كاتب فلسطيني يكتب عن حرب اليمن ” ليست عبثية وكفى.. إنها أغبى حرب في التاريخ”
إب نيوز ٢٩ اكتوبر
أخذت العزة بالإثم النظامين السعودي والإماراتي ،وشاركتهما فيها البحرين والكويت، الكويت التي نحسبها أعقل من أن تنجرف في ما انجرفت فيه الدول الثلاث الأخرى غضبا على وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي لرأي أبداه، منذ شهر، أي قبل توليه منصبه الحالي، في برنامج ” برلمان الشباب ”، ودعا فيه إلى وقف الحرب في اليمن لعبثيتها، أي لانعدام فائدتها لما يسمى التحالف العربي بقيادة النظام السعودي.
ووصف موقف الحوثيين فيها بأنه دفاع عن الوطن والنفس، أي دفاع مشروع وفق كل القوانين والأعراف الدولية. غضب الدول الخليجية الأربع على ما قاله قرداحى مغالى فيه مغالاة مفرطة منفلته لا عقلانية فيها ولا اتزان تفضح قناعتها بضعف حجتها في العدوان على اليمن، خاصة النظامين السعودي والإماراتي المنغمسين في هذا العدوان.
فما قيمة رأي شخص، أي شخص، إذا كان النظامان مقتنعين بعدالة وشرعية ما يقومان به ؟! ثم إن قرداحي قال ما قال بصفة شخصية قبل صيرورته وزير إعلام في الحكومة اللبنانية، فلم تُحَمل الحكومة اللبنانية مسئولية رأيه الشخصي ؟! إنه، مثلما قلنا، ضعف قناعة النظامين، السعودي والإماراتي، بحجتهما في هذه الحرب، وشعورهما وهي في عامها السابع أنها حرب الخسران المبين التي لا يعلمان كيف يخرجان منها بشيء من ماء وجهيهما.
وهي هزيمة كبرى لهما لا يستطيعان الاعتراف بها لطبيعة نظاميهما التي لا تعترف بخطأ الحاكم ،ودعنا من محاكمته ومحاسبته على خطئه مهما عظم وفدح . ولولا طبيعة هذين النظامين التي لا تسمح بأي معارضة داخلية لأفعال الحاكم لما كانت هذه الحرب العدوانية على شعب شقيق. ونظرة سريعة على ما جلبته من خسائر ومخازٍ وتعريات للنظام السعودي تبين أنه نكب نفسه وبلاده بها قبل نكبة الشعب اليمني على عظم وخطورة نكبته :
أولا: تقدر تكلفتها اليومية ب 200 مليون دولار ، فما تكلفتها في سنواتها السبع ؟!
ثانيا: فضحت الأداء القتالي لجيش النظام ، الذي تقدر ميزانيته بثالث ميزانية في جيوش العالم ، في مواجهة محاربين يقاتلون بأسلحة فردية ، وكثيرا ما أجبروا جنوده على الفرار من مواقعهم الحصينة ، وترك أسلحتهم وعرباتهم.
ثالثا: عرضت كثيرا من مدن بلاد الحرمين خاصة الجنوبية مثل نجران وأبها وجيزان لهجمات جماعة أنصار الله بالصواريخ والمسيرات ،فقضت على ما كانت تنعم به تلك المدن من الأمن والاستقرار ، وطالت تلك الهجمات مدن الشرق والوسط.
رابعا: يدفع النظام السعودي مبالغ كبيرة للخدمات اللوجستية التي يقدمها خبراء واستخباريون وعسكريون من أميركا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وسواها من الدول.
خامسا: أضعفت موقفه إزاء أميركا ، وضاعفت احتياجه إليها لمعاونته في الإفلات من محنته التي رمى نفسه فيها بتهوره وتسرعه وأخطاء حساباته الانفعالية.
وذات الضعف أصابه تجاه إيران التي يأمل أن يعينه تحسين علاقاته معها في انتشاله من هذه المحنة . ولا نتكلم عن نكبة الشعب اليمني في هذه الحرب التي قتلت حوالي ربع مليون من مواطنيه، وجرحت حوالي مليون، وحشرته في أكبر وأعسر مأساة إنسانية بشهادة الأمم المتحدة وهيئات عالمية وجهات إعلامية كثيرة.
وعِوَض اجتهاد النظام السعودي للنجاة من نكبة الحرب عليه وعلى اليمن تأخذه العزة بالإثم على ما قاله إعلامي ، هو جورج قرداح قبل أن يصير وزيرا، في مغالاة تفضح ضعف موقفه وهوانه في هذه الحرب. ولو كان نظاما سليما سويا واثقا من نفسه ومن صواب ما يفعله لما غضب كل هذا الغضب العصبي حتى لو قال قرداحي ما قاله وهو في الوزارة.
إنه غياب الثقة في شرعية هذه الحرب، وغياب الثقة في النفس. الواثقون من شرعية موقفهم ومن أنفسهم لا يكونون بهذه الحساسية الانفعالية المرضية تجاه رأي شخصي مشروع في حرب ليست عبثية وكفى ، بل أغبى حرب في التاريخ.
_________
حماد صبح
كاتب فلسطيني