اليمن: بين السلام وحرب الجغرافيا وشكل الدولة!
إب نيوز ٢٣ نوفمبر
د . فضل الصباحي
عام 2022 هو عام (السلام العادل) الضربات الجوية على صنعاء وبقية المحافظات في شمال اليمن والتحركات في المخا وما حولها عبارة عن وسائل ضغط غير فعالة، وفي المنظور العسكري مجرد تموضع هش، في جغرافيا محددة تمهيدًا لترتيبات قادمة متفق على بعض تفاصيلها، لأن المسار الشامل للسلام هو الأقوى، والتحركات التي يقوم بها المجلس الانتقالي الجنوبي، تسير في نفس الاتجاه، وهذا واضح للجميع من خلال اللقاءات اليومية مع سفراء الدول الخمس ومع المندوب الأممي والامريكي ومع المسؤلين السعودين، والأوربيين، كل ذلك يسير نحو الترتيبات القادمة، وقريبًا سوف تتوقف الحرب في اليمن، ويحل السلام، وتبداء مرحلة إعادة الإعمار والتعويضات العادلة التي يستحقها الشعب اليمني وفقًا للتقارير الدولية الدقيقة العادلة، وليس ما يقوم به سعادة السفير.
اليمن بحاجة إلى إغاثة دولية عاجلة: الغذاء والدواء، وفتح المطارات والموانئ والمنافذ البرية بين الداخل والخارج ثم بعد ذلك القضاء على الفقر والبطالة، والتعايش، والتسامح، وتقديم والتنازلات من قبل الجميع وتجاوز جراح الماضي كل ذلك كفيل بوضع القاعدة الأساسية لحياة شعب طحنته الحرب.
طيلة سنوات الحرب، والشعب اليمني ينتظر اليوم الذي يحل السلام، وتعود الحياة في اليمن إلى طبيعتها، ذلك البلد الذي فقد “السعادة” منذُ زمن بعيد، حيث كان يعيش حروبًا أخرى يكافح فيها الشعب من أجل لقمة العيش والحياة الكريمة، والحرية والعدالة، بينما الحكومات الفاشلة تنقل البلد من أزمة إلى أخرى، لتستمر مراكز القوى الحزبية، والقبلية والعسكرية الفاسدة في نهب ثروات الوطن، في الشمال والجنوب ليظل الشعب اليمني أسيرًا لرغيف العيش، وينسى كل مظاهر التقدم والنهضة، والرخاء.
البحث عن تجارب ناجحة…
التجارب العربية في ادارة الدولة اثبتت فشلها في بعض الدول، ويجب النظر والدراسة والاستفادة من التجارب الناجحة خارج الحدود العربية تلك الدول التي احدث قادتها تغييرًا كبيرًا وجوهريًا في حياة تلك الشعوب ورفع مستواها الاقتصادي، والاجتماعي وأصبحت من الدول المتقدمة على مستوى العالم رغم انها لا تمتلك ما تمتلكه اليمن من ثروات معدنية، ونفطية، وغازية، وزراعية، وموانئ وجزر ومنفذ بحري مهم عالميًا هو مضيق باب المندب، وموقع استراتيجي متميز وتاريخ وحضارة هي الأعظم في التاريخ البشري.
الطريق الصحيح هو العمل على دراسة التجارب التنموية الناجحة، والاستفادة منها خاصةً في الدول التي اعتمدت على ذاتها وإمكانياتها الخاصة وطورتها ومرت بتجارب مريرة شبيهة باليمن تلك الدول استطاعت تنفيذ الخطط التنموية السلمية القادرة على استغلال الموارد الاقتصادية، وتنميتها، من خلال نخبة من الكوادر الوطنية المؤهلة، التي أسست لنهضة صناعية متطورة تضاهي الدول المتقدمة، وتتفوق على الدول العربية بفارق كبير ومن أهم تلك الدول: ماليزيا وسنغافورة والصين وكوريا الجنوبية، وفيتنام، وغيرها من الدول التي أعتمدت أولاً على الأنسان القادر على استغلال الموارد الموجودة، والاهتمام بالزراعة وتأسيس قاعدة صناعية ذات جودة عالية.
الحقيقة: حكومة صنعاء، والمجلس الانتقالي الجنوبي أمام مسؤليات كبيرة، ما بعد الحرب هو الأهم!
السلام سوف يقضي على الفاسدين وتجار الحروب من جميع الأطراف، وتظهر على الأفق متطلبات الشعب المتعددة؛ تأمين الغذاء والدواء والمرتبات، واستقرار العملة، وتحسين الوضع الاقتصادي، والاجتماعي، والأمني، المرحلة مهمة وصعبة، وتتطلب قيادات وطنية صادقة: تؤمن بالسلام وتراعي حقوق الشعب، وتعمل بجد وإخلاص حتى تعود الحياة إلى طبيعتها مهما كانت التضحيات.
الخلاصة: بعد أن تضع الحرب أوزارها لست أدري كيف ستكون الصورة الكاملة للجغرافيا اليمنية، هل القوى الجديدة التي تولت زمام القيادة في اليمن مدركين لحجم المسؤولية التاريخية والحضارية، والاجتماعية، بعيدًا عن سحر السلطة والمال، وأن عليهم العمل كفريق واحد لمواجهة تحديات ما بعد الحرب.
الحوثيون في الشمال والمجلس الانتقالي في الجنوب وبقية الأطرف الأخرى يتحملون المسؤلية الكاملة في الحفاظ على حدود اليمن كاملة غير منقوصة، والتوافق على المسائل الجوهرية التي تتعلق (بالسيادة والجغرافيا والثروة) ثم يأتي بعد ذلك بناء الدولة اليمنية بالشكل الذي يرضي الجميع في الشمال والجنوب بعيدًا عن التأثيرات الخارجية.
العمل الوطني الجاد هو الذي يسير نحو توفير متطلبات الشعب الأساسية، وهي القضاء على الفقر والجوع، والبطالة، وتحقيق الأمن والاستقرار والانتقال نحو الأمان الاقتصادي، وتطوير البلد، وتأمين الحقوق المقدسة للشعب: في الحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، وتطبيق القانون على الجميع والقضاء على كل مظاهر الفساد في أجهزة الدولة، من خلال نظام سياسي نزيه وعادل يؤمن بالأخر ويضمن التوزيع العادل للثروة، ويطوي صفحة الماضي، ويعيد الحقوق الشخصية إلى اصحابها، ويوفر الحقوق الكاملة لكافة أبناء الشعب، لتفرح القلوب وتدخل السعادة بيوت اليمنين من أوسع الأبواب بعون الله.