واكتست مكة ثوب الحزن!

إب نيوز ١٨ يوليو

أميرة السلطان

في مثل هذا اليوم من كل عام نرى ذلك المشهد الذي تكرر مرارا وتكرارا مذ كنا صغار ونحن نتسمر أمام شاشات التلفزيون ونحن نشاهد حجاج بيت الله الحرام يفِدون أفواجا متوجهين إلى عرفة.

نرى تلك السيول البشرية تلبس ذلك اللبس الواحد فلا فرق هناك بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، تسير تلك الحشود متناسية حرارة الشمس الحارة؛ لأن بداخل أفئدتهم حرارة الشوق للقاء الله تعالى، حجيج لم يبالوا يوما بتعدد اللغات وتعدد الأجناس فهناك وهناك فقط يكون الرئيس والمزارع والملك والحطاب سواسية.

حناجر لا تصدح بالإثم وإنما هتاف واحد مناجية ربها ب”لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”.
ومع ذلك المشهد العظيم الذي يملأ الروح إجلالا وإعظاما لله الذي خضعت له هذه القلوب الحائرة ولم يكن لها من سكن لحط رحال أوجاعها إلا بيت الله الحرام تنزل الدموع من عيوننا خلسة من عظيم ما ترى ودعوة في القلب نهمس بها سرا بيننا وبين أنفسنا ” أن بلغنا يا الله حج بيتك المحرم وزيارة نبيك وخير خلقك ، بلغنا يا الله الوقوف بين يديك وبين يدي رسولك ”

وكما هي العادة أسرعت؛ لكي أُشاهد ذلك المنظر الذي أعدتنا عليه لسنوات وأعتاد عليه الأباء والأجداد…. ولكن!

ما شاهدته العين أوجع الفؤاد، فمنظر الكعبة هذه السنة وهي تقف وحيدة لابِسة لذلك اللون الأسود وكأنها أرتدت ثوب أحزانها كطفلة تركها أهلها وحيدة حائرة ضائعة، طفلة تركها من تثق بهم عند مفترق طرق ثم توالوا عنها مسرعين!

إن حال مكة اليوم كفتاة يتيمة تبكي وتصرخ ولكن صراخها لا يسمع ونداءها لا يستجاب!!!

لم يكن يتبادر للأذهان ولو لبرهة واحدة أن هذا سيحدث لمكان لم يتوقف الناس عن التوافد إليه منذ أزمنة عديدة
، منذ قال الله لنبيه إبراهيم _عليه السلام_ أن أذن في الناس وسوف ترى كيف ستأتي إليك الناس من كل فج عميق كما تحدث عن ذلك القرآن الكريم بقوله تعالى{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}.

يا نبي الله مكة اليوم تقف دونما مناصر، يا رسول الله مكة اليوم حزينة وحيدة دون مغيث.

.

You might also like