المشكلة يا صديقي هي ..
إب نيوز ١١ مايو
عبدالملك سام
تعال أقترب.. وخذ كرسيا بيدك، وتعال لنتكلم.. لا تتأفف من كل هذا الدخان في الجو أو تلوح بيدك، فقد يظن من حولنا أننا متكبرون ولا يعجبنا الجلوس معهم.. طبعا أنت قد عرفت أننا نجلس في مقهى يضم كل المحبطين، وكلهم عرب لحسن الحظ وإن أختلفت لهجاتهم، وكلهم يدخنون لسوء الحظ حتى يكاد كل هذا الدخان الذي يخرج من أفواههم أن يئن مما رأى في صدورهم المتعبة، ولو أن هناك ثقبا في الأوزون كما يردد المترفون فهؤلاء المحبطين هم السبب الرئيسي في حدوث هذا الثقب!
دعنا نعود لموضوعنا، فأنت سألتني لماذا لا أتكلم كثيرا عن القضايا العربية، ولكن دعني أولا أن أنبهك بأن نتكلم بصوت منخفض؛ فهؤلاء المحبطين من حولنا يمكن أن يثوروا لو سمعوا أي كلام عن العرب والقضايا العربية، فهم – كما ترى يا صديقي – لم يعودوا يمتلكون ترف التفلسف في مواضيع لا طائل منها، وكلهم جاء هنا ليدخن ويحرق ذاكرته ويثرثر حتى ينسى! أنت وحدك من طلب أن يتذكر، وهذا برأيي بداية الفرج!
برأيي، وهذا رأي معظم من يجلسون حولنا، بأن قضايا العرب ما عادت تهم أحدا حتى العرب! فقد أستطاع اليهود والصهاينة أن يحبطوا الشعب العربي ويصدموه بنفسه؛ فاليهود ملوك التضليل منذ أن كانوا، فقد قتلوا أنبيائهم، ثم أنتشروا ليحلوا بلعنتهم على كل مكان وطأت فيه أقدامهم القذرة، ثم تآمروا ليجتمعوا في قلب أمتنا ليقضوا على ما تبقى من أمل للبشرية، وللأسف رغم الفارق العددي الكبير إستطاع اليهود أن يروضونا يوم فرضوا علينا قيادات على مقاسهم، ولأننا متفرقين فقد أنكسرنا، ولأننا حمقى فقد خدعنا، ولأننا لا نقرأ ولا نسمع للصادقين فها نحن تهنا!
اليوم العرب ثلاثة مشغولون بكره بعضهم بعض، فهناك المنبطحون التافهون المشغولون بشهواتهم، وهؤلاء أول المهرولين ليكونوا عبيدا لكبرائهم الصغار بدورهم أمام بني صهيون! وهؤلاء (الورعان) على استعداد للتخلي عن أي شيء ليرضوا سادتهم الذين يسمونهم (الغوليم)، وهو تعبير عبراني عن مخلوقات أدنى من البشر خلقهم (الرب) ليكونوا خداما لليهود! وكما ترى يا صديقي فهم كثر، ويملكون ثروات وضعوها – عن طيب خاطر – تحت أقدام اليهود! وهم يملكون الإمكانات التي منحتهم السلطة والتأثير ليقودوا الناس للدفاع عن أحلام الصهاينة المريضة..
أما النوع الثاني من العرب فهم من يتظاهرون بالوقار والهدوء، وجزء منهم يملك المال، والجزء الآخر يملك النفوذ والقوة، ولكن هؤلاء أختاروا أن يجلسوا في مقاعد المتفرجين؛ إما خوفا على ما بأيديهم، أو خوفا على كراسيهم غير الثابتة. وهؤلاء يمثلون الغالبية العظمى.. يعانون وهم يراقبون ما يجري بصمت، وإن تحركوا ليفعلوا شيئا فهم يفعلون ذلك ببطئ وحذر! وهم رغم هذا يظنون أنهم الأكثر حكمة، وغالبا ما يذهب هؤلاء ضحية جهلهم، ولا يدركون فداحة حماقتهم إلا بعد فوات الآوان، وبعد أن يصل إليهم شر اليهود الذي يستهدف الجميع!
النوع الثالث من العرب هم الأقل عددا، والذين يتحركون بوعي وفاعلية، والذين يدركون خطورة ما يحدث.. ولكن هؤلاء للأسف هم الأقل حظا، والأكثر فقرا. وهؤلاء غالبا نشأت في مناطقهم حضارات تليدة، ولا تسألني عن السبب فأنا لا أعلم لماذا، ولكن ربما قد يكون سبب هذا أن لديهم وعي حضاري يجري في دمائهم، وهذا ما يجعلهم يدركون الخطر الحضاري الذي يمثله اليهود على أمتهم. هذا بالضبط ما يجعل اليهود يتحركون ضدهم، ويألبون البقية عليهم وعلى تاريخهم. وهذا ما يجعل هذا الصنف عرضة أكثر من غيرهم للحقد والمؤامرات، وهو أيضا ما يجعل لتحركهم أثرا يعطي باقي الأمة أملا، ولكنهم – كما أخبرتك – منبوذون ومطحونون ومعرضون لكل أنواع الحروب، ليس أخرها حرب الوكالة والإرهاب والترهيب.
كما ترى فإن مصير الأمة واحد، وطالما عانينا من التفريق والتجهيل، وحتى تكالب بعضنا على بعض! ولكن رغم أن كل شيء جلي فكما ترى معظمنا لا يريد أن يرى أو يعقل حتى تقع الفأس في الرأس! تريد مني يا صديقي أن أتكلم عن قضايا أمتنا، فمع من أتكلم؟! كلنا يعرف المشكلة ويعرف أيضا حلها، ولكننا لا نريد أن نسمع! اليهود هم العدو، والغباء هو الخطر! ولو أردنا أن نخرج مما نحن فيه فالحل بسيط؛ لو تحرك الناس للحظة فقط لداسوا على إسرائيل ولفر باقي اليهود عائدين من حيث جاؤوا، ولانتهت كل مشاكلنا، ولحفظنا مالنا الذي يضيع في الإقتتال فيما بيننا، ولبنينا مستقبلنا، وأسترجعنا مقدساتنا ومجدنا.. المشكلة كما ترى يا صديقي لا تحتاج لمن يتكلم، بل تحتاج – كخطوة أولى – لمن يسمع ويعقل!