معنى الولاية الحقيقي

إب نيوز ٢٨ يوليو

فاطمة محمد المهدي

عيد الغدير ، وذكرى يوم الولاية، يوم نصب رسول الله صلى الله عليه وآله، وبأمر من ربه عز وجل ، الإمام (علي بن ابي طالب) خليفة من بعده على المسلمين، ليس خليفة على ملك أو عرش أو كرسي حكم، بل على الأرض والناس والدين، وهذا الاستخلاف الرباني ليس عادياً، والمُستخلف ليس عاديا، ولا ينبغِ له أن يكون كذلك، إذ لا بد في خليفة الله ورسوله أن تجتمع فيه مقامات الاستخلاف كلها :- شريعة-طريقة-حقيقة، أي: الإمامة ، والولاية فاستخلاف شريعة هي الإمامة، والإمام هو المرجع في أمور الشريعة كلها، واستخلاف طريقة هي الولاية، فكل طرق أولياء الله مصدرها منها.

والإمام علي عليه السلام اجتمعت فيه مقامات الخلافة الربانية ، ما عدا النبوة، إذ ختمت بمحمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم، وإن كان في مقامها، كما عبر عن ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم ، في قوله للإمام علي عليه السلام :(أنت مني بمنزلة هارون من موسى) سيقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض :ماذا أراد الله بهذا مثلا؟ ومالنا وهذا اليوم قد ولى، وحدثً قد مضى وانتهى؟ نقول لهم :لا اليوم ولى ، ولا الحدث انتهى، فيوم الغدير ، يوم الولاية، هو يوم البيعة الخالدة، والحدث قائم وباقي الى قيام الساعة، فأيما مؤمن لم يعلن بيعته وتوليه للإمام علي عليه السلام، فبيعته لله ورسوله مجذومة وناقصة وباطلة بنص البيعة :(من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله).

أن البيعة تسليم وطاعة، والتولي محبة وأتباع واقتداء وعمل، فكيف يقول أولئك الذين في قلوبهم مرض، أن هذا الأمر انتهى، والله عز وجل يبين في كتابه الكريم ديمومته،
كيف ينسون أو يتجاهلون قول الحق عز وجل : {إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا }؟ فهل يصدر الله أمراً أو توجيهاً في كتابه، مقيداً ومحدداً بساعة أو يوم ، وبمكان وحدث؟حيث وإن أوامر الله وتوجيهاته ، هي سنن خالدة، ليست مقيدة ولا محددة بزمانٍ أو مكانٍ أو حدث، والله يقول:{أمِنوا} دائما وأبدا ً، وليس أمنوا والرسول بينكم فإذا مات اكفروا !والله يقول: {صلوا} يعني دائماً وأبدا ً.
والله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى دائماً وأبدا ً،فالولاية قاعدة إيمانية جوهرية وأساسية، مثلها مثل أركان الإيمان والصلاة والصوم والجهاد، بل هي إحدى عرى حبل الله الوثيق الذي أمرنا بالإعتصام به، وهي :الله ، والقرآن، والنبي ، والولي، والإمام.

يوم الغدير إذن ، يوم الولاية، ليس مجرد ذكرى تاريخية نحييها شكلاً، أو تعصباً لشخص؛ بل هو يوم تذكير بالبيعة وأهميتها في حياة كل مؤمن، ومناسبة لتجديد البيعة لمن لم يبايعوا أو لم يستوعبوا أهمية وخطورة هذا الأمر، وإن كان لا بد على كل مؤمن أن تكون بيعته لله ورسوله وللإمام علي ، ولمن يمثلهم من المؤمنين ، محمولة في قلبه أبدا، يجددها في كل لحظة، ويرددها في كل موقف، ومواجهة مع الحياة :اللهم إني أتولاك، وأتولى نبيك محمد صلى الله عليه واله وسلم، وأتولى وليك الامام علي عليه السلام، وأتولى أوليائك، وأتولى عبادك المؤمنين، وأبرؤ اليك من أعدائك، وأعداء أوليائك الى يوم الدين.

 

You might also like