موضع العلة في الجسد العليل
إب نيوز ١٣ سبتمبر
عبدالملك سام
لماذا نخاف من مصارحة أنفسنا بالحقيقة ؟! لماذا نلقي باللائمة على دول العدوان بكل ما فعله السفهاء منا ، وهم كثر ؟! لماذا لا نعترف بأن ما فعله الأراذل من أبناء الجنوب فاق حتى ما تمناه المحتلون ، وان هناك شماليين أيضا مستعدين لبيع وطنهم وشعبهم بثمن بخس ؟! لماذا لا نقر أنه لولا الصعاليك والإخوانج وأبناء الحرام ما تجرأ الأقزام السعوديين والإماراتيين على التفكير بوطئ شبر على من أرض اليمن ، والتحكم في رقاب ومصير شعب بأكمله ؟! وأن هناك من لا يتجرأ على أنتقاد المجرم ، ويكتفي بأنتقاد الجريمة والضحية معا ؟!!
تمشي في الشارع لتجد من يطالبك بالمرتبات والأمان والعيش الرغيد متناسيا أن هذا الذي يعتدى عليه هو وطنه ! وكأن موضوع الدفاع عن الأوطان لا يعنيه ولا يخصه وليس من مسؤولياته !! ليس هذا فقط ، بل أنه لا يكف عن القدح والطعن في من يدافع عن البلد ويبذل ماله ودمه دفاعا عن حياض وطنه !!! أليست هذه التصرفات تعتبر خيانة ووضاعة ودناءة ؟!! والمشكلة تزداد غرابة عندما تجد أن عدد هؤلاء كبير جدا ، ويفوق ماهو موجود في الشعوب الأخرى ، فمن أين أتى كل هذا الخذلان ؟!!
تدخل المؤسسات والدوائر الحكومية لتفاجأ بنوع آخر من العمالة والخيانة ؛ فهناك من ينهب الناس ويرتشي ويسرق جهارا نهارا ، بل وستجده يبرر أكله للمال الحرام بسوء الأوضاع ، وكأن الأوضاع السيئة مسلطة عليه وحده ، أما باقي الشعب فيعيشون في بحبوحة !! المسؤولين الأكبر يعلمون كل ما يجري ، ويغضون الطرف حتى لا يلتفت الآخرون لما يفعلونه هم من خيانة بجمع ما يستطيعون من أموال ومناصب وشهادات تقدير ، بينما يطاردون المجاهدين والشرفاء عقابا لهم على ما يبذلونه من أجل الوطن والشعب ، فماذا نسمي كل هذا سوى أنه خيانة ؟!
نحن غارقون في مستنقع الخيانة حتى أعناقنا ، وشعبنا للأسف مع طول المكوث بين قاذورات العمالة والفساد أصيب بداء عضال وصل إلى درجة خطيرة من الدنس ، ولذلك سنظل نسمع عن حوادث إجرامية لم نسمع مثلها من قبل ، وسنظل نصادف نماذج أنانية متذمرة لا تريد أن تتحمل مسؤولياتها ، ولا ترضى حتى بأن تكف أذاها عمن يتحمل مسؤوليته ! الكاتب العربي الكبير طه حسين كتب مرة عن هذه النماذج في إفتتاحية أحد كتبه حين وصفهم وقال : “الذين لا يعملون ، ويؤذي نفوسهم أن يعمل الناس” .
هذه الأعمال في حقيقتها كفر ؛ لأنها أمر بمنكر ونهي عن معروف ، ولن يصلح أمر أمة هذا سلوك أفرادها ، ولا مخرج من هذا كله إلا بوضع الأمور في نصابها ، بالأعتراف أولا بمسؤولياتنا ، وبمحاربة سلوك الفاسدين وهذه التصرفات التي لا تمت لدين ولا عرف ولا أخلاق أي شعب ! من يقوم بهذه الجرائم كان في يوم من الأيام طفل يرى ويتعلم ممن حوله ، وسنظل نعاني ولا نتغير حتى نغير ما بأنفسنا ، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالقول والفعل ، وإلا فلنقرأ على أنفسنا وشعبنا وبلدنا السلام .