في رحابِ علي
إب نيوز ٢٢ يوليو
الحوراء أحمد
ينتابُنا الحنين إلى ذاك الشجاع المقداد شوقاً في النظر لسيرته النيرة بنور الرسالة الإلهية ، التي عاش في أحضانها وبين يدي رسول الله{صلوات الله عليه وعلى آله} ، “عليٌ” في القرآن، و “حيدرٌ” في التوراة، و “إيليا” في الزبور ، توالت الأسماء لهذا الرجل العظيم لعظيم شأنهِ عند رسول الله، ومن عظُم عند رسول الله كان عظيماً عند الله ، تنورت سيرته بعطرٍ زكي ،وتناقلت أخباره زُهور الشذى، وذكرت مواقفهُ عظيمُ آيات الله.
كان ذاك “علي بن أبي طالب” الرجل الذي لم تندهش العقول لسيرته فحسب ، بل ذابت القلوب في النظر إلى سيرته التي لم تختلف عن سيرة حبيبنا رسول الله، لأننا وجدنا ذاك الشاهد لرسول الله يتلو بمواقِفةِ وأقواله وعلمه وحكمته آيات النبوة لرسول الله ، في الوقت الذي ضُيعت تلك الآيات ، فكان عليُ (عليه السلام) معجزة من معجزات رسول الله{صلوات الله عليه وآله}.
في ذلك الزمان حين تربى “حيدر” في بيت رسول الله وعلى يد رسول الله الشريفتين ، كان يمشي مع رسول الله كالفسل بأمه، فلم يفارق “النبي” إلا وقت نومه ، فكان شبيهاً برسول الله في كل شيء ، عاش مع النبي حتى أخذ منهُ العلم، والحكمة، والشجاعة، والقوة، والبصيرة، والدُرةُ الزهراء (عليها السلام) ، رافق رسول الله بكل معاركهِ وكان أ سدُ المعارك في الأرض، وبريقُ ضياءِ سيفهِ في السماء.
ففدى بنفسه رسول الله، وكان المقدم لقتل الكفر في “بدر” ، وحمى رسول الله وظل في الميدان “بأُُحد “، وبرز للكفر كلهِ وكان الإيمان كلهُ في “الخندق”، وأما عن “خيبر” فكان هو الكرار ليس بفرار من أحب الله وأحبه الله ، فلن يُهزم اليهود بكل أقطار العالم إلا على يد رجل من أهل بيت النبوة من أبناء عليٌ الذي هزمهم في “خيبر” ، كان في “تبوك” ، ثم الفتح ولم يتخلف عن جيش أسامة أثناء مرض رسول الله{صلوات الله عليه وآله}.
وقبل وفاة رسول الله وفي آخر حجٍ له ، سطع أمر الله لرسوله بأن يبلغ ما أنزل إليه من ربه ، إذا لم يُبلغه فكأنما لم يبلغ الرسالة ، نتوقف دقائق لنرى ذلك الأمر الذي قال الله عز وجل ، ولنرى أهمية هذا الموضوع الذي تتطلب إبلاغهُ أمام جمعٌ غفير من الحجاج من كل أقطار العالم ، وليشهده العالم كله.
في حرارة الشمس الرمضاء وقت الظهيرة، يتوقف الحُجاج ويرتفع أقتاب الإبل، ويتجمع الناس ويصعد الرسول والإمام علي فوق أقتاب الإبل ليراه الناس كافة ،ثم يؤكد على الناس البعيدين جداً لكثرتهم برفع يد الإمام علي ويد رسول الله الشريفة حتى بانت أبطيهما، وذا بصوت الحبيب المصطفى يملؤ غدير خم بقوله:
{إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فهذا عليُ مولاه، اللهم والي من والاه، وعادي من عاده، وانصر من نصره ، وأخذل من خذله}.
تولى عليُ الخلافة بعد رسول الله من ذلك اليوم فهناه كل الحاضرون ببخٍ بخٍ يابن أبي طالب أصبحت ولينا وولي كل مؤمن ، كان الأمر الإلهي أن يبلغ رسول الله ولاية الإمام علي (عليه السلام)،لتبقى الأمة على تماسكها بعد رسول الله، ولكن لم يكن ذلك فقد أخذوا الخلافة بعد وفاة الرسول وضيعوا الأمة حين ضيعوا أمر الله.
كان هذا الشرف العظيم للإمام علي لما تميز من قربه من الله ولِما امتاز من مكارمٍ لم يمتاز أحد مثله في ذلك الزمان بعد النبي ، فكان يوم الغدير هو العيد الذي اكتمل فيه الدين ونزلت فيه آخر آية من القرآن الكريم ، يقول الله. تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}.