صفقة صواريخ (جو ـ جو) الأمريكية للسعودية.. ما الجدوى؟! ولماذا في هذا التوقيت؟!

إب نيوز ١٢ نوفمبر

زين العابدين عثمان

في ظل ضغط العمليات الهجومية التي ينفذها سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية اليمنية، بفضل الله تعالى، نحو العمق السعودي، ومع تزايد حجم الهوة والفشل الكبير الذي أصاب منظومات الدفاع الصاروخي (باتريوت) أو ما يسمى «درع النار الأمريكي» الذي تحتمي به المملكة السعودية، اتجه النظام السعودي مجددا نحو دول الغرب، طلبا لإبرام صفقات أسلحة جديدة، خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية التي كان آخرها صفقة أُبرمت مؤخرا مع إدارة جو بايدن بقيمة تصل إلى 650 مليون دولار، وتتضمن شراء مجموعة من الصواريخ الاعتراضية الذكية (جو ـ جو AIM-120C) الأمريكية، والتي تعتبر الصفقة الأولى من هذا النوع والأضخم منذ تولي بايدن.
ما يهمنا هنا هو أن هذا التطور الدراماتيكي في هذا التوقيت الذي يسعى له النظام السعودي عبر هذه الصفقات ليس جديداً، إنما تعد محاولات يائسة لحماية عمق المملكة من الهجمات التي تأتي من خارج الحدود، وخصوصا القادمة من اليمن، فالمعطيات تشير إلى أن الهجمات الأخيرة من قبل القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير اليمني قد حققت ضربات مدمرة على أكبر المؤسسات والمنشآت الحيوية داخل المملكة السعودية؛ على رأسها شركة «أرامكو» وعدد من حقول ومصافي النفط والمطارات، وذلك في ظل الانهيار والفشل الفضائحي المتراكم لمنظومات الـ»باتريوت» الأمريكية.
وبالتالي، لم يكن من المستبعد أن يلجأ النظام السعودي ويثابر لعقد صفقة أمريكية جديدة لردم هذه الفجوة الكارثية التي تعصف بأمن واقتصاد المملكة في هذا التوقيت الحساس، ولكن المهم هو عقد النظام لصفقة صواريخ (جو ـ جو) بدلا من شراء منظومات دفاعية صاروخية (أرض ـ جو) كما يتطلبه الواقع، فحصول مثل هذه الصفقة ليس أمرا طبيعيا، بل إن لها أبعاداً ونتائج مهمة، فصواريخ (جو ـ جو AIM-120C) الأمريكية هي صواريخ تحمل على المقاتلات الثقيلة ومهامها تتحدد في صد الأهداف الجوية أو الاشتباك معها جويا؛ تحديدا الطائرات المسيرة، أي أنها مصممة لعمليات الاعتراض المتنوعة ضد الأهداف، وبالتالي فصفقة النظام السعودي هذه إنما تأتي بنية استخدامها في المجالات الدفاعية ضد المسيرات بدلا من منظومات (أرض ـ جو)، وهي محاولة (سعو ـ أمريكية) تعكس جملة من الأبعاد والتداعيات التي يمكن أن نلخصها بالنقاط التالية:
1 ـ ثبوت فشل منظومات «باتريوت» بنسخها المتطورة في مواكبة جميع الهجمات التي يتعرض لها العمق السعودي، لاسيما هجمات الطائرات المسيرة اليمنية، وانهيار هذه المنظومات تقنيا وعملانيا إلى المستوى الذي أصبحت معه خارج الفاعلية والفائدة العملية.
2‏ ـ دخول المملكة السعودية مرحلة انهيار القدرة على الدفاع عن نفسها، وانهيار سقف حمايتها بنسبة 80 % أي أن قدرة الدفاع الشامل عن أراضيها تعطلت، والتي ترتكز على منظومات الصواريخ، وانحسارها إلى دفاع جزئي بسيط يرتكز على سلاح الجو، أي الدفاع بالمقاتلات بدلاً من منظومات (أرض ـ جو)، وهو دفاع مكلف وغير فعال، الهدف منه تحقيق مواجهة نسبية ضد الطائرات المسيرة، مع الأمل في تحقيق بعض الحماية لأكثر الأهداف حساسية كالمقرات الحكومية والمنشآت الحيوية داخل المملكة.
3 ـ تفوق التقنية العسكرية اليمنية، وخصوصا الطائرات المسيرة، التي حققت بالفعل اختراقا فظيعا في التكنولوجيا الدفاعية الأمريكية (باتريوت). كما أنها استطاعت تحييد أنظمة الرادارات العملاقة المنتشرة على طول وعرض المملكة بقدراتها المتطورة في مجال المناورة والتخفي والتحليق، فالعمليات الأخيرة التي ضربت الرياض أثبتت أن هناك فشلاً كبيراً في هذه الرادارات والأنظمة الكشفية وأنظمة الاستشعار والإنذار المبكر، وأثبتت مستوى تطور المسيرات اليمنية وقدرتها على تجاوز كل هذه الأنظمة الدفاعية مع تحقيق استهداف دقيق وحاسم.
وبالتالي، نؤكد بالمعطيات أن المملكة السعودية دخلت عمليا مرحلة عدم القدرة على الدفاع عن نفسها، كما أن صفقة صواريخ (جو ـ جو AIM-120C) الأخيرة هي تأكيد لهذا الفشل، وتأكيد أيضاً لحقيقة أن النظام السعودي لم يعد يبحث عما يدافع به عن كامل جغرافيا المملكة من الضربات بقدر ما يبحث عما يدافع به عن نفسه وأماكن تواجده، فهو يريد استخدام الطائرات لحماية المقرات الحكومية والقصور الملكية وغيرها من الأماكن الحساسة من أي هجمة نوعية للطائرات المسيرة اليمنية.
*زين العابدين عثمان
باحث فـي الشأن العسكري
You might also like