برّع يا استعمار .
إب نيوز ٢٩ نوفمبر
حمدي دوبلة
خرجت بريطانيا العظمى مكسورة ذليلة من الجنوب اليمني بعد أن منيت بهزيمة نكراء على أيدي المجاهدين اليمنيين القدامى، وكانت نكبتها في اليمن نهاية فعلية لإمبراطوريتها التي امتدت في شتى بقاع الأرض وغروبا لشمسها التي لا تغيب، لتنحسر وتتلاشى تدريجيا حتى أصبحت من البلاد القليلة في الكرة الأرضية التي لا تطلع عليها الشمس إلا أسابيع محدودة على مدار العام.
-في الـ 30 من نوفمبر من عام 1967م – الذي تصادف يوم غد الثلاثاء ذكراه السنوية الثالثة والخمسين – رحل آخر جندي بريطاني من الجنوب وكان ذلك اليوم المجيد محطة مضيئة في التاريخ اليمني المعاصر وارتبط بالتحرير والاستقلال لجزء غال من الأرض اليمنية وسيبقى كذلك إلى أبد الآبدين.
-اليوم تعود بريطانيا إلى اليمن مشحونة بذكريات مريرة وفي جوف سياسييها وقادتها الكثير من مشاعر الحقد والانتقام على اليمن وشعبه ولكن من الباب الخلفي وعبر أدوات رخيصة من المرتزقة الإقليميين والمحليين ومن خلفها أمريكا، باعتبارها السيد الجديد لعالم الشر والاستكبار والطغيان.
– لا يعيب التاريخ أبدا عدم استفادة البشر من دروسه ولكن العيب والغريب ذلك التعامي والتجاهل لدلالات وأبعاد ونتائج دروس التاريخ من قبل البعض ممن هم على شاكلة الإنجليز، فسُنّة الله ماضية في عباده ولا تغيير ولا تبديل لها مهما تغيرت الأيام وتبدلت الوجوه.
– ما لم تستطع بريطانيا نيله من اليمن بيديها وعبر جبروتها وقوتها العتيدة، حتما لن يأتي به مرتزقة آخرون مهما أغدقت عليهم بالعطايا والهبات.
-عمل المحتل الإنجليزي قديما وطوال العقود التي احتل فيها اليمن على تنفيذ سياسته المعروفة القائمة على النظرية البريطانية الشهيرة” فرق تسد” وأوجد كيانات ومشيخات هزيلة وبائسة لكنها شاخت وتهاوت واندثرت كما اندثر الشيطان المؤسس وها هو يستميت اليوم لإعاده إنتاج معتقداته الغابرة من خلال التأسيس لمشاريع التقسيم والتشطير والتشظي ونشر بذور الفتنة والصراع والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد.
-لم يعد سرا التواجد البريطاني وكذلك الأمريكي والصهيوني في مناطق من اليمن , يعلم الجميع أن ذلك الحضور كان جليا وفعليا منذ الأيام الأولى للعدوان كما لم تعد أطماعهم ومخططاتهم خافية على أحد وإن عملوا جاهدين على انتهاج السرية والتخفي وراء أصحاب المصالح وعشَّاق التكَسُّب والاسترزاق على حساب دماء وأشلاء الشعوب ومصالح الأوطان من أبناء جلدتنا العرب واليمنيين، لكن ستظل الهزيمة قدرا محتوما يتربص بهم جميعا طال الزمن أم قصُر..
ولا أرى ببعيد ذلك اليوم الذي تهتف فيه الحناجر مجددا بأغنية الفنان محمد حسين عطروش ذائعة الصيت ” برع يا استعمار من بلد الأحرار”.