جحود الولاية سبب شقاء الأمة وتعاستها
إب نيوز ٢٨ يوليو
منير الشامي
تعتبر واقعة الغدير في ذلك اليوم المشهود والمشهور البيان الختامي للرسالة المحمدية والبيان الختامي لولاية الإمام علي عليه السلام
لأنها كانت ومازالت الحدث الأهم والأخير في رسالة الإسلام وبلاغ الولاية ولأن الله أكمل دينه بها للامام علي عليه السلام على اﻷمة – ولاية كاملة وشاملة باعتبارها امتداد لولاية الله ورسوله عليها، وبها أتم نعمة الاسلام وارتضاه دينا لعباده، وهي البيان الختامي لولاية الإمام علي -عليه السلام- لأنها مثلت البلاغ النهائي للأمة بأمر من الله سبحانه وتعالى في قوله جل من قائل عليم ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَـمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)
ففرض الله سبحانه تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تبليغ هذا الأمر فرضا حيث خاطبه بقوله يا أيها الرسول ليذكره بأنه رسول ومهمته التبليغ موضحا له في سياق أمره بالآية أنه إن لم يفعل ما أمره به، ويبلغ الناس بأمر ولاية الإمام علي -عليه السلام- فما بلغ رسالته، وهذا يعني أن الولاية هي تاج الرسالة وجوهر الدعوة وروح الإسلام وبدونها يكون الإسلام مجرد اسم لا ديانه ومعتقد خال من مضمونه اجوف بلا مضمون كما يبدو من سياق الآية وبخطاب الإنذار وكأن الله يقول لنبيه إذا لم تبلغ هذا الأمر فكأنك لم تبلغ شيئا من الرسالة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ان بلاغ الولاية في ذلك اليوم لا يقل عن بلاغ النبي للناس طيلة 23 عاما.
وما يثبت ذلك أن الله أنزل على النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد أن بلغ هذا الأمر قوله تعالى (ٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
وبتأمل هذه الآية يتبين لنا أن الله سبحانه وتعالى يقول لنا- بالولاية انقطع أمل الذين كفروا في القضاء على دين الإسلام نهائيا وفلا تخشوهم إن سلمتم بولاية الإمام علي، وعليكم أن تخشوني إن فرطتم فيها، فبها اكملت لكم الدين واتممت عليكم نعمتي العظيمة ورضيت لكم الإسلام دينا بهذه الولاية وعلى هذا النحو أما بدونها فلا رضى لي بدونها- وهذه اﻵيات جاءت خاتمة للنصوص من الكتاب والسنة التي سبقتها وبينت ولي أمر الأمة ودينها بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشخصه وصفته كقول الله تبارك وتعالى ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )
ثم بين سبحانه وتعالى بعد هذه الآية مباشرة أن حزب الله ورجاله هم السامعين والمطيعين لله في هذا الامر وأن عاقبة التسليم بولاية الإمام علي- عليه السلام – هي العزة والكرامة والقوة والغلبة والتأييد من الله بقوله جل وعلا ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )
وكذلك الكثير مما ورد على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وسلم كحديث الثقلين وحديث السفينة وحديث المنزلة وحديث يوم الاحزاب وحديث تبليغ سورة براءة وغيرها من الأحاديث الصحيحة المتواترة والمعلومة للأمة بسنتها وشيعتها
إن النصوص التي ذكرناها آنفا كلها تدل دلالة قاطعة على أن داء الأمة هو جحود ولاية الإمام علي عليه السلام وهي في ذات الوقت ترد على كل فرقة جاحدة لولاية الإمام علي -عليه السلام – وتفند كل شبهاتهم الداحضة ليس ذلك فحسب بل إن الآيةرقم (54) التي سبقت آية حصر ولاية الأمة رقم (55) من سورة المائدة تؤكد
أن إنكار ولاية الإمام علي -عليه السلام- ارتداد عن الدين كله كما أن الآية التي أمر الله رسوله بتبليغ الولاية فيها حكمت على من لم يقبل ولاية الإمام علي -عليه السلام – بالكفر حيث ختمها الله بقوله (إن الله لا يهدي القوم الكافرين)
وهذه العلامات الظاهرة كلها إنما أوردها الله سبحانه وتعالى لتكون حجج دامغة وكاملة على كل من ينكر الولاية أو يأول نصوصها إلى غير مغازيها، بدء من يوم السقيفة وحتى ابن تيمية الذي قال أن حديث الغدير ليس فيه ما يدل على تعيين الخلافة للامام علي، متجاهلا النصوص الصريحة الواضحة، وكذلك ذهب على هذا النحو بن كثير وآخرين من أمثالهم الذين ساهموا بشكل مباشر في اضلال الكثير من الناس عبر الأجيال المتعاقبة، وطوال أربعة عشر قرنا واﻷمة على هذا المنوال تعيش حالة الضعف والهوان والانهزامية وفي انحدار وسقوط متواصل دون توقف وانقسام وتشظي بين آفات الفتن ونيرانها وفي وحل الصراع وسيول الدماء حتى اليوم وكل ذلك لأنها استجابت لداعي الشيطان وداعي اعداءها، وما كان ليحدث لها ذلك لو استجابوا لله حينما دعاهم لما يحييهم في يوم الغدير، وستظل على هذ
الحال المخزي والمرزي ما دامت بعيدة عن تولي الإمام علي -عليه السلام- وعن الثقلين الاكبر والأصغر وعن الدرب الذي ارتضاه الله لها وحذرها عن الانحراف عنه.