كاتبة تونسية : إيقاف الحرب في اليمن أولوية أيضا ..
Share
إب نيوز ١٨ مارس
اذا تأكد اعلان مجلس التعاون الخليجي استعداده التفاوض مع الحوثيين لانهاء الحرب في اليمن فسيكون من المهم التمسك بهذا الخيط من الامل لتجنيب الشعب اليمني مزيد الماسي , ليس من الواضح ان كان الاعلان مرتبط بما يشهده العالم من تطورات خطيرة متلاحقة و مخاوف من تداعيات الحرب في اوكرانيا على الجميع و لكن الاكيد ان هذه الحرب العبثية طال امدها و يجب ان تتوقف و يكفي ما لحق الدول العربية خلال العقود الثلاثة الماضية من قتل و دمار.
الحرب بشعة مهما كانت اهدافها ومبراتها اذ غالبا ما يتسبب فيها الاغبياء ويدفع ثمنها الابرياء و المهمشون و البؤساء , فيما سينصرف من تسببوا في اندلاعها اجلا او عاجلا الى التفاوض و سيجلسون حول طاولة مشتركة للاتفاق حول خارطة جديدة تحدد مصالح كل طرف من الاطراف ..
وحدهم اليتامى و الثكالى و المشردون سيجدون انفسهم ينتظرون عندما تضع الحرب اوزارها أبا لن ياتي و ابنا شارك في القتال لن يعود و بيتا تهدم و قد لا يرتفع سقفه من جديد ..
المشهد في اليمن مأساوي و كل التقارير الانسانية و الدولية تؤكد منذ فترة لم تعد بالقصيرة ان هذا البلد يقف على حافة الهاوية ولا احد بامكانه ان يفهم كيف تجنب اليمنيون السقوط النهائي حتى الان …
نقول هذا الكلام على وقع انباء بقبول مجلس التعاون الخليجي و لاول مرة منذ انطلاق هذه الحرب التي قد لا تكشف نتائجها الكارثية على الجميع ابدا , القبول بالتفاوض مع الحوثيين لانهاء هذا النزيف العبثي الذي انهك الجميع دون استثناء ليس ترفا ..
طبعا ندرك جيدا انه سيكون من السذاجة بل من الغباء الاعتقاد لحظة واحدة انه سيكون بالامكان توقع تقدم او نجاح هذه المفاوضات من البداية والارجح ان التعنت و المكابرة سيكون سيد المشهد من مختلف الاطراف سواء تعلق الامر بالحوثيين الذين يستمدون قوتهم من ايران او من مجلس التعاون الذي دفع ثمنا باهضا و لا يزال بسبب هذه الحرب ..قد تكون في هذه الدعوة التي اعادتها الى المشهد الحرب الاوكرانية التي كشفت الوجه القبيح للمجتمع الدولي العاجز عن حل الخلافات و الازمات بعيدا عن الرصاص و القنابل و الصواريخ و الدمار ..و لعله من المهم الاشارة ان الحرب في اوكرانيا التي تدخل يومها العشرين سجلت حتى الان اربع جولات من المفاوضات بين طرفي النزاع الروسي و الاوكراني و هو ما يؤشر الى وجود رغبة في الدفع الى انهاء هذه الحرب و تجنب ان تتحول الى حرب استنزاف لا تنتهي و الارجح ان قنوات التفاوض بين موسكو و كييف ستجد لها منفذا على ارض الواحد و ستنتهي الى اتفاق يجنب اوروبا و روسيا نزاعا دمويا مدمرا قد يكون اخطر و ابشع من الحربين الكونيتين السابقتين ..
ندرك جيدا ان اخطر ما في الحروب ليس بداياتها فاعلان الحروب يبقى دوما الامر الاسرع و لكن الاخطر و الاعقد في قرار انهاء الحرب و هنا اصل الداء ..
لا خلاف ان الحرب في اليمن طال امدها و تجاوزت تداعياتها كل التوقعات و لكن لا يبدو ان هناك ارادة سياسية للاطراف المعنية و تحديدا الحوثيون و حلفائهم و في المقابل التحالف الدولي في الحرب ضد اليمن لانهاء هذا المشهد و تجنيب الاجيال الراهنة و اجيال المستقبل مزيد الماسي …حتى هذه المرحلة لم يعلن الحوثيون موقفهم من دعوة مجلس التعاون الخليجي بشأن هذه المبادرة و ربما ينتظر الجماعة اشارة من طهران لا سيما بعد قرار الامم المتحدة تصنيفهم على قائمة الجماعات الارهابية في قرار بالمقايضة تمكنت الامارات من تسجيله في الامم المتحدة مقابل التصويت بشان قرار الجمعية العامة الاستثنائية حول التدخل الروسي في اوكرانيا ..
و في انتظار ما يمكن ان تؤول اليه هذه المفاوضات ان كتب لها ان ترى النور نهاية الشهر الحالي فقد يكون لزاما على كل الاطراف المعنية بالحرب في اليمن ان تدرك ما صنعته الحرب بهذا البلد الذي تحول من اليمن السعيد الى اليمن الحزين و كان الشعب اليمني الذي انتفض ضد نظام عبد الله ووجد نفسه في قبضة الحوثين لا حق له في الحياة و الكرامة ..طبعا سيكون من غير المنطقي اختزال الازمة في اليمن في الصراع بين الحوثيين و بين التحالف و بين سلطة غير قادرة على العودة الى حيث يجب ان تكون فالصراع اكبر من لغة الارقام و التناطح اليومي للقنابل و الصواريخ في سماء اليمن الذي يبكي حاضرة و ماضيه و مستقبله بعد ان وقع ضحية معركة قوى اقليمية و دولية متناحرة لا يهمها كم سيدفن اليمنيون من الاطفال و النساء و الشباب بقدرما ما يهمهم حدود النفوذ الذي يتطلعون اليه في منطقة عبور تجاري دولي تربط بين اكثر المناطق البحرية نشاطا في العالم ..
ثامني سنوات مضت على اندلاع الحرب في اليمن و لا مؤشرات على اقتراب نهاية الجحيم رغم كلالتقارير الدولية و الارقام المرعبة حول حصيلة الضحايا في بلد يواجه اخطر ازمة انسانية في العصر الحديث ..
الاكيد ان فشل و غياب الجامعة العربية في العراق و في سوريا و ليبيا و اليمن و قبل ذلك في لبنان و في فلسطين سيلاحق من يفترض انهم اصحاب القرار ممن لم يكونوا في الموعد عندما تعرض دول عربية للدمار و الخراب و تعرضت شعوبها للضياع و التهجير و التشرد …وقف هذه الحرب اولوية الاولويات لانقاذ ما يمكن انقاذه و الانطلاق في رصد قائمة الضحايا ان كتب لها ان تعرف يوم.