كاتب وسياسي فلسطيني : يوم تطاول احد الأجانب على اليمن بوقاحة.. وكانت معركة
إب نيوز ١٥ مارس
لم اشعر يوما في حياتي انني غريب أو لست مواطنا في اي بلد عربي زرته.
ولقد زرت كل البلاد العربية.
وفي كل بلد عربي خطط حدوده الاستعمار القديم وحافظ عليها الاستعمار الجديد لم اكن اجد حدودا بينه وبين دولة اخرى.
شعوب الدول العربية عرب موحًدين.
وكم كنت اجد من السهولة بمكان أن افهم اللهجة واتقنها بسرعة واللهجات في بلادنا العربية مختلفة لكنها لغة واحدة.
ونحن في فلسطين لهجات اللغة تختلف من مدينة لاخرى ومن قرية لاخرى وفي كل مدينة او قرية هنالك اختلاف في اللفظ او اختلاف في النطق لكن اللغة واحدة.
الامر يعود لقبائل العرب فبعض القبائل تلفظ الجيم قاف والقاف جيم والكاف قاف والقاف كاف وهكذا لكن من هو عربي اصيل يفهم بسرعة تلك الفروق ويتقن النطق باللهجة اياها لكن ما اتحدث عنه يفوق تلك الفوارق في اللفظ او اللهجة اني اتحدث عن الشعور الشعور بالمواطنة.
الشعور بالاخوة.
الشعور باننا شعب واحد أمة واحدة وبلد واحد ففي الجزائر والصحراء مثلا تجد ان اللهجة تمتلك فوارق مع لهجات المشرق العربي لهجات سوريا ولهجات لبنان ولهجات الاردن لكن الشعور يفوق اللهجات وينبع من اللغة الام لغة القرآن العربية.
والشعور ينبع من تعامل اليشر مع بعضهم البعض انت فلسطيني في الجزائر يشعرك الجزائري انك في بلدك ومواطن مثلك مثله لا بل اكثر.
وتشعر انت ان الجزائري فلسطيني لا بل اكثر.
وكذلك في المغرب العربي وكذلك في تونس وكذلك في ليبيا اما مصر فتجد منها حلاوة في العلاقة ورقة ودلعا لدرجة انك تتصور ان القاهرة هي قلب العرب النابض وتتوجه الى العراق حيث اللهجة اقسى لفظا واكثر تعبيرا وحيث المشاعر اغنى حبا والتزاما وعطفا بامة تواجه خطرا واحدا من كل الجهات وفي سوريا تلتقي اللهجات قلب بلاد الشام وفي الاردن كذلك اختلط الفلسطينيون والاردنيون دما ولهجة فخرجت اللغة العربية اقرب الى الفصحى منها الى اي شيء آخر وفي فلسطين يستقبل الفلسطينيون كل اللهجات لانهم يشعرون انهم فعلا قلب العروبة النابض انهم الارض التي تلتقي فيها العروبة من اجل الدفاع عن نفسها ومن اجل التقدم ومن اجل الرقي ومن اجل تبوء المكانة التي تستحقها امتنا في هذا العالم الذي تتصارع فيه الامم من اجل رفعة شأنها وتقدمها ونموها ، قلت انني لم اشعر بانني غريب بل شعرت بانني ابن البلد حيثما ذهبت في بلداننا العربية لانني اعلم ان تلك البلدان لم تكن بلدانا بل كانت موحدة لامة عظيمة وان الاستعمار هو الذي قسمها وجاء سايكس وجاء بيكو وجاء غيرهم وجاء الاستعمار الجديد واستمرت الامبريالية في تكريس هذا التقسيم لا بل زيادته من اجل نهب ثرواتنا ونهب ارادتنا وافشال مخططنا للتقدم والنمو أما في اليمن فقد قاتلت كيمني ضد الانجليز لانني اشعر ان هذا واجب كل عربي تماما كما اشعر الآن ان واجب كل عربي ان يدافع عن شعب اليمن العظيم الشعب المكافح الشعب الذي لم تستطع تركيا ان تحتله او بريطانيا فاكتفت باحتلال الساحل عدن حيث قاتلت مع اليمنيين لطرد الانجليز بعد قرن من الاستعمار اليمن بلدي واليمنيون اهلي.
هكذا اشعر كلما زرت اليمن من عدن الى صنعاء ، في ليلة من الليالي في مدينة صنعاء كنت اتناول طعام العشاء مع مجموعة من الاصدقاء وفيما نحن جالسون شغلت الطاولة المجاورة لنا من قبل مجموعة من الاجانب ورحنا نتحدث ونتندر وناكل من ذلك الطعام اليمني الشهي واذا بمن يجلس الى جانبنا يرفع الصوت بتعابير وجمل فيها اهانة للعرب ولاهل اليمن فيها استكبار واستعلاء واحتقار للعرب واليمنيين فالتفت اليهم وقلت بالانجليزية الافضل ان تخرسوا وان لا تسيئو لبلد يستضيفكم او لشعب يستضيفكم فوقف احدهم وهو طويل القامة ليقول لي هذا ليس من شانك فقلت له هذا من شاني والافضل لك ان تجلس قبل ان اقف انا جلس الرجل وعاد الى الكلام بنفس المستوى من الاهانة والاستكبار والتعجرف واحتقار العرب واليمنيين.
لم استطع التحمل.
هببت واقفا وسرت نحو مدخل المكان وطلبت من ذلك الرجل ان ياتي ان يلحق بي.
وعلا الصوت من قبلي ومن قبله وقلت له في نهاية الامر الافضل لك ان توضب حقائبك وترحل غدا اني اعطيك اربعة وعشرون ساعة لمغادرة اليمن والا لن تكون بامان او سلام بل في خطر.
وقلت له انا انبهك لانك تهين شعبا باكمله وامة باكملها وانت في ديارهم اخرج من هذا البلد هذا انذار لك.
ارتفع صوته غاضبا وراح يتحدث بسرعة حول عدم رغبته بالمغادرة.
وفجاة وجدت ان هنالك ثلاث يمنيين يقفون حولي نظرت اليهم ووجدت في عينيهم رقة وحنانا وحبا وسأل احدهم بسرعة ما الامر.
اجبته باختصار ان هذا الرجل يهين العرب واليمنيين وقد اعطيته انذارا بالرحيل خلال اربعة وعشرون ساعة من الزمن واتبعت ذلك بالقول طبعا انا لا املك الصلاحية ولست مسئولا يمنيا وقد يكون كلامي خارج الاطار القانوني لكنني قلته كعربي يدافع عن شرف العرب وعن سمعتهم وعن حقهم في الكرامة في بلدهم او في غير بلدهم التفت الرجل اليمني الى الاجنبي وقال له امامك اربعة وعشرون ساعة لمغادرة اليمن قالها بالانجليزية.
أكد كلامي وانذاري لذلك الاجنبي الوقح ثم نظر الي وصافحني وشكرني على موقفي ثم عرًف نفسه كان مديرا للمخابرات اليمنية يلبس اللباس الشعبي اليمني واتى للمطعم لتناول لقمة تسد جوعه.
قال لي انت تمثل اليمن بما قلت وبموقفك الابي انت عربي اصيل.
قلت له اشكرك على مساندتك موقفي.
قال لي لا تقل شكرا انت الذي نبهتنا الى هذا الوقح وانت تامر هنا كمواطن عربي لك كل الحق بان تحمي اليمن وتحمي العرب من مثل هؤلاء.
عانقته وعدت الى طاولتي لاكمل العشاء وخرج الرجل الاجنبي فورا من الفندق ، لم اتابع الموضوع انهيت اعمالي في اليمن وغادرت الى جزء آخر من وطني الكبير.
كاتب وسياسي فلسطيني
*بسام ابو شريف