مسرحية الدنابيع السبعة !
إب نيوز ٨ إبريل
عبدالملك سام
أينما وليت وجهك تجد الناس يتكلمون عن الهدنة والتسوية ، وجاء خبر انخفاض أسعار صرف العملات الأجنبية ليثير الموضوع أكثر ، والناس بين من فتح أشرعة التفاؤل على مصراعيها لتذهب به إلى توقعات لم ترد في أكبر التحليلات السياسية التي تتحفنا بها القنوات العالمية ، وبين متشائم لا يرى فيما يحدث شيء يعنيه ، خاصة وأن لا شيء تغير في واقعه .. فماذا يجري فعلا ؟!
بصراحة .. دعوني أقف مع الصف الثاني ونتكلم عما يجري بهدوء ، فمنذ أشتعال المعركة بين روسيا والغرب ونحن نتوقع أن التغيرات ستحدث لا محالة ، وجائت عمليات اعصار اليمن ردا على زيادة الحصار لتصب النار على الزيت (فعلا) ، وأمريكا بدأت تئن جراء معركة الطاقة التي يديرها الروس بحنكة ، لذا كان من المتوقع أن تفعل أمريكا شيئا لإيقاف النزيف السعودي للحفاظ على منسوب النفط ، وكان من الضروري أن تتحرك الأمم المتحدة للحفاظ على ماء وجه النظام السعودي بمبادرة قالت أنها (إنسانية) ومستعجلة !
اذن .. لم تجنح السعودية للسلم بقرارها ، بل برغبة الغرب ما جعل الأمر حتميا ، وتبرمت السعودية قليلا بإختراقات هنا وهناك ، ولكن الأوامر الأمريكية كانت صارمة ، لذلك تم الأتفاق ، خاصة والمطالب اليمنية كانت كلها معقولة ومحقة . لكن النظام السعودي المتعجرف لابد وأن يجعل الأمر يبدو بأنه قراره هو ، فتم الاعلان بأن هناك حوارا ، ولكن المشكلة هي بين من ؟! فشروط الطرف اليمني للتفاوض معروفة ، والنظام السعودي غير مستعد لأي لقاء يجلس فيه مع اليمنيين ند بند ، وغير موافق على تحكيم العقل الذي معناه أن يرفع يده عن اليمن ، ولكنه مجبر على أن يظهر أن كل ما يجري هو تنفيذ لرغبته هو وليس تنفيذا لتوجيهات ورغبة مشغليه !
يتوقع الأمريكيون أن غزوة أوكرانيا ستحتاج لفترة حتى تتضح الصورة ، وقد بدأوا بالبحث عن بدائل للغاز والنفط الروسي ، وعليه تم الموافقة على هدنة لمدة شهرين . أما الحوار الذي دعت له الرياض فيحتاج لأطراف لتتحاور ولو شكليا ، المهم أن ينعقد والسلام ! لذلك رأينا أن الذي حدث هو جلوس العملاء مع أنفسهم ، وتم ملء المقاعد ولو بأشخاص “كومبارس” ليشربوا ويأكلوا ولا يهم عما يتكلمون ! وخرج الحوار بنتائج ليظهر أن له أهميه ، ومن مخرجاته إقالة الدنبوع (الذي لا يفعل شيئا) ونائبه (الذي لا يفعل شيئا أيضا) ، وأتوا ببدائل من المؤكد أنهم لن يفعلوا شيئا ؛ فإرادة السعودية ونفطها هما ما يسير كل العملاء !
مكروا فلم يفلحوا ولن يفلحوا ؛ والمسرحية الفاشلة التي أدارتها الرياض أظهرت سخافة الحاضرين الذين كان معظم حواراتهم عن الهبات السعودية لمن حضروا ، وجلس العميل ليتبادل الحديث مع عميل آخر ، وأتفقوا جميعا على أن ينصتوا ليستلموا مخصصاتهم دون منغصات ! فجلسوا وأدى كل منهم دوره ثم عادوا لفنادقهم سعداء ، وهناك تفاجأوا كلهم بالقرارات التي كان من المفترض أنهم هم من أتفقوا عليها !
أما نحن اليمنيين فالأمر لا يعنينا مطلقا ، فكل ما جرى لا يعبر عما ننشده من حرية وإستقلال ورخاء ، وذهاب الدنبوع – الغارق في هلوسات ما يتعاطاه ليلا ونهارا – لا يمثل لنا أي إنجازا ، ولا يقلقنا من (الدنابيع) السبعة الذين سيحلون محله ؛ فنحن نعلم من يدير المعركة سابقا ولاحقا . المهم هو أننا نعي جيدا أن ما يجري ماهو إلا هدنة ، ولابد أن نعاود التحرك عما قريب بشكل أقوى مما مضى ، فما نطلبه لن يتحقق بإتفاق ، بل لابد أن ينتزع بالقوة ؛ فكما قال الشاعر : “لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدمُ” . ولو تأملنا لرأينا كيف أن الله هيأ لنا الظروف والوقت لنستعد لما هو قادم ، والقادم سيكون أعظم بإذن الله .