عبدالباري عطوان : عام جديد صعب وحافل بـ”الصدمات” للسعودية وحربها في اليمن.. بعد الشريط المفبرك وسفينة الأسلحة الإماراتية.. هل اوشك مخزونها من صواريخ “الباتريوت” على النفاد فعلا؟
إب نيوز ١٠ يناير
عبدالباري عطوان :
عام جديد صعب وحافل بـ”الصدمات” للسعودية وحربها في اليمن.. بعد الشريط المفبرك وسفينة الأسلحة الإماراتية.. هل اوشك مخزونها من صواريخ “الباتريوت” على النفاد فعلا؟ وماذا سيترتب على ذلك؟ وهل ستأتي “النجدة” من قطر والامارات وكيف؟
يبدو ان العام الميلادي الجديد 2022 ربما يكون نذير “شؤم” بالنسبة للمملكة العربية السعودية، ففي الأيام العشرة الأولى منه فقط،، جرى احتجاز سفينة شحن اماراتية محملة بالأسلحة السعودية كانت في طريقها الى مدينة جازان جنوب المملكة، وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بانتقادات ساخرة لمؤتمر صحافي للعميد تركي المالكي، الناطق باسم قواتها المسلحة، وتحالفها في حرب اليمن، استعان فيه بفيديو قال انه يوثق مخزونا للصواريخ اليمنية في ميناء الحديدية اليمنية ليثبت لاحقا ان هذا المقطع المصور مأخوذ من فيلم امريكي موجود على “اليوتيوب” جرى تصوير بعض لقطاته في العراق، واعتبرها الكثير من المعلقين على هذه الوسائط بأنها سقطة او فضيحة كبيرة.
لكن الازمة الصاروخية الأكبر التي تعاني منها المملكة هذه الأيام اكثر خطورة من هذا الكشف الفضيحة، فقد نشرت صحيفة “الفايننشال تايمز” البريطانية تقريرا استندت فيه الى مصادر أمريكية رفيعة يؤكد ان السعودية تعاني من عجز كبير في مخزونها من صواريخ “باتريوت” الاعتراضية، ولهذا طلبت من دول خليجية مثل قطر والامارات دعمها بشكل عاجل بأكبر قدر منها، لان مخزونها قد ينفد في غضون ثلاثة اشهر.
الشروط المتعلقة ببيع هذه الصواريخ الامريكية للمملكة او أي دولة أخرى، تنص على حتمية الحصول على موافقة أمريكية مسبقة في حال رغبتها في ارسالها، او بيعها لطرف ثالث، ويبدو ان هذه الموافقة قد صدرت لدولتي قطر والامارات وربما الكويت ايضا، ولكن ما زال من غير المعروف ما اذا كانت هذه الدول قد تجاوبت ايجابيا مع الطلب السعودي، وارسلت شحنات من الصواريخ الى الرياض، فهذه أمور تتسم بالسرية والتكتم، وما علينا الا انتظار تقارير الصحافة الغربية او تسريبات المسؤولين الأمريكيين.
المخزون السعودي من صواريخ “الباتريوت” اوشك على النفاد بسبب تزايد الهجمات اليمنية الحوثية على اهداف في العمق السعودي بالصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة في العامين الماضيين، فلندر كينغ المبعوث الأمريكي الى اليمن قال ان عام 2021 المنصرم شهد 375 هجوما صاروخيا باليستيا على السعودية انطلاقا من الأراضي اليمنية، بينما احصت صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية 29 ضربة بالطائرات المسيرة و11 هجوما صاروخيا في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي فقط.
تكلفة الصاروخ الباتريوت “الواحد”، وحسب الصحيفة المذكورة آنفا تزيد عن مليون دولار، وهذا عدا قيمة منظومات الاطلاق، بينما يكلف الصاروخ اليمني المصنع في “كهوف” جبال صعدة اقل من عشرة آلاف دولار، والشيء نفسه يقال عن الطائرة المسيرة، والامر الذي يكشف احد ابرز مفارقات الحرب اليمنية.
تكثيف سلاح الجو السعودي لغاراته على قوات حركة انصار الله الحوثية (الجيش اليمني ووحدات المقاومة) في الأسابيع الاخيرة لمنع تقدمها، والسيطرة على مدينة مأرب الاستراتيجية، وعودة هذه الغارات بقوة أيضا لقصف العاصمة صنعاء، ومطارها ربما يستدعي ردا صاروخيا باليستيا كبيرا ومن اسراب الطائرات المسيرة للعمق السعودي، في وقت يقترب فيه المخزون من صواريخ “باتريوت” من النفاد مما قد يؤدي الى كارثة كبيرة للسعودية، من حيث احتمال إصابة هذه الصواريخ والطائرات المسيرة الموازية لها، لأهداف استراتيجية سعودية مثل منشآت أرامكو النفطية، والمطارات، والبنى التحتية الأخرى، وربما وقوع خسائر بشرية أيضا.
الأشهر القادمة قد تكون صعبة جدا بالنسبة الى المملكة خاصة ان جميع الخطوات التي اتخذتها قيادتها للوصول الى اتفاق وقف اطلاق النار في حرب اليمن، بما في ذلك اربع جولات من الحوار مع ايران في بغداد لم تحقق أي نجاح، وسحب إدارة بايدن لجميع بطارياتها الدفاعية الصاروخية (باتريوت وثاد) من القواعد الامريكية لحماية منشآت نفطية في ابقيق وخريص وراس تنورة.. والله اعلم.
“راي اليوم”