الأهداف السياسية لكربلاء
إب نيوز ١٨ أغسطس
أمة الملك قوارة
“إنما خرجت للإصلاح في أمة جدي”
لافتة خروج الحسين، وذلك عندماينتشر الفساد، وتضيع معه الحقوق، ويبسط الظالم على ما ليس له، ويجوع الناس، ويعيث الوالي في ولايته فساداً وبطرا، ويبقى غالبية الناس في وضعية المحايدة، بين صرخات ظمائرهم وسكوتهم؛ خوفا من تجرؤ اليد التي قد تبطش بهم، فما الذي كان يجب على أبن بنت رسول الله في واقع مثل هذا؟!
يرسل يزيد للحسين ليبايعه، وهنا يرفض الحسين مبايعته؛ لأن الأمة تعيش في مستنقع من الظلم والفساد؛ بسبب ولاية معاوية فكيف إذا تولى إبنه يزيد المعروف بطيشه أمر خلافة المسلمين؟بعد ذلك يصل خبر رفض المبايعة إلى يزيد؛ ليتخد بعدها الجهوزية التامة للرد على أي فعل يصدره الحسين، لكن عندما كانت الأمة مسؤولية كل فرد فيها، خرج سبط رسول الله وهو يعلم من يواجه، وما الذي قد يدفعه من ثمن في سبيل ذلك، وإنما حرقة على الحضيض التي وصلت إليه الأمة، حيث كان السكوت عار عليه، وذل لمن وصفوا أنفسهم بالمؤمنين، وفي ظل تلك الظروف التي عاشتها الأمة في خلافة معاوية إلى انتقال الولاية لإبنه، انقسم الناس إلى طائفتان، طائفة قد أُشبعت بطونهم بفتاة وبقاي الوالي وارتضوا المكوث بجواره فساندوا فعله وجملوا رأيهُ فمتدت أيديهم لتطول ما ليس لهم برضاه، وطائفة ارتضوا بالذل والكمد والقهر وسكتوا؛ خوفا من البطش والنكال واستسلمو، وهنا يخرج الحسين بثورته ضد الطغيان؛ ليمثل الطائفة الثالثة التي قد تجذب إليه الساكتون كمدا وربما قد يصحوا بثورته عامة الناس، خرج للإصلاح وليوجه رسالة بإن الأمة لايمكن أن يحكمها المفسدون.
كان يزيد يعرف الأهداف والمبررات التي خرج بها الحسين، وهذا ما قد يؤجج عليه عامة المسلمين وقد يُخلع جراء ذلك من خلافته؛ لذلك أعد الخطة المحكمة لكربلاء؛ ليستبيح بها دماء الحسين وأهله وينكل بهم ويمثل بأجسادهم، ولقد انتقم من الحسين وثورته لكن مالرسالة الأخرى من لوحة استباحة الدماء والقتل بأشرف خلق الله دون الانتقام؟ إنها رسالة العبرة بإبن بنت رسول الله لكل من لازال في ذهنه ذرة أعتراض على خلافة يزيد، وحتى لاتقوم بعد تلك الثورة قائمة ضد أي فعل أو طغيان يصدر من الوالي؛ وليفعل بعدها ما يشاء ومايحلو له وبالطريقة التي يحبذها دون الرضوخ لأي قواعد أو قوانين أو أي مراعاة لحقوق المسلمين، وهذه هي الرسالة التي يقدمها الطغاة والمفسدين للاحراربما يستبيحونه من حرماتهم؛ لكي يمثلوا العبرة للناس فلا نطق ببنت شفة بعدها، وإنما كانت نتائج أفكارهم المشوهة التي يحاولون بها إسكات أصوات الحرية، فينفذ أذناب يزيد جريمة كربلاء بشكل يوحي للناس بأنه بعيد عن الاحداث ليصل إليه الرأس وينكت فيه لقد أجبرنا على ذلك، ليخرج بعدها معزي للمسلمين ومتجرد من الخطيئة، وإنما كان شعره، ورد زينب عليه كافٍ بفضحه أمام الجميع، لكنه وصّل رسالته إلى عامة الناس، والتسأول يقدح من موقفه وغروره، والآن من يجرؤ بعد؟!
وحدث أن الحسين يوجه أعظم رسالة على مر التاريخ والتي تخطت فكر يزيد الوضيع وغرور وكيده لتصل إلى أعماق جذور الحرية في كل نفس مؤمنة أدبية، وليرسم بدمائه على جدار التاريخ أعظم لوحة لثمن الحرية في صورةٍ قل مثيلها من التضحية والشجاعة، فأشعل بثورته التي ظن يزيد أنه أخمدها براكين من الثورات والانتفاضات التي ستظل مشتعلة ضد الباطل إلى أن تقوم الساعة، وحفر بصمة الحق والأباء في عمق نفوس المؤمنين، ليتحول مشهد كربلاء برمته من انتصار لحظي ليزيد إلى سلسة انتصارات لامتناهية لثورة الحسين، تخطت بذلك حدود الزمان والمكان ومستمرة مامت المعارك مستمرة بين الحق والباطل إلى أن تنتهِ الحياة، وذلك هو سبب إخفاء مشهد كربلاء ومحاولة طمسه من قبل من لم يروق لهم موقف الحسين وحبذوا حكم عامة المسلمين كالأنعام من حكام المسلمين في عصرنا، ومن يزعمون أنهم ولآتهم لكن هل سيدركوا أن الجار على دين جاره وماهي سوى فترة حتى يظهر من على اكتافنا الوعي العام العربي؛كما خرج من مران ونتشر في أركان اليمن، ليتخطى ذلك إلى العالم بأكمله، ولآن لنبدى بالجارة فكروا ماستؤول إليه الأمور بعد فترة زمنية من الوعي الذي سيصل إلى أوصال مملكتكم؟! وإما عن تلك الفترة الفاصلة فسنحددها نحن؟.