الاحتفال بيوم الغدير تعظيم للدين وفضح لأكاذيب المنكرين
إب نيوز ٢٨ يوليو
عدنان أحمد الجنيد
إن الوهابية قد بدَّعوا كل من يحتفل بالمناسبات الدينية التي تخص المسلمين، وتربطهم بنبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم- أو بآل بيته الطاهرين، أو بالأولياء الصالحين، بحجة أنها بدعة لم تكن بعهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولا بعهد الصحابة ولا بعهد التابعين، بينما نجدهم يحتفلون بأعيادهم الوطنية، بل ويحتفلون بأعياد تافهة ليس لها صلة لا بدينهم ولا حتى بإنسانيتهم، ولا تعود عليهم بأي نفع!!
أليس آل سعود يحتفلون في كل سنة بعيدهم الوطني الذي هو يوم تأسيس الدولة الوهابية في الحجاز، و يعلنون ذلك في مختلف وسائل الإعلام التي تقع تحت اختيارهم؟!.. وفي مناسبتهم هذه نجد كبار مسؤولي الدولة -في مملكة قرن الشيطان- يلقون الخطابات بهذه المناسبة، ناهيك عن أن ملك الوهابيين يتلقى برقيات التهنئة من كل مكان، وفي نفس الوقت تجده يبعث برقيات التهنئة إلى ملوك ورؤساء العالم بأعيادهم الوطنية، وكذلك يفعل سائر وزرائه ومن هم دونهم..
وهاهم الوهابيون يحتفلون بميلاد ولي عهدهم محمد بن سلمان، وقدموا له أنواع التهاني والتبريكات، واحتفلوا – أيضاً – بأعياد الكريسماس في الرياض مع مايرافقها من شرب الخمور والمحرمات الأخرى والعياذ بالله..
ولقد بلغت الوقاحة بولي العهد الأرعن أن شارك اليهود باحتفالاتهم بعيد حانوكا(1) برفقة أحبابه من اليهود وذلك في عاصمته الرياض..
ولايزال آل سعود الوهابيون يحتفون بسروال مؤسسهم عبدالعزيز آل سعود في متحف الجنادرية، وينظرون إليه أنه يمثل لهم أقدم قطعة أثريه في المملكة، فاحتفاؤهم ومحافظتهم لسروال مؤسسهم ومحبتهم له هو عين التكريم والتقديس والاحتفاء..
بينما آثار النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وآثار آل بيته وصحابته قد أزالوها من الوجود، وفي المقابل نجد الآثار اليهودية في خيبر وغيرها مازالوا محافظين عليها كمحافظتهم لسروال مؤسسهم..
أضف إلى ذلك أنهم مازالوا يحتفلون بأعياد أخرى كعيد الحب رغم أن علماءهم كانوا في السنوات الماضية يكفرون ويبدَّعون من يحتفل بها، ولكن اليوم من أجل تنفيذ رغبات أسيادهم الأمريكان أصبح علماء البلاط يحتفلون بأنفسهم بعيد الحب، وقد شاهدنا كيف كانوا يوزعون الورود احتفاءً بيوم عيد الحب، بينما نجدهم يبدَّعون و يكفرون المسلمين باحتفالهم بذكرى مناسبة مولد الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله وسلم- وبغيرها من المناسبات النبوية والعلوية الأخرى !!…
ولتعلم -أخي القارئ- أننا عندما نحتفي اليوم بمناسبة عيد الغدير إنما نفعل ذلك اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وبصحابته الكرام رضي الله عنهم ..
ألم يحتف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بهذه المناسبة وحشد لها تلك الجموع الغفيرة التي وصل عددهم إلى مائة وعشرين ألفاًً؟!..
قال السبط بن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص (2) ما نصه : ” اتفق علماء السِّير أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة ،جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفاً، وقال : ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” الحديث نص -صلى الله عليه وآله وسلم- على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة ” إه.
إذاًً النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- احتفى بهذه المناسبة، وقبل خطبته في غدير خم كان قد هيأ لها من حيث اختيار المكان المناسب، وأمر بعض الصحابة بأن يقوموا بكنس الشوك من تحت بعض الأشجار، ثم برص أقتاب الإبل ليصعد عليها وبجانبه الإمام علي -عليه السلام – حتى يراهما الناس جميعهم، ثم بعد ذلك ألقى خطبته الشهيرة حتى طار خبرها في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، وبعد خطبة الغدير جاء الصحابة -رضي الله عنهم- يهنئون علي بن أبي طالب -عليه السلام- منهم عمر بن الخطاب حيث قال لعلي -عليه السلام- : ” هنيئاً لك يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ” (3).
قلتُ : أ ليست هذه المراسيم التي قام وأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهذه التهاني تدل دلالة قاطعة على احتفائه واحتفاله -صلى الله عليه وآله وسلم- وصحابته بحادثة الغدير ؟ !!
فنحن عندما نحتفي بهذه المناسبة إنما هو اقتداء برسول الله وبآل بيته العظام وبصحابته الكرام ..
كذلك نحن عندما نحتفي ونحتفل بذكر يوم الولاية إنما هو من باب الشكر لله؛ لأنه أكمل لنا في مثل هذا اليوم دينه، وأتم علينا نعمته، ورسم للأمة طريق سعادتها ونجاتها، قال تعالى :(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَام)[المائدة : 3]
وقد اتفق الكثير (4) من المفسرين والمحدثين على أن هذه الآية نزلت في غدير خم بعد انتهاء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من خطبة الغدير ..
ثم كيف لا نفرح ونحتفل بهذه المناسبة والله يقول : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّـهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس :٥٨]؟!.
وهل هناك أعظم من هذا الفضل الإلهي بأن أكمل لنا دينه وأتم علينا نعمته بولاية أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام؟!..
ويقول تعالى -أيضاً- (وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّـهِ )[إبراهيم :5]
وأيام الله هي الأحداث الجسيمة والنعم العظيمة والمناسبات الفخيمة, ومعلوم أن حادثة غدير خم تُعدُّ حدثاً تاريخياً عظيماً يتعلق بمصير الأمة، فضلاً عن كونها نعمةً كبيرة على هذه الأمة بإكمال دينها وإتمام نعمته عليها..
وممّا لاشك فيه أن الاحتفاء بمناسبة عيد الغدير يُعدّ – أيضاً – من مصاديق هذه الآية – الآنفة الذكر – والتي قبلها، وكذلك من مصاديق قوله تعالى : (َ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب)ِ[الحج :32]..
فإذا كانت مناسك الحج من شعائر الله، وحتى البدن المهداة للبيت وماتقلد به من لحاء أو من نعال أو من غيرها
تُعدّ -أيضاً- من شعائر الله، الأمر الذي يستوجب تعظيمها لارتباطها بدين الله الحنيف ..
فكيف بمناسبة الغدير المرتبطة بأعظم شخصية بعد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- الذي يُعدُّ من أعظم علامات دين الله، ناهيك عن أن هذه المناسبة تربط الأمة بدينها الحقيقي الذي فيه سعادتها ونجاتها ونصرها، إن هي تولت من أمرها الله بتوليهم، فكيف بعد هذا تكون بدعة ولايجوز الاحتفال بها ؟!..
وأما قولهم: “إن الاحتفال بهذه المناسبة بدعة” ، فقد بينا في بعض أبحاثنا(5) معنى البدعة، وبينا -هناك- أن جميع المناسبات الدينية المرتبطة بالرسول -صلوات الله عليه وآله وسلم- أو بآل بيته، أو بأولياء الله، كلها تدخل في عموم الآيات التي تأمرنا بتعظيم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أو تأمر بالفرح برحمته وبفضله، أو تأمرنا بتعظيم شعائر الله، ولقد ذكرنا بعض الآيات آنفاً..
وكذلك تدخل في عموم الأحاديث الصحيحة المرتبطة بمثل هذه المناسبات.
هذا والحمدلله رب العالمين
……الهامش…..
(1) نشرت صفحة ” إسرائيل تتكلم بالعربية” صوراً وتسجيل فيديو يُظهران فيهما احتفالات أجراها أبناء الجالية اليهودية في كل من دبي والرياض ، وهذه الصفحة تابعة لخارجية الاحتلال.
(2) ” تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة ” السبط بن الجوزي [ ٢٦٥/١ – ٢٦٦ ] – تحقيق حسين تقي الطبعة الثانية – ١٤٣٣ هـ .
(3) ” تذكرة الخواص ” [ ٢٦٢/١ ]
قلت : وقد سبق أن خرجنا هذا الحديث في مقالنا الموسوم ب”الدليل على من يحاول تغطية شمس حديث الغدير بالتحريف والتبديل ” .
(4) سبق أن ذكرنا – في مقالاتنا السابقة – بعض المصادر التي ذكرت أن آية الإكمال نزلت بعد الإنتهاء من خطبة غدير خم .
(5) انظر بحثنا ” مشروعية الاحتفال بمولد المصطفى ”
https://t.me/Adnan_Algonied