فاطمة الزهراء مدرسة خالدة لا ينطفئ نورها.
إب نيوز ٣٠ يناير
وفاء الكبسي.
الحديث عن السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، هو حديث ذو شجون كبير، قد يتهيب المرء الحديث عن هذه الشخصية الفريدة في صفاتها، ومكانتها، ودورها الكبير والمتميز في عالم النساء، كيف لا وهي ربيبة الوحي والتنزيل، وخريجة مدرسة النبوة والرسالة وشبيهة أباها الرسول الأعظم في صفاته وأفعاله، في هذا المقال سأتطرق إلى تربية السيدة الزهراء لأبنائها- عليهم السلام- حيث مارست دور الأمومة قبل أن تصبح أمَّاً ، وما كلمته -صلى الله عليه وآله وسلم- بحقّها على أنّها “أمُّ أبيها” إلَّا تعبيرٌ عملي عن هذا الدور الكبير، أكثر منه جائزةً تكريميّةً.
فالسيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- تُعتبر الأم المثالية والقدوة الحسنة، في كل شيء، كيف لا وهي سيدة نساء العالمين ،وبنت خير المرسلين وزوجة أمير المؤمنين الإمام علي -عليه السلام- وأم ريحانتا رسول الله -صلى الله عليه وآله- فالباحث في كيفية تعاملها مع الإمامان الحسن والحسين -عليهما السلام- الديني والتربوي، يجدها أنها تدعو أبنائها إلى القيام بأمور الدين على أتم وجه ، وتربيهم أفضل تربية، ففطنت سيدتنا فاطمة إلى أن التعامل الناجح مع الطفل يعتمد على أساليب تربوية مدروسة، تقوم على العلم والخبرة والتجربة وسعة الصدر والصبر والاحتواء؛ ونظراً لأهمية تلك المرحلة العمرية فقد صاغت لها منهجاً في التعامل التربوي والعلمي، أنتجت شخصيات ناجحة منجزة، وقيادات متميزة فذة، وعلماء متفردين عباقرة كان لهم الأثر الواضح في المجتمع الإسلامي وهما (الحسن والحسين) -عليهما السلام- سيدا شباب أهل الجنة.
فقد كان للسيدة فاطمة الزهراء أثر ديني وتربوي في تربية أبنائها الإمامان الحسن والحسين -عليهما السلام- حيث كانت شغوفةً بهم وحريصةً عليهم، ترعاهم أحسن رعاية وتهتم بهم أشد أهتمام، كيف لا وهما ريحانتا رسول الله -صلى الله عليه وآله- وسيدا شباب أهل الجنة فيجب أن يظهرها بمظهر بيت النبوة الذي يخلى من أي شائبة فتركت بهم أثار كثيرة كالطاعة والعلم والخير والصلاح والاعتماد على النفس.
لنقف على بعض هذه الأثار في تعامل السيدة الزهراء-عليها السلام- مع الإمامان الحسن والحسين -عليهما السلام- منها:
1-الحث على العلم والتعلم فقد كانت الزهراء عليها السلام تحثّ أبناءها على العلم والتعلم، وتحثّ الحسنين -عليهما السلام- على الحضور في المسجد والاستماع لخطب وأحاديث جدّهما الرسول -صلى الله عليه وآله- ثم استنطاقهما وسؤالهما بعد العودة إليها، عما جرى من سؤال وجواب ووحي، وبهذه الطريقة كانت تحرص على تحصيل المعرفة لولديها.
2-التشجيع على فعل الخصال الحميدة كالاستقامة والصدق والوفاء:حيث غرست الزهراء عليها السلام في نفوس أولادها خصال الخير، ومكارم الأخلاق وأرضعتهم مبادئ التوحيد والدفاع عن الحق، وحرصت -عليها السلام- على تنشئة أولادها على الاستقامة وعودتهم على الصراحة، والصدق والوفاء بالعهد، والتحلي بمكارم الأخلاق.
3-عدم التفريق بين الأطفال واللعب معهم : حيث دلتنا الزهراء على شيء مهم نغفل عنه في حياتنا الاجتماعية ألا وهو عدم التفريق بين الأبناء في التعامل وإظهار الحب، لأن ذلك يبعث على الطمأنينة والانسجام، ونبذ الكراهية والغيرة، فقد روي أن الحسن والحسين كانا يكتبان فقال الحسن للحسين عليهما السلام خطي أحسن من خطك، وقال الحسين : بل خطي أحسن، فقالا لأمهما: احكمي بيننا من أحسن منا خطاً، فكرهت فاطمة تفضيل خط أحدهما عن الآخر، فقالت لهما: أنا أنثر بينكما هذه القلادة، فمن أخذ من جواهرها أكثر فخطه أحسن فنثرتها وأخذ كلاهما الجواهر مناصفةً .
فالأطفال بحاجة إلى محيط أسري هادئ يشعرهم بالطمأنينة والأمن، أما النزاع والاختلافات فهي بمثابة عاصفة عاتية تدمر مشاعر الطفل وتقذف في قلبه الخوف والقلق.
4-الاعتماد على النفس : إن المتتبع للأخبار يجد أن سيدتنا فاطمة الزهراء -عليها السلام- ربت الإمام الحسين -عليه السلام- الذي اختار التضحية بنفسه وجميع أهله وأعز أصحابه في سبيل الله ومن أجل مقارعة الظلم والظالمين.
ومن الأثار المهمة التي تركت أثراً كبيراً هو اعتماد الإمامان الحسن والحسين -عليهما السلام- على نفسهما وعدم الإتكال على أحد ونرى ذلك واضحاً في شخصية الإمامين الحسن والحسين -عليهما السلام.
5-معاملة الطفل باحترام :
وقد كانت السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- تحترم شخصية أطفالها وتعاملهم معاملة الرجال مما جعلهم يشعرون بمنزلتهم، ويطلعون على مكانتهم ويبنون شخصيتهم، كذلك ربت الزهراء الحسن على المسؤولية، وكذلك مظلوم كربلاء الحسين فقد ربته على التضحية بنفسه وماله وأهله من أجل الدين، وربّت زينب على العفة، والتضحية والصمود أمام الظالمين والأعداء.
كان ذلك بعض من أثر سيدتنا فاطمة الزهراء الديني والتربوي في معاملة وتربية أبنائها، وهذا ما يجب على كل أم مؤمنة قدوتها الزهراء -عليها السلام – أن تنهج نهجها وتمشي على خطاها وسيرتها في تربية أبنائها، لأن الزهراء ربيبة الوحي والنبوة تعرف جيداً مناهج التربية الإسلامية في معاملة الأبناء، ولكن للأسف نجد بعض من الأمهات تعامل أبنائها معاملة سيئة وتشتم بهم وتعنف عليهم، وهذا مخالف لما جاءت به شريعتنا الغراء، إلا أن هناك مازال الكثير من نساء اليمن العظيمات من أتخذنَّ من سيرة فاطمة الزهراء ومن وعيها وجهادها طريقة ومنهاجا، دافعنَّ به عن حقهن وقضيتهن الكبرى في مواجهة قوى الإستكبار العالمي، فنراهن يربين أبنائهن تربية الرجال ويبنين الأجيال القادمة حسب المدرسة المحمدية العلوية الفاطمية، وهكذا ستظل فاطمة الزهراء -عليها السلام- مدرسة وشعلة خالدة لا ينطفئ نورها؛ لأنّ الله متم نوره ولو كره المشركون.
#الحملة_الدولية_لفك_حصار_مطار_صنعاء