العيد وأشياء أخرى!
إب نيوز ٣ مايو
عبدالملك سام
العيد في الإسلام فرحة بأداء العبادات؛ فعيد الفطر يعبر عن فرحة المسلمين بإتمام فريضة الصيام، وعيد الأضحى بإتمام فريضة الحج. وفي وسط مشاعر الفرحة والحبور لا يمكنك أن تتجاهل بعض التفاصيل التي تنغص على كل ذي عقل وضمير فرحة العيد! سأحاول أن أختصر كلامي قدر المستطاع، ولو أن هذا الأمر يحتاج حديثا طويلا ذو شجون!!
أتذكر في طفولتي وبداية مرحلة المراهقة رفض والدي -يرحمه الله- شراء البنطلون لي ولإخوتي قدر المستطاع كون هذه الملابس غير لائقة بنا وبالعيد، فرأي أبي كان أن هذه المناسبات لا يليق بها سوى الملابس التقليدية الأصيلة، ولو أنه كان يرضخ في آخر الأمر لتوسلاتنا ودموعنا! وهو أمر لم ندرك صوابيته إلا بعد أن كبرنا، فالموضوع يتعلق بالهوية التي تحمي الشعوب من الهجمة الشرسة التي تؤدي -كما نرى اليوم- لتحول الشعوب إلى نسخ من الصورة التي يريدها الأعداء لها والتي تسمح لهم بأن يكونوا مصدر التأثير الأول على هذه الشعوب المستهدفة، كما تسمح لهم أيضا بجعل أسواقنا إلى سوق إستهلاكية لمنتجاتهم!
من يتجاهل هذا الأمر فعليه أن يشاهد بعينيه ماذا يحدث في شوارعنا في يوم العيد! وكأن شبابنا يرون في العيد فرصة للتخلص من آداب الإسلام الذي حرصوا عليها طوال شهر رمضان؛ فمعظم هؤلاء ممن صاموا وصلوا وحافظوا على أداء النوافل في المساجد خلال الشهر الكريم، فإذا بهم يتحولون منذ اليوم الأول في العيد لعكس هذا تماما دون حتى أن يشعروا بتأنيب الضمير تحت مبرر أنه العيد!
السؤال الذي يطرحه معظم الناس اليوم هو: أين ذوي هؤلاء الطائشين؟! أين الأباء والأمهات؟! لماذا لا يحرص الأباء على أولادهم في هذا اليوم كما كانوا حريصين على أخذهم إلى المساجد معهم في رمضان؟! كان والدي في مثل هذا اليوم يصر على أن نجلس معه ومع زائريه في بيتنا، وكان يجيب على كل من يطالبه بأن يسمح لنا بالتمتع مع “الآخرين” بالرفض بحجة أنه يجب أن نظل تحت ناظريه. أما فكرة الذهاب للحدائق والمتنزهات في العيد فقد كان يراها نوع من الإنحطاط! ولو أني أخالف نظرته في النقطة الأخيرة ولكني أعتقد أنها كانت كفيلة -رغم قسوتها- بأن تحافظ على زكاء أنفسنا في أكثر فترات حياتنا إرباكا.
اليوم نحتاج لثقافة جديدة مستمدة من ثقافة الآباء مع تعديلات بسيطة تواكب العصر، نحتاج لأن يظل أبنائنا قريبين منا، وأن نحاول أن نلبي تعطشهم للفرح بأن نخرج معهم لتكون مناسبة للفرح والتربية، فنحن مسؤولون عنهم أمام الله. بقائنا مع أبنائنا هام لنا ولهم، ولشعبنا ومستقبله. أن نرتبط بأبنائنا فرصة لتقوية العلاقة معهم لنجدهم معنا مستقبلا ونحن مرفوعين الرأس بما انجزنا، ويجعلنا مطمئنين عليهم إذا ما رحلنا.. أما عن أولئك الآباء والأبناء الذين يقضون العيد في أرض المعارك والرجولة فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.. وعيدكم مبارك.