لذة اولئك المجرمون وامنيتهم المفضلة ..
ولم لا ؟! وهم الذين كرهوا نور الإسلام، واستكبروا عن قبول الحق ، ولولا ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عفى عنهم لتأليف قلوبهم لكانوا في عداد المنسيين ، و لأتت عليهم الطامات ولكنه صلوات الله عليه وآله قال لهم بكلمة تحوي الف معنى ومعنى ، لقد قال لهم ” اذهبوا فانتم الطلقاء ”
ان كل ما تحدثنا عنه إنما هو غيض من فيض ، المراكز الصيفية ، وفوائدها العظيمة التي تجعل الأجيال يفرقون بين الحق والباطل ، ويتسلحوا بمعالم المسيرة القرآنية التي هي مسيرة نور وحق وعزة وكرامة ، وليعرف الأجيال والطلاب منهم بوجه خاص أن امريكا واسرائيل الذين نهتف بالعداء لهم ، وهو موقف حكيم ؛ ولم يأتي عدانا لهم من فراغ .. إنما القران الكريم يحكي عنهم ويامرنا بمعاداتهم ، والدماء الطاهرة على المصحف الشريف تحكي ظلمهم وسفكهم للدماء وتجرأهم وارتكابهم المحرمات .. والمراكز الصيفية كذلك تحكي كيف نواجه هؤلاء المجرمون ، كيف لنا ان نصبح بقدر المواجهة معهم ، كيف لنا ان ننتصر على اعدائنا، ونبني انفسنا ..ونبني الاوطان ..
والعاقبة للمتقين