أفغانستان بين إنسحاب الأمريكان وعودة طالبان ..
إب نيوز ٢٠ أغسطس
.. رغم اميتي السياسية والثقافية أقول ما تشهده الساحة الافغانية من مستجدات اعتبرها وفقا لبعض المعطيات تسير وفق خارطة طريق وضعتها مطابخ الناتو تقضي بنقل السلطة من أجندات الحزب الجمهوري الى الديمقراطي المتوج بإنسحاب الأمريكان ومنح إجازة مفتوحة للرئيس الفار غني ومن ثم تسليم مفاتيح السلطة للدواعش الطالبانية .
بلا شك تبرهن تلك المعطيات ان ذلك سار ويسير وفقا لتلك الخارطة التي اتقنت هندستها البيت الابيض على ضوء الادوار التي تتداولها واشنطن بين الجمهوري والديمقراطي اي بعد كل دورة إنتخابية .
البعض يعتبر أن سيطرة طالبان على السلطة بعد إنسحاب القوات الامريكية هو ناتج عن شعور البيت الابيض بهزيمة بهذا البلد ولكن هذا ضمن الاسباب مع ان هناك اسباب اخرى لم يشير إليها الكثير .
بكل تأكيد شعرت واشنطن ان قواتها العسكرية اصبحت مشتتة بأكثر من بلد والاستمرار في التشتت لا يخدم سياستها الخارجية والداخلية بل قد يجعلها تدفع فاتورة كبيرة حاضرا ومستقبل قد يترتب عليها نكسة كبرى للسياسة الامريكية و تفضي لخروجها من المرتبة الاولى عالميا لان ذلك يعني مزيدا من التصدع العسكري والسياسي والاقتصادي خصوصا مع تصاعد القوة الاقتصادية للصين وعودة الدب الروسي وتوسع نشاط محور المقاومة في منطقة الشرق الاوسط
ثمة أسباب جعلت واشنطن تتخذ قرار الإنسحاب منها
اولا .. إرتفاع درجة الضغط على البيت الابيض من قبل الشارع الامريكي نتيجة إستمرارية الخسارة البشرية بأفغانستان وغيرها ولهذا السبب ظلت هذه القضية توثر على شعبية الجمهوريين والديمقراطيين الذين اصبحوا يلمسون تذمر الشارع الامريكي من جراء ذلك فاصبح الحزبين يرفعون وعودا وشعارات بسحب القوات العسكرية من افغانستان ويوسعون عملية الترويج لتلك الوعود خلال مواسم الإنتخابات سواء الرئاسية او غيرها كما حدث بنفس البروفة التي جرت في عهد اوباما وتكررت بعهدي ترامب وبايدن فتحولت تلك الوعود أشبه بمسكنات يتم ضخها للشارع الامريكي المتذمر هدفها إمتصاص اي غضب من جراء ذلك وكوسيلة لكسب تلك الشرائح المتذمرة في معارك الإنتخابات خصوصا العائلات التي عمل و يعمل ابنائها في المؤسسة العسكرية وقد برهنت الوقائع ان كل طرف إنتخابي ضخ ولازال يضخ تلك الوعود ورفع ولازال شعارات خداعية كوسيلة لكسب المعركة الإنتخابية ليضمن حصد اصوات الفئات المتذمرة وتحديدا العائلات التي تم الزج بأبنائها بأفغانستان مع ان كثير من الامريكان يعتبرون ان إستمرار الخسائر البشرية يعكس ذاته سلبا على شعبية وتوجهات الحزبيين فاصبح الحزب الذي يصل للبيت الابيض يشعر ان هذا الخطر يتصاعد و له تأثير سلبي على مستقبله الامر الذي جعل ادارة بايدن بعد مغادرة ترامب تتخذ قرار بنقل قرار الإنسحاب الى التنفيذ خصوصا بعد تراجع شعبية الجمهوريين بحكم إدراكهم ما لهذه القضية من إنعكاسات على مستقبل الحزبين على إعتبار تنفيذ القرار يعني إمتصاص الغضب المستمر في الداخل الامريكي هذا من جهة اي كلما إزدادت خسارة الامريكان في حرب الافغان كلما زاد غضب الشارع الامريكي وهذا يخدم القوى الدولية الصاعدة اقتصاديا على المستوى الدولي وبنفس الوقت يخدم تطلعات وتوجهات محور المقاومة في منطقة الشرق الاوسط .
.. ثانيا بدأت البيت الابيض تلمس ان هذا الخطر متسارع على كافة الاصعدة منها العسكرية والامريكان يعتبرون ان بقاء قواتهم المتواجدة بأفغانستان والعراق وغيرها يترتب عليها إستمرارية الخطر على مصالحها بالمنطقة الشرق اوسطية في ظل التحديات التي تواجه الناتو بشكل عام وامريكا تحديدا وفي ظل ارتفاع درجة التحديات بين طهران وواشنطن وبالذات حين كان الرد قاسيا من إيران كرم الله وجهها ضد واشنطن وإهانة البيت الابيض عندما أقدمت بتوجيه ضربات موجعة للقواعد الامريكية في العراق كرد فعل لتورط الامريكان بإغتيال الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس و صفعة اخرى لإسرائيل من خلال المقاومة الفلسطينية وفشل الامريكان وبقية الناتو وتحالف العدوان على اليمن وكل ذلك جعل الامريكان يعتبرون ان تنامي هذا الخطر يعد كابوسا مزعجا للوسط الامريكي برمته وله تبعات على مستقبل المصالح الامريكية في المنطقة وهنا بدأ شعور واشنطن بالهزيمة بل وصلت لقناعة ذاتية ان خططها باتت غير مجدية في ظل تنامي قوة الاقتصاد الصيني وعودة الدب الروسي وتوسع محور المقاومة .
ثالثا . هذا الشعور الامريكي هو بحد ذاته يمثل هزيمة نفسية وعسكرية بغض النظر عن عدم الإعتراف بالهزيمة او الفشل وليس امام صناع قرار واشنطن سوى الإحتفاظ بماء الوجه والعودة لترتيب اوراقهم بعد ان ادركوا ان خوضهم معركة عسكرية مع إيران في ظل تشتت قواتهم بأكثر من دولة يعني مزيدا من الخسارة والتصدع العسكري والاقتصادي وغيره بل سيكون بمثابة انتحار لقواتها العسكرية و سقوطا مدويا لسمعة الشركات المصنعة للسلاح مع ان تلك الشركات هي من تصنع القرارات الامريكية وكل ذلك يترتب عليه تدمير مستمر لمصالحها الاقتصادية في المنطقة وسيجعل الهيبة الامريكية تداس بالحذاء اكثر من اي وقت مضى فلم تجد واشنطن وسيلة لتجاوز هذا التحدي سوى تغيير مسار اللعبة بما يكفل إمتصاص الغضب في الداخل الامريكي وبحيث يكفل الحفاظ على مصالحها في المربع الشرق اوسطي مع وضع خطة جديدة لإدارة اللعبة .
.رابعا . تنظر البيت الابيض ان الضغط الداخلي والخارجي المرتبط ببقاء قواتها في الخارج سوف يترتب عليه نكسة للسياسة الامريكية وليس أمامها سوى بناء اجندات مؤامركة في العديد من البلدان المستهدفة ومنها افغانستان وهذا ما تم وقد خضع برنامج بناء تلك الأجندات لطابعين مؤامركين الاولى يتعلق بالأجندات التابعة للجمهوري والثانية التابعة للديمقراطي لتصبح مجرى السياسة الامريكية عقب كل دورة إنتخابية يترتب عليه تدوير نشاط تلك الأجندات في البلدان المستهدفة على ضوء نتائج الإنتخابات مع الإحتفاظ بالثوابت التي يسير عليها الحزبين اي عندما يكسب الجمهوريين المعركة الإنتخابية يترتب عليه إنتقال المهام الامريكية لأجندات الجمهوري كما تم في عهد ترامب وعندما يكسب المعركة الديمقراطي تتولى الاجندات المنضوية تحت إبط هذا الحزب في البلدان المستهدفة استلام تنفيذ المهام الامريكية من نافذة الديمقراطي كما يحدث راهنا بعهد بايدن .
هنا يقاس الوضع بأفغانستان ان من منح إجازة مفتوحة للرئيس غني ومن معه من اجندات الجمهوري وتسليم السلطة لأجندات الديمقراطي ممثلة بطالبان هي واشنطن التي بدورها سلمت ترسانة الاسلحة الامريكية لوهابية طالبان والغريب انها تروج لمكافحة الإرهاب وهي من صنعت الإرهاب وتديره بالريمونت كنترول وهذا تناقض يتجلى من خلاله التضليل والخداع الامريكي عبر النوافذ الأمريكية .
بالتالي إنسحاب القوات الأمريكية لا يعني انسحاب الدور الأمريكي برمته بل يظل حاضرا ومستمرا من خلال هذه الأجندات كان بطابع الجمهوري او الديمقراطي وهذا كما اسلفت لا يعني توقف الدور الامريكي بأفغانستان بل سيظل قائما بغض النظر عنما يروجه الإعلام الإمبريالي من تضليل ليس له علاقة بطبيعة مشروع التغريب الذي يسير في المنطقة ومن تحت الطاولة .
على هذا الاساس يعد إستلام طالبان للسلطة لا يعني تخليهم عن الامريكان وإعلان توبتهم عن النشاط الإرهابي بل سيظل قائما وجزء من إستمرارية التدمير لهذا البلد بأدوات افغانية مؤامركة وتحويله الى مستودعا مركزيا لنشاط كافة تيارات التكفير المتوحشة على مستوى العالم لتنفيذ جزء من المشاريع الاستهدافية في الساحة الأفغانية و ضد البلدان المرتبطة حدودها مع افغانستان خصوصا البلدان ذات التوجه المضاد للإمبريالية وفقا للبرنامج السري والسحري الذي تعده واشنطن بما يخدم سياستها التغريبية بطابعها الصهيوني . .
الاسئلة التي تطرح ذاتها
هل سيطرة طالبان راهنا يعني توقف مشاريع الاطماع والتدمير الأمريكي في المنطقة ؟ ام انها سوف تستمر بغطاء وديكور اخر ؟
هل سوف يعلن طالبان توبتهم عن الإرهاب ونشر الجهل ومزيدا من الجريمة والتخلي عن الصهاينة ؟ ام ان ذلك سيكون العكس ؟
هل سيكون هناك تأثير سلبي او ايجابي بعد سيطرة طالبان على توجهات محور المقاومة ومنها اليمن ؟
هل سيطرة طالبان على ترسانات الأسلحة الأمريكية سيسخر لخدمة الأهداف الامريكية ؟ ام العكس ؟
إذا
ماهي مشاريع السلام التي تروجها المنظومة الغربية في افغانستان واليمن وتقف قطر كلاعب اقليمي في ساحة الافغان وبعض دول المنطقة في ظل مجريات ومتغيرات الاحداث عالميا واقليميا وبتعاون اللوبيات المؤامركة في المنطقة ؟
فهمي اليوسفي
نائب وزير الإعلام.