القوانين البشرية، ليست سنن إلهية.
إب نيوز ٢١ يوليو
عفاف البعداني.
القوانين التي وضعها الله في هذا الكون الفسيح، كشروق الشمس، ونزول الليل، وهطول المطر، وصعود الزرع، ونمو الجنين في رحم أمه هي : آيات بينة، وسنن ثابتة وغير قابلة للتغير، وأساسا ليس بمقدور أي أحد أن يأتي بمثلها فالله – عز وجل- خلقها وهيأها بهذا الشكل قبل أن نُخلق، وهو الموصوف -جل جلاله- بالحكمة والقدرة والإعجاز الإلهي، وحينما نفخ من روحه لكل البشرية وضع في فطرتهم ميول لكل ماهو خارج عن المألوف، كالتطلع لمعرفة المجهول، والإنتماء للقيم، وحب الحياة، نحن جميعنا نحب المبدعين، والمخترعين، والجميليين، نعشق الأصوات الشجية، والنصوص القريبة لذواتنا، ولوحات الفنانين الغامضة، ننبهر بأصحاب العقول العظيمة، ونطمئن لذوي الأخلاق الرفيعة، نركض وراء التميز، ونحلم بالسعادة، ونعشق البساطة ونبحث عن أهلها.
بطبيعة الإنسان يميل لكل هذه الأشياء وإن كان غير مسلم، لاحظو معي! ليسو المسلمين وحدهم من يحبوا الصادقين أو الطبيعة أو من يعشقوا الآمان الروحي، والعملي، والجغرافي، كل البشرية مجبولة على هذه السمة، على الحب، والرحمة، والصفاء، لذا إن هيجان الروح لن يهدأ إلا بحب الله، والعقل لن يتوقف عن هذيانه وتعمقه في الكون والفضاء، وتصوره لحقيقة الجنة والنار والموت والملائكة، إلا عندما يضع حدًا لتطلعه فيؤمن بالغيبيات، ولن تستريح نفسيته إلا عندما ترضى بما قسمه الله لها.
لأن النفس تواقة تحب كل شيء وتريد كل شيء ولن تشبع، فعندما نحصل على شيء نظل نبحث عن الشيء الآخر، وعندما نحصل عليه لا نكتفي، ننتقل لما بعده وهكذا تستمر بنا الحياة، فالرغبات كثيرة، والآمنيات لاتتوقف، والتطلعات مرهقة ومكلفة تميتنا أحيانا ونحن مازلنا على قيد الحياة ؛لكنّ القناعة، والتسليم المطلق لله، يؤدب النفس ويروضها على كل قدر ومكتوب، فنعيش بالشيء المتاح ولكن بسعادة وسكينة عامرة، إذًا الإنسان خُلق بهذه المزايا، لديه هيكل مغطى باللحم، ولديه عقل مليء بالرغبات والتصورات والتطلعات لايغطيه سوى معرفة الله، حتى الملحدين مهما تجرأو على الله نهاية المطاف يسلموا وإن لم يشاءوا ؛لأنهم يصلون لمرحلة جنونية من التصور، فيتيهون بالكون وعظمته، وعندما يلجؤون للمادة والطبيعة في تفسير أصغر مخلوق وجودي، حتما يصلون لمرحلة من الجنون، لن يستطيعوا حصر ماهية أصغر ذرة في الكون، بالمادة، لم يستطيعوا تأويل الروح وكيفية انتزاعها عن الجسد بالعقل المحدود، لذا يبقى الملحد في طريقين لاثالث لهما، إمّا أن يؤمن بالله، ويؤقن بتدبيره لكل هذا الكون، أو ينتهي به الأمر للجنون وهذا مانلاحظه في هذه الفئة.
و مع مرور السنين، وتواتر الحقب، والقرون لاحظنا أن بني البشر اكتسبوا مهارة العيش من الطبيعة والحياة وقصة الغراب الذي دفن أخيه، هو اكتساب في حدود المعيشة، وضعو قوانين وأسس وقوميات كان لها دورا فعالا في ترتيب الحياة بزمنهم، ولكن البعض خالف هذه القوانين فسخر كل قدراته العقلية وخرج عن المألوف بمعنى خالف مجموعة قوانين البشر التي كانت تقود نشاطهم وتصورهم الحياتي آنذاك بالقدر المحدود، بنظريات وقوانين جديدة، بكتب ومصطلحات مخالفة، فكان تنحيهم العقلي ؛سببا لإختراع مصباح وطائرة وسيارة، والوصول لمتن القمر، وبعضها كان محفزا لاكساب العقل مهارة العيش بطرق وأساليب جديدة.
كل هذه المراحل المتعددة التي شهدها الإنسان لم تخلق نفسها، إنني أتحدث عن تجارب عمالقة بسهولة الحرف وسطو القلم، ولكن الحقيقة مؤلمة وموجعة ياكرام، نعم أيها القارئين!! لم تكن ميسرة كما نحن نتصورها الآن حين نقرأ ونطالع ونشاهد، لا… الأمر معقدا للغاية، كل من كان سببا في اكتشاف واختراع قد تم محاربته، وسجنه وتعذيبه، من كل أصقاع الدنيا، فصاحب الفكرة الحرة ليس شخصا عاديا، وليست دمويته كباقي البشر، هو إنسان فرّق بين سنن الله التي لاتتغير، وبين قوانين وعادات بشرية كان لازما علينا تغيرها بكل جدية منذ زمن، دون أن نظل نقدسها ونمجدها دون أن نعي، وليس بالشيء الصعب أن تكن من ذوي تلك الفئة فليس المطلوب منك أن تكون رساما أو فنانا، أو مخترعا أو منشدا، لكل شخص رسالة محددة، ولكن المطلوب منك أن تكن واعيا فقط، كن متفتح العقل ولاتهز رأسك لكل فكرة، ولكل ما يقال لك ، خالف ناقض، فكر، اكتب، اخطأ، اضعف، افشل، ابكي، استسلم، اعترف، اعتذر، جربها كلها وستصل لمكان لم تكن تحلم به.
كفانا استنساخ للعادات والتقاليد والأفكار، كفانا استنساخ للتصور والحيثية، والقراءة والدراسة، والمعتقدات، نحن موجودين في هذا العالم ؛كي نثبت للكرة اﻷرضية إن كانت هي تمتلك جاذبية تسقط كل اﻷشياء نحوها بحسب نظرية *نيوتن* فنحن البشر بحسب الظروف والصروف لدينا جاذبية تفوقها، تستقطب المعقول وتترك المشؤوم في منظومة خارقة تتمثل في قدرات العقل الذي خص الله به بني آدم.
#اتحاد _ كاتبات_ اليمن.