ظٌروف مؤقتة..والفُ نافذةٌ للنور

إب نيوز ٢٨ يوليو

أمة الملك قوارة

من عواصف الابتلاءات، إلى تموج الاحداث كاأمواج البحار العاتية، ومن ثقل المصائب إلى انحناء النفوس وإنكسارها، يشتد الحبل، وتظلم الليالِ والنهارات، وتظيق الأمور بمالها من مُتسع، تاتي الشدة بكربها، يتبعها لليالٍ ثقال، ويليها أيامً عجاف، والحضات عُسر كاخسفٌ ولعنات سماوية توالت ! ليس ذلك في الحقيقة بل إنها نضرية المبتلي ، ولعل “مع العسر يسرا”هذة العبارة بالذات لها إبتسامتها وتمتمتها الجميلة فيما بعد؛ عندما يدرك المرء أن “سفينة ذا النّون” التي رمته في ملتقى البحار لم تكن لتغرقه، بل كانت تدفعه لصيد بعض الكنوز من المحيط.

وحدث أن “ذا النون”ألقي في البحر.
و”إبراهيم”يُلقى في النار.
و”يوسف” يُرمي في السجن.
و”موسى”يرحل عن مصر.
و”مريم”تُتهم من قومها.
و”عيسى”يُلاحق تعطشً لدمائه .
و”محمد”يُيُتم ويُرجم، ويَفقد أعز مالديه، ويُحاصر ، ويرحل عن مكة، لكن كل هؤلاءِ أنبياء ونحن لسنا أمثالهم! لطالما سمعت هذه العبارة، إذاً فسمع، نحن لم نواسيك بما حدث لهم لأنك نبي!، بل ياعزيزي لأنهم جميعهم أُرسلوا إليك، أنهم معصومين ومن أعظم خلقه، لكن للطف الله ورحمته بك، يجعل الله من أعز خلقة عبرةً وعظةً لك.

وأتت النتائج ليخرج”ذا النون” من بطن الحوت منتصراً بفضل الله ويرجع إلى قومه فيؤمنوا به جميعاً، ويجعل الله لإبراهيم النار برداً وسلاما معجزة له إلى يوم القيامة، وليخرج “يوسف” من السجن ليتولى زمام حكم مِصر ويقلب موازينها كااستخلاف له في الأرض وتمكين، وليعود “موسى” فاتحاً مصر ومطهرً لإرضها من فساد فرعون وذله لإهلها، ويرفع الله “عيسى”مكاناً عليا، حيث رفعه إليه، وليتخلص”محمد”من حب أو تعلق بغير الله، ويصبر في أعظم إبتلاء كان لبشر على وجه الأرض، وليصل إلى المدينة فتكون مركز لإنطلاقة دعوته؛ ولتصل رسالته إلى أقصى الأرض وأطرافها، وليغير بمفرده قوانين الارض ومن عليها في صورةٍ لم تحدث لإحدٍ قبله ولن تكون لإحدٍ بعده؛ إنها نتائج الابتلاءات المشرفة، والحكمة من وراء تجرع كؤوس العلقم، فالحياة لاتعطِ أحد دروس دون مقابل، ولن تعطِ الحياة لإحد نجاحاً دون أن يدفع ثمنه، ولن تقبلك الأرض كاخليفة فيها دون أن تصنعك بطريقةٍ تجعل منك معدنً عظيماً غير قابل للكسرِ أو الذوبان.

تأتِ ظروف مؤقتة قد تزعزع إركانك، وتخل بتوازنك، وقد تنزل عليك معها قطعاً من النار تحرق كل أحشائك، لكنها سترحل، وقبل أن ترحل ستجعل منك إما جبلً عظيمً، ومعدن محال معه الإنكسار، أو ستجعل منك غبارً وهشيمً تذروه الرياح، وليس لإحدٍ القدرة على إمتلاك قرار ماستكون بعدها، دونك أنت، فأحسن الإختيار؛ ولتدرك أن مع كل ظرفٍ قاسٍ ألف بوابة للنور تُفتح، وأعلم أن الحياة سترمي الضعفاء إلى نهرٍ لا حقوق لهم فيه.

تتولى الأحداث، وتنضج معها العقول، وتُبنى معها المدركات، وتظهر معها بوادر الحكمة والحِلم، ولكن البعض ما أن تمر عليه نائبة حتي يصدر معها عشرات التحاليل: (لقد نضجتُ وهاأنا أصبحت إبن التسعين عاماً من النضج ) هؤلاء أبناء العشرين من العمر ومن قد قرأوا ألف كتاب، ومرت بهم ألف حادثة، ومن يجدر بنا مناداتهم بإسم “شيوخ الحوادث الناضجون” من يصفون أنفسهم أنهم أبناء الثمانين والتسعين من النضج، وبعد هذه الفاصلة ساسحب منكم ألاسم! لايسعدني أن أخبركم بهذا ! لكن الحقيقة هو أنها تنتضركم ياأعزائي ثمانين إلى تسعين مرحلةً لتصلوا إلى النضج، نعم أنتم تنضجون مع كل مرحلة، لكن مالم تعلموه هو أن النضج لن يأتِ دفعة وأحدة، ولن تحصلوا عليه مع ألف حدث لمرحلة وأحدة، فلتتسع صدوركم، ينتضركم الكثير ، ولإصحاب الهمم تنتضركم معارك ومغامرات أخرى فكونوا على إستعداد لها.

أظلمت الليالِ وأتى الفجر بألف نافذةٍ للنور، وظلت تلك النجوم تلمع رغم تلبد السماء بالغيوم، وبعدها أشرقت الشمس بعد أن غطى الأرض الظلام ، أظلمت وشتدّت الرياح وتساقطت إلامطار وأنتهت العاصفة؛ لتبدأ الشمس بالظهور وتنبت الأرض بالزرع، إنها آيات الله ورسائله تبثها الطبيعة لنا، والحكيم من تدبروتأمل، وبإختصار سيظلم الليل حتى ينقشع، و سيشّتدّ الحبل حتى ينقطع، سيظيق ألامر حتى يتسع، ولم ولن يغلب عسراً يسرين.

 

You might also like