قصيدة جديدة للشاعر الكبير معاذ الجنيد بعنوان “سِيْرَةُ البَدْر”
إب نيوز ٥ أغسطس
#الشاعر_معاذ_الجنيد:
“سِيْرَةُ البَدْر”
(قُلْ هُوَ الله أحَدٌ) يتسَامَى
خلقَ الأرضَ والسما والأناما
قائمٌ، دائمٌ، عزيزٌ، عليمٌ
جعلَ النورَ آيةً والظلاما
نَظَمَ الأمرَ في السما.. وإلينا
أنزلَ الدِّينَ منهجاً ونِظاما
(اصطَفَى آدَمَاً ونُوحَاً) و(هُوداً)
ثُمَّ آتَى (موسى الكتابَ تَمَاما)
وبِذُرِيَّةِ (الخليلِ) اجتِباءاً
جعلَ الأنبياءَ والأعلاما
إذ دعاهُ (الخليلُ): واجنُبنِي ربِّي
(وبَنِيَّ أنْ نعبُدَ الأصناما)
ربي وابعث منهم وفيهم رسولاً
منك يتلو الكتابَ والأحكاما
فاصطفى خاتمَ النبِيَّين نوراً
ملأَ الكونَ رحمةً وسلاما
مُنزِلاً من لَدُنْهُ ذِكراً حكيماً
للرسالات جامِعاً وختاما
وانتهَتْ (حِجّةُ الوداعِ) بأمرٍ
كان تبليغُهُ عليهِ لِزاما
حينها أورثَ الكتابَ عليَّاً
أكملَ الدينَ.. أتممَ الإنعاما
قائماً إثرَ قائمٍ يجتبيهم
من تولَّاهُمُ اهتدى واستقاما
ثُمَّ في جاهليَّةٍ هي أدهى
من سواها ضلالةً وانقساما
(عالِمُ الغَيْبِ والشَهَادَةِ) حاشا
يتركَ الناسَ دون هادٍ يتامى
في زمانٍ بمُرسلٍ نحنُ أولى
بعثَ (البدرَ) هادياً وإماما
فلهُ الحمدُ مُبدئاً ومُعيداً
ولهُ الشُكرُ واسعاً علَّاما
* * *
قبل أن يصنعوا شياطينَ (نجدٍ)
ضدَّ إسلامنا الحنيفِ انتقاما
هيَّأَ القاهرُ العليمُ (أميراً)
(بدرُهُ) سوف ينصُرُ الإسلاما
طلعَ (البدرُ) للبلادِ نجاةً
رحمةً، عزَّةً، هُدىً، إكراما
مُنذُ ميلادهِ بـ(ضحيان) طفلاً
وَرِثَ العلمَ عن أبيهِ غلاما
عاشقٌ للكتابِ وهو ابنُ سبعٍ
بين آياتِهِ نما وتنامى
من تُقى جدّهِ وصبرِ أبيهِ
وهُدى الآل جاءَ بدراً تماما
سِبطُ أسباطِ (أحمدٍ) جاءَ مِمَّن
جاءَ فيهم: (ويُطعِمونَ الطعاما)
حمَلَ العلمَ عامِلاً فيه حتى
صارَ فيهِ المُربِّيَ المِقداما
كان للدين حارساً يتصَدَّى
كلَّما وجَّهوا إليهِ السهاما
كلَّما حرَّفوا من الدينِ أمراً
غِيرةً منهُ لا يذوق المناما
سَلَّ (إيجازَهُ) (بيانَ سبيلٍ)
بالبراهين يُفحِمُ الإفحاما
(وبتفسيرهُ المُيسَّرِ) يمضي
هادياً أنفُساً.. مُزيحاً ظلاما
عاشَ بالحقِّ صادِعاً في زمانٍ
أعلمُ القومِ بالسكوتِ تعامَى
مُصلِحاً مُرشِداً وبدراً مُهابَاً
في رِضا الله لا يخافُ ملاما
مُنفقاً مُحسناً رؤوفاً رحيماً
يغمرُ الناسَ رحمةً ووئاما
شامخاً ثابتاً بربِّ البرايا
يتحدَّى الملوكَ والحُكَّاما
لم يُضِع ساعةً من العمر لهواً
الثواني يُعدُّها أياما
بلغَ الحِلمُ والتُقى فيه حدَّاً
لا تُوفِّيهِ لو تحدثتَ عاما
مَشِّطِ الأرضَ عالَماً وشُعوباً
لن ترى مثلَهُ تُقىً والتِزاما
كان فرداً وفي سجاياهُ تلقى
كلَّ أبائهِ الهُداةِ القُدامى
جسَّدَ الدينَ واقِعاً عملِيَّاً
ولهُ أرجعَ الجهادَ سِناما
حاملاً مبدأَ التوحُّدَ هَمَّاً
يُنذِرُ المسلمين شرقاً وشاما:
أيُّها المسلمون ما من إلهٍ
غيرُ ربِّ الأنامِ يهدي الأناما
(فَاستَقِيمُوا إِلَيهِ واستَغفِرُوهُ)
واعبدوهُ توكُّلاً واعتصاما
* * *
عرَفَتْ قدرَهُ اليهودُ قديماً
قبل أن يُشهِرَ (الحسينُ) حُساما
عرَفَتهُ اليهودُ قبل بلادي
خوفُهُم منهُ لم يكُن أوهاما
حاولوا قتلَهُ مراراً وشاءتْ
قُدرةُ الله أن يُتِمَّ المَهَاما
قَلَّ أنصارُهُ ورُبَّ قليلٍ
أصبحوا اليوم أُمّةً تترامَى
قَلَّ أنصارُهُ وما تلك إلا
آيةٌ.. كيف بالقليلِ أقامَا…
كيف من قِلَّةٍ بأقسى ظروفٍ
واجَهَ المجرمين والإجراما
إنَّما هذهِ (المسيرةُ) بعضٌ
من عطاياهُ.. فهي كانت جِساما
هؤلاءِ المجاهدون جميعاً
كانَ هُمْ وَحْدَهُ.. وكانوا انعِداما
فمضى يصنعُ الرجالَ يُربَّي
ويُنيرُ القلوبَ والأفهاما
وكأيِّن من قريةٍ حلَّ فيها
فرأتهُ الأمانَ والصمَّاما
حصَّنَ الوعيَ في صدورِ بنيها
حرَّرَ الفِكرَ.. علَّمَ الأحكاما
شدَّ أبناءها إلى الله حُبَّاً
ومن الظُلمِ أنصفَ الأرحاما
فغدتْ قِبلةً وهِجرةَ عِلمٍ
نحوها السيرُ يُشبِهُ الإحراما
فإذا ما اهتدى الجميعُ عليها
وأراهُم حلالهُم والحراما
صَهَلَ (الرَبْوُ) فيه يدعوه: يَمِّمْ
قريةً غيرها وشُدَّ الحِزاما
رحلَ (البدرُ) باحثاً عن هواءٍ
وهو كان الهواءَ والأنساما
مُستغِلّاً لأزمةِ (الرَبْو) ضعناً
ينشرُ الدينَ.. يُرشدُ الأقواما
رَحِمَ الله (سيِّدي بدر) حتى
داءَهُ كان يُبرِئُ الأسقاما
كلّما اضطرَّ أن يُهاجرَ أرضاً
هاجرت خلفهُ القلوبُ غراما
دخلَتْ حينها القرى وبَنُوها
في اختصامٍ وألقوا الأقلاما
أيُّهُم يستضيفهُ؟ كلُّ دارٍ
أمسكَتْ ثوبَهُ: اتّخذِني مُقاما
قدَّرَ الله عُمرَهُ أين يُقضى
دبَّرَ الأمرَ.. قسَّمَ الأعواما
فلـ(خولان عامرٍ) أن تُباهي
ولنا أن نُناطِحَ الأجراما
* * *
إنَّ من خرَّجَ (الحسينَ) و(زيداً)
و(أخا زيد) والكِرامَ الكِراما
وأخا القائدِ (الحسين) وقوماً
استمدوا الجهادَ والاقداما
هو بالحقِّ نعمةٌ فاشكروها
سبِّحوا الله واحمدوه دواما
كلُّ ما نحنُ فيهِ غرسُ يديهِ
بعدهُ عزَّ قدرُنا أن نُضاما
هذه الرِفعَةُ التي نحن فيها
خاض من أجلها الحُتوفَ اقتحاما
هيَّأَ الناسَ للمسيرةِ حتى
لامسَ الهديُ في النفوس انسجاما
* * *
بعد عمرٍ من الجهادِ طويلٍ
ذاق فيه العناءَ والآلاما
اجتبى الله من سناهُ وليَّاً
حينها قلَّدَ (الحسينَ) الزِماما
ورأى جُهدَهُ العظيمَ أخيراً
صار نهجاً وأُمّةً وإماما
خبرُ الحرب كان أعظمَ بُشرى
عند (بدر الهدى) يراها وِساما
ولطلابه يسوقُ التهاني:
بلَّغَ الله بالجهاد المراما
كان كهفَ المجاهدين ملاذاً
كان يأتي سكينةً وغماما
كان يزدادُ قوّةً وثباتاً
كلما زادت الحروبُ احتِداما
عزمُهُ يُخجلُ الشبابَ نشاطاً
مُولِيَاً أصغرَ الأمورِ اهتماما
أصبرُ الصابرين لو أن طوداً
عاشَ ما عاشهُ لصار حُطاما
جُلُّ طلابِهِ ارتقوا وهو يدعو:
ربَّنا اغفِرْ وثبِّتِ الأقداما
كلما شيّعوا حفيداً أو ابناً
يحمدُ الله لا يقول: إلى ما؟
عندما ودَّعَ (الحسينَ) شهيداً
بارَكَ الله صبرَهُ وأداما
باعِثاً للورى (أبا جبريلٍ)
علَمَاً، قائداً، شجاعاً، هُماما
لم تزل حول (سيِّدي بدر) تجري
سُنَّةُ الله حِكمةً واحتِكاما
أكملَ العُمرَ في القِفارِ طريداً
وهو يسقي الطغاةَ موتاً زؤاما
أقلقَ الظالمين في البحث عنهُ
وأذلَّ المنافقين اللئاما
عاشَ لله قانتاً ومُنيباً
ولهُ عبَّدَ الثمانينَ عاما
فأراهُ الإلهُ ما كان يرجو
واقِعاً عاشَ فيه لا أحلاما
قِفْ بأيامِهِ الأخيرةِ لمَّا
أوهنَ العمرُ جسمَهُ والعِظاما
صار لا يقدِرُ الوقوفَ لشيءٍ
إنَّما لم يزل يُصلِّي قياما
إنّهُ العشقُ للإلهِ عظيمٌ
حين يستوطِنُ الرجالَ العِظاما
بالتُقى الكامِلِ الذي كان فيهِ
أدهشَ (البدرُ) كاتِبينَ كِراما
* * *
(سيِّدي بدر).. وانحنى الشعرُ عجزاً
(سيِّدي بدر).. وانحنيتُ احتراما
(سيِّدي بدر).. واللغاتُ حيارَى
وأضاعَ الكلامُ فيه الكلاما
لا يُوفِّيهِ غيرُ جنَّةِ خُلدٍ
فهو في نيلها استحقَّ المُقاما
جنَّةٍ يلتقي النبيِّين فيها
ويُلَقَّى تحيَّةً وسلاما
#معاذ_الجنيد
#سيرة_البدر