هل بالغت موسكو بتقدير قوتها العسكرية فتراجعت في كييڨ؟

 

إب نيوز ٦ إبريل

كَتَبَ : إسماعيل النجار

 

روسيا العُظمَىَ صاحبة أعتى جيش في أوروبا، القوَّة النووية القاهرة، “تقهقرت” في كييڨ وأنكفئَت بسبب المقاومة الأوكرانية الشرسة لها رغم كثافة وقوَّة النيران التي أطلقها جيشها في أرض المعركة!
الأمر فرضَ تساؤلاتٍ كبيرة لَدَى الخُبراء العسكريين والمراقبين الدوليين، وتفاجئوا لدرجة الصدمة من هَول المقاومة الأوكرانية والعجز الذي وقَع بهِ الجيش الروسي،
الأمر دونهُ أخطاء جسيمه إرتكبتها القيادة العسكرية الروسية من حيث ترتيب الأولويات العسكرية والجغرافيا والتوقيت،

واحد من الأخطاء أن موسكو إستعجلت الحسم العسكري، فأختارت كييڨ هدفاً رئيس لقوَّاتها ظِنَّاً منها أنها تستطيع أن تُخضِع القيادة الأوكرانية إذا ما حاصرتها وضَيَّقَت الخناق عليها،
وتركت الجهة الغربية المحاذية لبولندا ورومانيا مفتوحةً على مصراعيها، فشكَّلَت بوابَة عبور للمساعدات العسكرية الغربية والمقاتلين الأجانب والإرهابيين التي أرسلتهم تركيا التي تتلقاهم كييڨ بكل أريَحِيَّة،
أصبحَ التركيز الروسي على العاصمة الإدارية لأوكرانيا أكبر من اللازم، وإبتعدَت عن مناطق أكثر خطورة وحساسية، تعتبرها كييڨ شريان حياة لها سمَح بدخول المساعدات العسكرية والمقاتلين الأجانب ومنهم داعش وجبهة النُصرَة المتمرسين في حرب العصابات والشوارع واللتان يدعوان للجهاد ضد القوات الروسية (الغازية) حسب تعبيرهم،

الجيش الروسي إصطَدَمَ بمقاومة عسكرية شرسة في شوارع العاصمة الأوكرانية، فهو تَهَيَّبَ إدخال جنوده في معارك قريبة على مسافة صفر يدور رَحاها من مبنىَ إلى آخر ومن غرفة إلى غرفة، وأكتفى بإطلاق النيران الكثيفة على المباني التي يتحصن بداخلها المقاتلين، وبعد ذلك تتقدم القوات الروسية فيخرج إليهم المدافعين عن المدينة ليخوضوا معهم معارك طاحنة كانت تنتهي بإنزال خسائر كبيرة بصفوف الجنود الغير مدربين على هكذا نوع من الحروب الصعبه،
لَعِبَت في هذه المعركة العناصر الإرهابية التكفيرية التي أرسلتها تركيا إلى هناك دوراً رئيسياً حاسماً أخَّرَ عملية سقوط العاصمة والحسم، ودفَع بالجيش الروسي إلى الإنكفاء بسبب ضخامة الخسائر البشرية والمادية التي تكبدها رغم إعلان موسكو أن إنكفائها كانَ تكتيكياً وبموجب خطة عمل عسكرية،

فكان القرار بالتوجه نحو الشرق لإصلاح الخَلَل الذي وقعت به القيادة الروسية الغير متنبهةَ لنقاط القوة لدى الجيش الأوكراني، وذلك رغم تجربة الجيش الروسي في حرب الشيشان التي تعتبر الأصعب والأشرس في العالم،
فقررت موسكو الإكتفاء بتحرير أراضي الدونباس بعد تدمير ٩٠٪من القوة الجوية الأوكرانية وسلاح البحرية، وبعدما أصبحت كييڨ عاجزة عن تشكيل خطر إستراتيجي على الأمن القومي الروسي، ولكن ذلك لا يستبعد دخول الجيش الروسي مدناً أخرى إذا ما لزِم الأمر.
في الخُلاصة ثبتَ لدىَ كافة قيادات الجيوش العالمية أن مَن يحسم المعركة على الأرض هو المقاتل الشَرِس المُدَرَّب صاحب الإيمان بعدالة قضيته وصاحب العقيدة القتالية،
وتجربة روسيا في أوكرانيا كانت مختلفة عن الشيشان ففي غروزني تم تدمير البشر والحجر لأنهم مسلمون واستخدمت روسيا أقصى قوتها النارية حتى أصبحت العاصمة الشيشانية أرض سهمدان من بابها لمحرابها فأنتصرت،
أما في أوكرانيا هيَ صرَّحَت أنها تتجَنَّب سقوط مدنيين أو تدمير معالم المدينة لأن لهم أم تبكيهم وتطالب بهم.
بكل الأحوال بعد كل هذه التجارب العسكرية فإن حزب الله قوة عالمية يُعتد لها هزمت أشرار العالم دولاً وعصابات،
وروسيا العُظمى ربما تحتاج اليه لتدريب ضباطها وجنودها في المستقبل،
أهلاً وسهلاً بكم أغرار لا شيء بِلا ثمَن.

بيروت في….
5/4/2022

You might also like