عاشوراء…. شمس الإنسانية التي لا تغيب رغم محاولات التغييب
إب نيوز ١٣ أغسطس
منير الشامي
سخرت الدولة الاموية وكل من والاها والقوى الطاغوتية التي من طينتها وجاءت من بعدها منذ عهد يزيد وحتى اليوم وسخروا كل امكانياتهم وجهودهم لطمس معالم ثورة الامام الحسين – عليه السلام- “ملحمة كربلاء” حاربوها بكل الطرق وبمختلف الاساليب بقلب حقائقها وبتزوير احداثها وبتغيير وقائعها وبتشويه صورتها وبذم رجالها وبقمع عشاقها وما تركوا طريقةإلا ومارسوها ولا وسيلة إلا واستخدموها ولو استطاعوا حذفها من صحائف التاريخ وشطبها من اسفاره لفعلوا ذلك حتى ولو كلفهم انفسهم وكل ما يملكون، ومع ذلك لم ينجحوا في ذلك وفشلوا وفشلت كل جهودهم و خابت كل مساعيهم، واندثرت كل امكانياتهم، وتلاشت كل مراميهم ولا زالوا يجنون خيبة فشلهم جيلا بعد جيل إلى اليوم ، ربما استطاعوا تغييبها عن واقع العامة من مجتمعات الأمة خلال فترات زمنية متفاوته لكنهم فشلوا في محوها من أفئدة احرارها الأتقياء، وفشلوا في انتزاعها من قلوب مؤمنيها الأنقياء ، الذين كانوا في الأمة جسورا امينة لملحمة عاشوراء انتقلت عليها إلى اجيالها المتعاقبة جيلا بعد آخر فكانت ولا تزال حاضرة في وجدان اخيارهم متأججة في مشاعر اكارمهم ساطعة في وجدان سمواتهم بأنوار الثائرين وامامهم-عليه وعليهم السلام – وسطعت في آفاق الكون رغم حروبهم الضروس لها وعبرت كل البحار والحدود رغم حصارهم المحكم عليها فتجاوزت اسوارهم وتخطت رغم انوفهم، وفاح شذى عبيرها الزاكي في مشارق الأرض ومغاربها واصبحت للعالم كله ملحمة الإنسانية المستضعفة ودرب ها للتحرر والانعتاق، وكعبة للحرية وقلعة للمساواة ومدرسة للتضحية، وأكادمية للعدالة، وكلية للشهادة والعطاء، وجامعة للقيم الانسانية والمبادئ النبيلة
ويرجع السبب في ذلك إلى أن
عاشوراء …. ليس مجرد حدث عابر في سجل التاريخ بل هو ثقافة ثورية تراكمية شاملة، ومنهجية عظيمة جمعت كل خصائص الإنسانية ومعانيها، خطها الإمام الحسين بدمائه الزكية ودماء أهله وأصحابه الذين آثروا معه الخلود على الفناء من الوجود، فبنى صروح مجدها التليد بجماجم طاهرة أبت إلا أن تسقط بساحته وتحت أقدامه قبل جمجمته
وجسدها بأعظم تضحية قدمت ثمنا للحرية والعدالة والحق والمساواة ومن اجل إحيا القيم والمبادئ الإنسانية السامية، وخط-عليه السلام- نهج مواجهة الطغاة ودرب رفض الطغيان ورسم خارطة انتصار الدم على السيف لكل أجيال الإنسانية على سطح الأرض حتى زوال الدنيا ومن عليها، ولذلك فلا غرابة أن غدت ملحمة كربلاء وثورة عاشوراء ملحمة التاريخ البشري وكعبة يقصدها كل الاحرار و الشرفاء من مختلف اصقاع الارض ليتزودوا منها بالشجاعة الحسينية ويتسلحوا بصمودها الاسطوري وينهلوا من معين ثبات حسينها وانصاره ،وليتعلموا منها أعظم دروس التضحية والبذل والعطاء والجود بأغلى ما يملكون في سبيل رفع الظلم والطغيان والمعاناة عن الانسانية المستضعفة ، وصارت أيضا أكاديمية صناعة العظماء يستلهمون منها حب التضحية وعشق الحرية ورفض الخضوع والخنوع لقوى الطاغوت واحزاب الجبروت ، وستبقى قلعة الخلود والمجد الانساني إلى ما شاء الله تبارك وتعالى ولو كره الحاقدون