مسيرةُ الحسين لم تنتهي بعد
إب نيوز ١٨ أغسطس
كوثر العزي
عندما نلمس تربة كربلاء نشتمها دمُ الحسين ورماد خيمةُ زينب ودموع سكينة وأنين رقية وماء العباس، ثم نسمع كلمات الحسين وسيفه وسيوف أصحابه، نتذكر هذه الحادثة لناخذ منها نفس مسيرة الحسين.
خرج موكب الإمام الحسين من المدينة متجة نحوالعراق، وذلك يوم الثلاثاء في الثامنة عشر من ذي الحجة، سنه 61ه، كانت المسافة مابين البلدتين قد بلغت 23 يوما أو21يوما من شهر ذي الحجة، وفي 2 من محرم وصل الإمام الحسين وقافلة العطاء لكربلاء يوم الخميس الثاني من شهر محرم، وضع شهيد كربلاء متاعه ومكث هو ومن معه من أصحابه، وهناك بداء بتثبيت الخيام بالقرب من نهر الفرات، هُناك وبتلك الرمال داسة الأقدام كل المعوقات شامخة لاتركع لغير الله.
عندما علم المجرم يزيد بقدوم الحسين الذي هو أحد شباب أهل الجنة، أرسل قائد جيشة إلى الكوفه ليخوفهم أن يزيد قد أعد جيشً لايمكنهم مقاومتة وأنه سيهلك كل أهل الكوفة إذا لم يخرجوا ضد الحسين وقتله ونقض بيعتهم له، فما كان من موقف أهل العراق إلا تصديق كذبت يزيد وخروجهم ضد الإمام الحسين، وقد حوصِر الإمام الحسين ومن معه في كربلاء حتى مُنع من الماء، وجعل المجرمون النهر للكلاب تلعق منه، وأطفال كربلاء بالعطش تنوح “أبتاه هلي برشفة ماء” اعتلت أصوات الصغار من الخيام نريد ماء، أمامن مُغيث، تلذذ الأعداء بنحيب الصغار وعلى أوجاعهم تراقص الأوغاد، رحلت خولة والحرارة قد لعبت بطفولتها، ومرض الصغار من العطش، وانهد كبيرهم ووجِع على الأطفال.
بعد ذلك برز العباس لايخاف حشدهم، ولا قوتهم، ما كان يرى سوى نهر الفرات، ولايسمع إلا مناشدة الأطفال، ذهب وما إن وصل لحافة النهر، أخذ رشفة بيديه وأراد أن يشرب فتذكر من في الخيام وترك تلك الرشفه التي كادت أن تبلل حلقه، فقام بملئ قربة الماء ورجع لتلك الخيام، وأثناء عودته استقبلةُ الأعداء بمنتصف الساحه بالرماح والسهام، تلك تُصيب وتلك تُخطى وجميعهم يتهافتون على ساقي العطاشى، قُطعت يده اليمنى فمسك القربة باليسرى، فقطعت اليسرى ثم أمسك القربة بفمه همهُ إسقاء العطاشى، وبتلك اللحظه احتلت الرماح والسهام بجسده الطاهر فعتلت الروح لمن خلقها وتُرك الحسين بلا أنصار، حزن الإمام الحسين على العباس حزن شديد.
دنا اليل والصغار يزداد ضمأهم، وعند الصباح ذهبت زوجة الإمام الحسين إليه لتخبره عن صغيره عبدالله وتشتكي له أنه جف الحليب منها؛ لعل جيش يزيد يبلل شفتيه بقطرة ماء، خرج وبيده صغيره رفعه عاليا وخاطب القوم قائلاً:”كانت الحرب بيني وبينكم فما ذنب هذا الطفل الرضيع أن تمنعوه الماء” فما كان رد شمّر سوى إطلاق الأمر لحرملة بإرسال سهم ليستقر بحنجرته الصغيرة فأطلق مستعين بشيطانٍ رجيم، وماإن استقر الرمح بنحره الطاهر اعتدل بكاء الصغير بكاء المودع فرفع الحسين يده للسماء لترتفع قطرات الدم وقال:”هون علي ما نزل بي أنه بعين الله”.
بعد تلك الأهوال والمصائب وغدر أهل الكوفة تقدم الحسين ومن تبقَ من أصحابه ليواجه جيش يزيد فجتمع الجمعان، ثم خطب الإمام الحسين فقال:”والله ماخرجت أشِرا ولا بطِرا وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدّي رسول الله” وفي اليوم العاشر من محرم حصل ما كان محرم ٌ أن يحصل، وهو ذبح الحسين، وقطع رأسه، لتعتلي روحه الطاهره عالية تاركة زينب وآل البيت بيدي المجرمين.
وبعد أن استشهد الحسين غدرً ومن معه، هجم رذاذ الفساد على الخيام لتحرقها بنيران الحقد ونار البشاعة، ثم تُسبي النساء إلى الشام مشيً على الأقدام، في تلك الأثناء برز دور السيدة زينب حين وقفة موقف رجل شجاع، وأسكتت أشباه الرجال بمخاطبتها لهم ببصيرتها وعفتها وطهراتها ووعيها وإيمانها، مارتعبت منهم ولاخافت بل وقفت شامخة لايهُزها ريحهم العاتية، فمن تلك اللحظات وإلى يومنا هذا والتاريخ يعيد الحسين ومعركة الحسين وأنصار الحسين، وكذلك يعيد يزيد وشر يزيد وأتباع يزيد، فالحُسين مسيرة لم تنتهي بعد..
.