أفي سلامة من ديني.. المؤامرة بين الماضي والحاضر
إب نيوز ٢٧ إبريل
إكرام المحاقري
حين بُشر بها استبشر وجهه وتلألأت عيناه وكان اليقين بها عظيم في قلبه المؤمن، لم يخاف مما قد يحدث بل انتظر لحظتها بفارغ الصبر، إنه الإمام علي -عليه السلام- أشجع ضارب وطاعن، هارون كل زمان ومكان، ومهدم عروش الطغاة المستكبرين، إنه القرآن الناطق والحق الأبلج، وفاتح حصن خيبر، ومذل يهود بني قينقاع، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار فتح الله على يديه.
لم يأت استهداف الإمام علي -عليه السلام- من فراغ أو نزوة حرب، بل إنها تدابير الشيطان وأولياءه ليضلوا الأمة عن نهج النبي محمد واله الأخيار ووصيته في العالمين، لم تكن تلك الحادثة وليدة يومها بل إنها نتاج لإنحراف الأمة عن توجيه الله تعالى، وما حدث من حجة لله على العالمين يوم غدير خم وقال مخاطبا وموجها للمسلمين بـ (هذا)، وحدد الوصاية والولاية على لسان نبيه الكريم بتوجيهات إلهية عظيمة، وقد شهدها من أولئك الذين فرطوا فيها واستحوذوا عليها، وقد قال احدهم حين ذاك: بخٍ بخ يابن أبي طالب، مباركا للإمام علي -عليه السلام- ذاك المقام الرفيع والمنزلة العظيمة عند الله سبحانه وتعالى وعند نبيه محمد (صلوات الله عليه واله).
كان الإمام علي -عليه السلام- في قمة الإستعداد للقاء ربه، بل وتواق لتلك الضربة الغادرة، حيث لم يبالِ بها إذا كانت في سلامة للدين والمسلمين، لم يكن لديه هم أخر، إذا سلم دين الله حتى وأن أخضب لون لحيته باحمر دمه، وهذه هي عظمة الصادقين في كل زمان ومكان، يحملون في قلوبهم قضية وعقيدة يقدمون من أجلها الغالي والنفيس، وهذه هي قضية الدين -قضية الله- سبحانه وتعالى، حتى وإن كان الاستهداف للإمام علي عليه السلام، استهدافا سياسيا بحتا، حيث وتلك الضربة لم تستهدف شخص الإمام علي -عليه السلام- وإزاحته من واجهة الدين الإسلامي والتمكين الإلهي فحسب، بل أن الأمر أوسع وأشمل من ذلك.
فقد أرادوا بتلك الضربة إقصاء القرآن الكريم، وإقصاء الحق، وإقصاء النبي محمد صلوات الله عليه واله من الواجهة، فحين يقول النبي محمد -صلوات الله عليه واله- للإمام علي -عليه السلام-: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، فهذا يعني الكثير والكثير، كذلك قوله: (علي مع القرآن والقرآن مع علي ـ علي مع الحق والحق مع علي)، والأعظم من ذلك قوله صلوات الله عليه واله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فلياتيها من بابها)، فهل نعي بعد كل ذلك خطورة هذا الاستهداف الممنهج والمستمر إلى عصرنا الراهن بذات العذر والثقافة، وذات الضربة العدوانية، وبأسم الدين وبسيف وسلاح محسوب على الإسلام.
فذاك الغدر وذاك الاستهدف لم يقف عند حد معين، فالأمة الإسلامية تشهد حركة -شيطانية أموية- ممتدة في كل بقاع المعمورة، وقد سقط الصادقون مرات ومرات بإسم الدين وباعذار فضحها القرآن الكريم، واصبح البديل عن نهج الإسلام القويم، منهجا وهابيا تكفيريا صهيوأمريكيا، كما كان البديل عن منهج آل البيت، هم معاوية واتباعه من بني أمية، وللأسف الشديد البعض من الصحابة الذين خالفوا توجيهات الله تعالى حين قال لهم (هذا) وقالو (هذا) وحرفوا الأمة من مسار الحق والهدى والنور، إلى مسار الظلمات والباطل والتيه.
فالأمة الإسلامية اليوم وللأسف الشديد لا تفقه قرآنها ولا تقدر دينها ولا تعظم ربها ولا تتأسى بنبيها، اصبح الدين مجرد روتين لا أكثر، ولم تعد توجد تلك المسؤوليات التي القاها الله على عاتق المسلمون بشكل عام، بل اصبحت غريبة بعض الشيء عن المجتمعات المسلمة وكانها مزايدات في عصر التطبيع والإنفتاح!!
ختاما: لم تكن التحركات الشيطانية لأعداء الله في يوما من الأيام مجدية بل لا تأريخ لها، ومع مر العصور لم يترك الله تعالى الدين هباء منثورا، فلكل قوم هاد في كل زمان ومكان، والحق أبلج على مر الدهور، لذلك، ما زالت الحركة الشيطانية تواصل مشروع الإغتيالات حتى اليوم والذي بدأوه حين قرروا قتل النبي محمد -صلوات الله عليه واله- في فراشه، ومن ثم قتلوا الإمام عليه عليه السلام، لكنها لم تأت أكلها وبأت بالفشل بوجود المشروع القرآني وحققت نقلة نوعية من الوعي للشعوب المسلمة في العصر الراهن حين عادوا للقرآن الكريم {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}.