إقصاء وليس قضاء .. وفرصة قبل الغصة !
إب نيوز ٨ يناير
عبدالملك سام
الفرصة لم تفت بعد لإصلاح الأوضاع ، ومن المعيب أن نظل ننتظر ما سيحدث في الجبهات حتى نبدأ العمل في إصلاح ما أفسده نظام العمالة البائد والعدوان ، بل يجب أن نكون جميعا في مستوى الحدث والمسؤولية المترتبة علينا جميعا كشعب مسلم أولا ، وكيمنيين أحرار ثانيا .
لن أكون متشائما بل واقعيا ، فالفوضى والفساد منتشرة في كل مكان حتى وصلت إلى مستوى كل بيت وفي علاقات أفراد الأسرة ببعضهم ! وبعد هروب نصف أفراد نظام العمالة السابق ، وسقوط مشروع النصف الآخر الذي كان يختبئ بيننا في إنتظار إنتهاز الفرصة لإجهاض ثورة الشعب المظلوم ، كانت الفرصة سانحة لنبدأ صفحة ناصعة جديدة في تاريخ اليمن مستغلين إستعداد الناس للتغيير القادم ، ولكن للأسف خاب ظن الكثيرين وأنصدموا بالتسويف والأعتذارات وبعض المداهنات التي ترقى لدرجة الخيانة تحت مبرر التعايش بين جميع أفراد المجتمع !
لقد تم إطلاق الكثير من الوعود بالتغيير ، ثم تفاجأنا بأن الكثير من تم تعيينهم عندما أعلنوا عجزهم ؛ والرابط المشترك بينهم جميعا هو الإستعانة بأشخاص لهم ماض قذر تحت مبرر “التعايش” وإتاحة الفرصة ! والنتيجة الماثلة اليوم هي ما نراه من مآسي في معظم مؤسسات الدولة . فلا المشاكل حلت ولا الفساد أختفى ولا تحسنت ظروف الناس ، والمشهد اليوم هو أننا بتنا ندور في حلقة مفرغة من الخيبات ونسمع ذات التبريرات التي طالما سمعناها في الماضي !
الجميع يشكون من الجميع ، والمشاكل تتكاثر وتتعقد ، ولم نعد نسمع شيئا يهون علينا ما نراه سوى تلك الأخبار التي تأتينا من جبهات العزة والكرامة ، والسبب أن الفاسدين يتجنبون الذهاب إلى هناك خوفا على حياتهم ، وإلا لكان الفشل حليفنا فيها أيضا ! ونعم ، هنا تدور رحى حرب إقتصادية وشحة في الإمكانيات ، ولكن لو أننا تحرينا في إختيار من يتولون المناصب وفي ((بطاناتهم)) والرقابة عليهم (كما حدث أيام اللجان الثورية) لكان الوضع تغير بشكل كبير ، ولكانت الإنجازات هي الحدث الأبرز الذي يمكننا من تغيير نظرة العالم لنا ، ولكان لهذا أثر كبير على مجريات الأحداث بشكل كبير .
لسنا بحاجة للمال بقدر ما نحتاج للحكمة ، وهناك تقصير كبير في إظهار النموذج بدل التركيز على التوعية والتثقيف فقط ؛ فالدين المعاملة ، وفي أروقة المؤسسات التي يختطب فيها فاسد ليعضنا عن النظام والأمانة لا يمكن أن نقضي على الفساد ! وفي الشارع الذي يعتقد الناس فيه أنهم مسلمون ومتدينون بينما يقومون بنشر القاذورات وافتعال المشاكل ونشر الفوضى لا يمكن أن ننشر الخير والوئام ! وإبتداء من المدرسة والمسجد والمستشفى والمحكمة والوزارة والمؤسسة يجب أن نبدأ التغيير حتى نرى التغيير يحدث في كل جوانب الحياة .
اليوم يتم تعيين الأكثر تطبيلا ودهاء ومجالسة ، والرشوة موجودة في كل مكان سواء أعترفنا بهذا أم لا ، والمظالم مستمرة ، والوساطات تحدث بشكل أكبر مما كانت عليه والأسواء بأنها اليوم تحدث من أشخاص يسمون أنفسهم “مجاهدين” ليظلموا الناس ، ورجال الثورة مهمشين بل ومحاربين في وظائفهم ، وأعوان الطاغوت بالأمس هم المقربين ، والمسؤولين باتوا يملكون قواميس ضخمة من المبررات التي تتناقض مع ما يحدث لهم من ثراء ، والشوارع اكثر فوضى واهمال ، والمشاكل تتكاثر دون وجود رؤية لحلها أو ايقاف تراكمها !
السلطة المطلقة فساد مطلق ، والجانب الرقابي الضعيف لا يجني على الجهة الخاضعة لرقابته فقط ، بل يمتد أثره السيء إلى كل جوانب الحياة . أنا لا أطالب هنا بمعاداة البعض بقدر ما أطالب أن نحميمهم ونحمي شعبنا من شرهم وفسادهم ، والخير يمتلك قوة عظيمة لإحداث تغيير عظيم وبإمكانيات بسيطة وفي وقت أقصر مما نتخيل لو أستطعنا تمثيله كما يجب ، بل لا مبالغة هناك عندما أقول بأننا سنغير وجه العالم بأجمعه لو أصلحنا البعض من مؤسساتنا فقط . بيوتنا وشوارعنا ومدننا وبلدنا ومجتمعنا يجب أن يكونوا مثلا يحتذى به في كل مكان ، وهذا ليس صعب صدقوني ، فقط أتيحوا لنموذج الخير فرصة !