تلك أمة قد خلت .. أم أنها في الطريق إلى ذلك ؟!
إب نيوز ٣٠ يوليو
عبدالملك سام
ماهي الفائدة المرجوة من الاحتفال بعيد الغدير إذا قد كان هناك ممن حضر الموقف قد تراجع عن موقفه وأنكر الأمر برمته ؟! وهل الموضوع يختص بـ علي بن أبي طالب وزمنه فقط ؟! ولماذا يصر البعض أن يجعل المناسبة فرصة للمقارنة واثارة النزاعات بين المسلمين ؟! اليست تلك امة قد خلت ؟! الموضوع دسم جدا كما ترون ، ولكني سأحاول أن اختصره قدر الإمكان ، فأنا أعرف ان من يقرأ عن هذا الموضوع هم الموالون لعلي فقط ، أما من يخالفهم الرأي فلن يقرأ ، وإذا قرأ لن يفهم ، وإذا فهم لن يستوعب ، وإذا أستوعب فلتتأكدوا أن هناك معجزة قد حدثت.
الأحتفال بعيد الغدير تعبير جماهيري عن تأييد وتصديق وأتباع لحديث يعتبر من أصح الأحاديث التي وصلتنا عن الرسول (ص) ، والغريب والعجيب أن هذا الحديث – على صحته – إلا أنه أكثر الأحاديث التي تعرضت للتجاهل والتأويل والتكذيب حتى ! من أمة تدعي أنها تحب أن تتبع سنة نبيها ، ولا عجب فقد تم تسيس الحديث بحسب الأهواء ، ولعمري ما أكثر ما أفسدت السياسة في حياة المسلمين منذ السقيفة وحتى اليوم ! ولو أن المسلمين صدقوا وعملوا حسب ما ارشدهم الرسول (ص) ما حصل الذي حصل عبر قرون حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم ، الأمة الأكثر أنحطاطا وذلا في العالم رغم عددها وما تملكه من ثروات لو كانت بيد أمة اخرى لسادت العالم !!
فلنفترض أن الحديث لم يفهم من قبل البعض ، وأن حديث “أنت مني بمنزلة هارون من موسى” وأحاديث كثيرة في علي (ع) لم يقلها النبي أصلا ، فهذا كله يدل على خلل كبير في الأمة التي لم تختر الأفضل ليتولى شئوونها رغم معرفتها بمكانته وقرابته وشجاعته وأخلاقه وعلمه !! لو كنا في بلد أوروبي مثلا ومات الملك لأجتمع الناس على أختيار الأقرب للملك مهما كانت شخصيته ، فما بالكم بشخص كعلي بن ابي طالب (ع) الذي كلما أراد كاتب أو عالم أن يكتب عن شخصيات تلك الفترة لا يجد مناصا من أن يكتب نصف أو ثلث كتابه على الأقل في شخصية علي ؟! شخص أختيرت كلماته كأفضل تراث إنساني في الأمم المتحدة بعد أكثر من الف سنة ، وملأت عباراته ومواقفه الكتب بلغات العالم ، وبعد هذا كله يأتي من يحدثنا عن التفضيل والمقارنة !!
أنا هنا أريد أن أؤكد أن علي (ع) يعتبر معيارا لمن يجب أن يلي أمر هذه الأمة ، وأن تجاهل هذا الأمر سيؤدي بنا إلى مزيد من السقوط والأنحدار ولن تستطيع الأمة – مهما حاولت – أن تخرج مما هي فيه إلا بمعرفة أهمية أمر “الولاية” في الإسلام ، وستظل تتخبط وتنحدر وتهزم في جميع المعارك التي تخوضها مادامت لم تنصر هذه القضية : “وأنصر من نصره ، وأخذل من خذله” .. لقد جربنا كل الطرق ، وأعتنقنا كل الثقافات الشرقية والغربية ، ورغم كل هذا ظللنا نتجنب هذه الثقافة ونحاربها ونعاندها ونسخر ممن يعرضها علينا ! اليوم ماذا تبقى أمامنا ونحن نرى أن الأعداء تكالبوا علينا حتى وصل الأمر لتحليل الحرام في مجتمعات تسلط عليها العملاء ؟! واتجه الشباب إلى ثقافات الانحلال والألحاد بعد أن يأسوا من الحلول المغشوشة التي أجبروا على أعتناقها ؟!
تلك أمة لم تخلو بعد ، والمصيبة أن تخلو أمة محمد (ص) من الوجود وهي ستحاسب في الأخرة على تقصيرها بعد أن جعلها الله شاهدة على باقي الأمم لتوصل رسالته اليها ! فكيف يقول الله سبحانه وتعالى: “اليوم أكملت لكم دينكم” وهو لم يحدد لنا أبسط معيار سياسي لأختيار الحاكم بينما أقل النظريات السياسية لم تهمل هذا الجانب ؟! احذروا المضلين وأبواق الأعداء في الداخل ، وتأكدوا أن الحل موجود في ديننا ، ولكن الأعداء أستطاعوا أن يموهوا ويزيفوا فهمنا ، وبإمكاننا أن نخرج من كل هذا بأن نتأكد ونفهم ونقر بعد ذلك بتعاليم نبينا (ص) لنضمن مستقبلنا ونعيش أمة عزيزة كريمة ، وفي الأول والأخير نحن سنعرف كيف نختار من يتولى أمورنا ويخدمنا نحن ، فلنتوقف لحظة ونفكر في المعايير التي يجب أن تتوفر فيمن يتولى أمورنا ، وأنا متأكد من أننا لن نجد أفضل ولا أنسب من المعايير التي أختارها الله ورسوله لنا ، أليس كذلك ؟!