(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرون للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1443ه
إب نيوز ٢٢ إبريل
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
شهر رمضان بكله شهرٌ مبارك، وهو فرصةٌ مهمةٌ وعظيمةٌ في اكتساب الأجر والثواب، وفي الارتقاء التربوي، والروحي، والأخلاقي، والإيماني بشكلٍ عام، وفي التزود بالتقوى، وفرصةٌ عظيمةٌ للدعاء، ولذكر الله “سبحانه وتعالى”، وفرصةٌ عظيمةٌ ومهمةٌ لتقوية الروابط مع القرآن الكريم، وتعزيز العلاقة معه؛ لاكتساب الهداية، واكتساب الوعي، في مرحلةٍ نحن فيها في أمسِّ الحاجة إلى الوعي، وإلى الهداية.
وفي شهر رمضان تأتي العشر الأواخر، لها أهميةٌ أكثر، وبركاتها أكثر، وفيها تُلتَمس ليلة القدر، ورسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” كان مع تذكيره بفضل شهر رمضان، وأهمية شهر رمضان، وما جعل الله فيه من البركات، يلفت النظر وينبِّه على فضل ليلة القدر، وأهمية ليلة القدر، وأهمية اغتنام فرصة ليلة القدر.
والقرآن الكريم أيضاً تحدث عن ليلة القدر، عن عظمتها، وفضلها، وبركاتها، وحديثه عنها حديثٌ عظيمٌ ومهمٌ جدًّا، عمَّا يتعلق فيها بالإنسان فيما يُكتَب له، فيما يقدَّر له، أو عليه.
عندما نتأمل في واقعنا، نجد أننا في أمسِّ الحاجة إلى الله تعالى، نحن الفقراء إلى الله، قال “جلَّ شأنه”: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر: الآية15]، نحن الفقراء إلى الله “سبحانه وتعالى”، نحتاج إلى كل شيء، ما يواجهنا وما نعانيه من المخاطر، من التحديات، من الصعوبات، من المشاكل، من الهموم، وما نحن فيه في إطار مسؤوليتنا في هذه الحياة، وما يترتب عليها في الدنيا، وما يترتب عليها في مستقبلنا الأبدي الدائم الكبير في الآخرة، كله يدعونا، ويدفع بنا، إلى أن ندرك قيمة هذه الفرصة، وأن نستغلها.
الله “سبحانه وتعالى” هو الرحيم، هو الكريم، هو العظيم، من مظاهر رحمته، من تجليات رحمته، أن يهيِّئ لنا الفرص الكثيرة، البعض منها على مستوى الزمن: كما هو حال شهر رمضان، كما هو حال العشر الأواخر منه، كما هو حال ليلة القدر فيه، فرص عظيمة جدًّا، يمكن أن تستفيد منها إذا اتجهت أنت، إذا اهتممت أنت، كان لديك اهتمامٌ بذلك، فيمكن أن تحقق لك في واقع حياتك نقلات كبيرة، وقفزات عظيمة، ونجاحات مهمة جدًّا، وبالذات فيما يتعلق بالدار الآخرة، ومستقبلك الأبدي والدائم، وهو الأهم، والأكبر، والأعظم، مع ما يَمُنُّ الله به عليك في عاجل الدنيا، فيما يفرِّجه عنك، فيما يكتبه لك، فيما يحققه لك في نفسك، أو في مسيرة حياتك.
احتياجات الإنسان هي كثيرة، وكبيرة، ومتنوعة، وواسعة: منها ما يحتاجه في نفسه، ومنها ما يحتاجه فيما يتعلق بعلاقته بالله “سبحانه وتعالى”، فأن يهيِّئ الله له الفرص العظيمة، التي يستفيد منها الاستفادة الواسعة من جوانب كثيرة، مثلما هو حال ليلة القدر.
في حديث القرآن الكريم عن ليلة القدر، قال عنها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}[الدخان: الآية3]، فهي ليلة نزول القرآن، القرآن الكريم، بعظمته، بفضله، بما له من أهميةٍ عظيمة، نزل في ليلة القدر، وهذا لأنه من الرحمة الإلهية، هو من أعظم تجليات رحمة الله “سبحانه وتعالى”، هو نوره، له قدسيته العظيمة، له شأنه العظيم، وبركاته العظيمة، هو كتابٌ مبارك، فلقدسية القرآن الكريم، لبركته العظيمة، لأنه رحمة، لأنه نور، لأنه هدى، اختار الله أن ينزله في ليلةٍ مباركةٍ وعظيمةٍ؛ لعلو شأنه وقدسيته، ولعظمته وأهميته، هذا أول ما في ليلة القدر أنها ليلة نزول القرآن الكريم.
ثم يقول عنها: {مُبَارَكَةٍ}، {فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}[الدخان: من الآية3]، بركاتها واسعة، وبركاتها تشمل أشياء كثيرة، فيما جعل الله فيها من مضاعفة الأجر والثواب، إلى حدٍ عجيبٍ جدًّا، مضاعفة الأجر فيها هي عشرات آلاف الأضعاف، عشرات آلاف الأضعاف، إذا كان شهر رمضان في بقية أيامه تضاعف فيه الأجور إلى سبعين ضعفاً، فالأجور تضاعف في ليلة القدر، تجاه ما يعمله الإنسان فيها، إن كان عمله مقبولاً، تتضاعف عشرات آلاف الأضعاف، فيما قد يساوي عمراً بأكمله، فتعتبر فرصةً عظيمةً جدًّا، العمل فيها تجارةٌ رابحةٌ بين العبد وربه “سبحانه وتعالى”.
على مستوى ما فيها من البركات الأخرى، فيما يكتبه الله للعباد في حياتهم، في شؤون حياتهم، فيما يَمُنُّ به عليهم، بركات واسعة ومتنوعة وشاملة.
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}، من بركاتها: نزول القرآن الكريم فيها، {إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}، من أهم ما في ليلة القدر: أنها ليلة تقديرٍ وتدبيرٍ لأمور البشر، لأمور الناس على مدى العام بكله، في مختلف شؤون حياتهم: في أرزاقهم، في آجالهم، في شؤونهم المختلفة، فيما يتعلق بتدبير أمورهم، في جوانبها التفصيلية، فلذلك قال: {فِيهَا يُفْرَقُ}، ضمن التدبير العام يأتي ما يتعلق بالتدبير التفصيلي لشؤون الإنسان على مستوى عامه القادم، وهذه مسألة تهم كلاً منا.
كُلٌّ منا يهمه ما يُكتَب له، أو ما يُكتَب عليه، خلال عامه القادم، أليس كُلٌّ منا يرجو الخير لنفسه، ويرجو أن يصرف الله عنه خلال عامه القادم الشر، ويرجو لنفسه في إطار الخير أن يوفقه الله “سبحانه وتعالى”، أن ييسر أموره؟ فليلةٌ لها علاقةٌ بك أنت، فيما يُكتَب لك في حياتك، في شؤونك، في أمورك، أو فيما قد يكتب عليك، ألا تهمك؟! يمكن أن يصل الإنسان في حالة الغفلة، الغفلة عن الله، الغفلة عن كل شيء، إلى مستوى نسيان النفس، نسيان ما يهمه، ما له علاقةٌ به، {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ}[الحشر: من الآية19]، لكن من يذكر الله؛ هو يتذكر بالتالي، ويذكِّره الله بنفسه، بشؤونه، بأموره الهامة، التي يجب أن تكون هي محط اهتمام لديه، هذا على المستوى الشخصي.
فهي هامةٌ على المستوى الشخصي، فيما يهمك كشخصٍ، فيما يتعلق بظروفك، وشؤون حياتك الخاصة، وهمومك، ومشاكلك؛ لأن كلاً منا لديه ظروفه الخاصة، لديه مشاكله الشخصية، لديه همومه الشخصية، جانبٌ من حياته، ثم على المستوى الجماعي، فيما يربطك بمجتمعك وأمتك الواحدة، التي تتحرك ضمنها، وتنتمي إليها، هناك أيضاً ما يكتب على المستوى العام.
يهمنا أن يكتب الله لنا الخير، ما يكتب لنا، أو علينا، يتعلق بواقعنا، باهتماماتنا، بتوجهاتنا، بأعمالنا إلى حدٍ كبير، من الجوانب المؤثرة، من الجوانب المتعلقة بما يكتب لنا، أو علينا، هي: توجهاتنا، وأعمالنا، ومواقفنا، وتصرفاتنا، وسلوكياتنا.
ولذلك يجب أن نلتفت إلى هذا الجانب، فعندما نعود إلى الله “سبحانه وتعالى”، ونرجع إلى الله “جلَّ شأنه”، بقدر ما نتوجه بالدعاء، بالتضرع، بالذكر، نحرص أيضاً على أن نتوجه بالعزم والإرادة على الاستقامة على نهجه، على التحرك وفق توجيهاته، على النهوض بمسؤولياتنا التي أمرنا الله بها، والاستمرار فيها، أن يعلم الله منا صدق التوجه في إرادتنا، في عزمنا، في نياتنا، أن نتحرك وفق تعليماته، وفق أوامره، أن نصحح وضعيتنا وفق توجيهاته، أن نتوب إليه من تقصيرنا، من ذنوبنا، من أخطائنا، من خطيئاتنا، وأن نرجع إليه.
ولذلك إلى جانب اهتمامنا بالدعاء، وما نطلبه من الله، وما نرجوه من الله، فلنحرص على أن نتوجه إلى الله بالتوجه الذي يرضيه عنا؛ لأن تدبير الله “سبحانه وتعالى” عندما يكون برضاً عنا، وهو راضٍ عنا، يكتب لنا الخير، يكتب لنا الرحمة، يكتب لنا مما يكتبه من واسع فضله “سبحانه وتعالى” الشيء الكثير في الدنيا وفي الآخرة، وفي الآخرة وهو الأهم، وهو الأبقى، الذي نحرص عليه أكثر، هذا جانبٌ مهمٌ مما ينبغي أن نحرص عليه، وأن نتنبه له؛ لأن من خصوصيات ليلة القدر: أنها ليلةٌ لتقدير أمور الناس، للتدبير الإلهي فيما يكتبه الله للناس وعليهم، وفق حكمته “سبحانه وتعالى”، ورحمته، وتدبيره لشؤون عباده.
مما ذكره الله “سبحانه وتعالى” عن ليلة القدر: سورة بأكملها هي سورة القدر، قال فيها “سبحانه وتعالى”: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر: الآية1]، (إِنَّا) الله “سبحانه وتعالى” عظيم الشأن، يؤكِّد لنا بهذا التعبير: (إِنَّا)، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، يعبِّر لنا- مع إشعارنا بعظمته “سبحانه وتعالى” وجلاله- أنه أنزل كتابه المبارك العظيم، المجيد، الكريم، في ليلة القدر، فهي ليلةٌ عظيمة الشأن، ليلة نزول البركات، نزول الرحمة، نزول الخير.
ثم يقول عنها: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}[القدر: الآية2]، وهذا يعبِّر عن عظيم شأنها وفضلها، (وَمَا أَدْرَاكَ): مستوى عظمة هذه الليلة، وأهمية هذه الليلة، وقدسية هذه الليلة، وبركات هذه الليلة، يفوق إدراكك، يفوق تقديرك، يفوق تصورك، يفوق تخيلك، أعلى من ذلك، لا يدرك الإنسان مستوى عظمة تلك الليلة، مستوى فضل تلك الليلة، شأنها أكبر وأعظم وأعلى مما يدركه الإنسان، أو يستوعبه، أو يتخيله.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر: الآية3]، لَيْلَةُ الْقَدْرِ في بركاتها، وفي فضلها، وفي خيرها، تفوق ألف شهر، وفي مضاعفة الأجر على العمل فيها، تفوق ألف شهرٍ من الزمان، ما يعادل عمراً بأكمله، عمراً مديداً، فهي ليلةٌ عظيمةٌ جدًّا، وبركاتها كبيرةٌ جدًّا.
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}[القدر: الآية4]، وفيها نزول ملائكة الله على نحوٍ واسعٍ وكبيرٍ إلى الأرض، في إطار التدبير الإلهي لشؤون البشر، وكأنَّ هناك أمور كثيرة، يبتدئ العمل من جانب الملائكة في تهيئتها، وفق التدبير الإلهي الواسع، ووفق المهام التي تتعلق بهم، والتي يقومون فيها بأمر الله “سبحانه وتعالى”، وينفِّذون فيها تعليمات الله “سبحانه وتعالى”، في تهيئة المقادير والمكتوب للبشر… وغير ذلك مما لا نعلمه.
{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر: الآية5]، من مميزات ليلة القدر، من بركاتها العجيبة، أنها: سَلَامٌ، لا ينزل فيها عذابٌ من الله “سبحانه وتعالى”، ولا نقمةٌ من الله “سبحانه وتعالى”، من أولها إلى آخرها، {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، هذا من بركاتها العجيبة، ومن خصوصياتها العجيبة جدًّا.
يبقى أن يغتنم الإنسان الفرصة، أن يحرص خلال هذه العشر الأواخر، في كل ليلةٍ منها، وفي الليالي أيضاً المتوقعة أكثر فيها، أن يُقبِل أكثر، ألَّا يضيِّع هذه الفرصة التي لا مثيل لها، على المستوى الزمني لا مثيل لها أبداً، قد يكون هذا الموسم (رمضان هذا) هو آخر شهرٍ للبعض منا، قد لا يدرك في العام القادم شهر رمضان القادم، وقد تكون هذه الليلة المباركة إذا اغتنمها، قد تكون هي ما يحدد له فيها مستقبله السعيد للأبد، ومن الغبن، ومن الحرمان أن يفوِّت الإنسان فرصةً كهذه.
خلال عشر ليال أَلَا يمكن للإنسان أن يقبل إلى الله أكثر، أن يكثِّف جهده، أن يعتني أكثر، أن يقلل من انشغالاته غير المهمة والعبثية، التي يهدر فيها وقته، وأن يكثر من ذكر الله “سبحانه وتعالى”، أن يرجع إلى الله، أن يدعو الله، وأن يكون في سلَّم اهتماماته، وفي مقدِّمة اهتماماته التي يدعو الله فيها: أن يطلب من الله المغفرة، هذا من أهم ما يحتاج إليه الإنسان؛ لأن الله الرحيم، الكريم، العظيم، يريد لنا الخير.
مشكلتنا دائماً هي في ذنوبنا، هي في خطايانا، هي في معاصينا، هي التي تؤثِّر سلباً علينا، هي التي لها آثارها السيئة علينا في الدنيا، وفي مستقبلنا الأبدي في الآخرة، أن نطلب من الله أن يغفر لنا، أن يعفو عنا، وأن نطلب منه أيضاً أن يعتق رقابنا من النار، هذا من أهم ما يطلبه الإنسان من الله، ومن أهم ما يدعو به، أن يطلب من الله ما يتعلق بشؤونه الشخصية، وهمومه، وظروف حياته، وما يتعلق بالواقع العام لأمته ولمجتمعه المسلم، أن يطلب الله له التوفيق، والنصر، والعون، والهداية… وغير ذلك من الخير العام.
ويمكن للإنسان أن يستفيد من الأدعية القرآنية، هي أدعيةٌ عظيمةٌ وجامعة:
من ضمن الأدعية القرآنية المباركة: الدعاء الجامع، الذي نطلب فيه من الله خير الدنيا والآخرة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة: من الآية201]، دعاءٌ جامع يحفظه العامي والمتعلِّم، ويفيد للإنسان المنشغل وغير المنشغل، دعاءٌ عظيم، ودعاءٌ مبارك.
وكذلك دعاء الربَّانيين المجاهدين، من أعظم الأدعية، ومن أهم الأدعية: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[آل عمران: من الآية147]، ومن المهم للإخوة المجاهدين أن يكثروا من هذا الدعاء في هذه الليالي المباركة.
من أهم الأدعية: دعاء الراسخين في العلم، الذي ذكره الله “سبحانه وتعالى” في سورة آل عمران، وهو من أعظم وأهم الأدعية التي يحتاج إليها الإنسان، الذي يحرص على التوفيق الإلهي، وعلى حسن العاقبة، ويتخوَّف ويخاف على نفسه من الزيغ، ومن الخذلان، ومن الضلال: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: الآية8].
وهكذا هناك أدعية مأثورة عن النبي “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، أدعية مأثورة من الصحيفة السجادية، من غيرها من الأدعية المأثورة والمباركة المناسبة، التي تتضمن الاعتماد على ذكر الله بأسمائه الحسنى، يمكن للإنسان أن يستفيد منها، مع الأهمية مع الإكثار من ذكر الله “سبحانه وتعالى”، من الاستغفار، والتسبيح… وغير ذلك، مع الاهتمام بالأعمال الصالحة، مع تقوى الله، والحذر من المفسدات للأعمال، والمحبطات للأعمال، مما يتنافى مع التقوى.
من أهم مواطن الدعاء، التي هي من أقرب الأماكن استجابةً، ومن أقرب الأحوال استجابةً للدعاء، هي: أحوال المرابطين في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، في ميادين الجهاد، هم في مواطن المرابطة والجهاد، وفي تلك الحالة التي يعيشون فيها أداء مسؤولياتهم المقدَّسة والعظيمة، وهم يرابطون في سبيل الله، من أهم المواطن، ومن أحسن الأحوال لاستجابة الدعاء، يجب اغتنام الفرصة فيها، والإقبال إلى الله “سبحانه وتعالى” بالدعاء، والإكثار من الدعاء، ومن ذكر الله “سبحانه وتعالى”، إضافةً إلى العناية بأعمال الخير والبر، من إخراج الصدقات وغير ذلك، من أعمال البر والخير، مع الاهتمام أيضاً بشكلٍ مستمر خلال ما بقي من شهر رمضان بالقرآن الكريم، بهدى الله “سبحانه وتعالى”.
نكتفي بهذا المقدار…
ونسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفِّقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يوفِّقنا لاغتنام ليلة القدر، وأن يكتب لنا فيها من خير ما يكتبه لعباده، من رضوانه، ومغفرته، وعفوه، والعتق من عذابه، وأن ينصرنا بنصره، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام، والقيام، وصالح الأعمال، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛