حضرموت لن تذهب إلى السعودية ولن تكون إلا يمنية
إب نيوز ٢٩ مايو
بقلم/ عدنان باوزير
إذا ذهبت حضرموت فكيف سيسوق الراعي غنمه من صنعاء وإلى أين ؟؟
حتى الأحاديث الشريفة سوف تبدو ناقصة ومبتورة .
وهل نستطيع بعدها أن نقف على أطلال دمون ونقول ببساطة: كذبت أيه الملك الضليل ونعيد صياغة البيت الشهير: دمون دمون إنا معشر سعوديون ؟؟ وإنا لأهلها قاطعون !
وكم سوف يلزمنا من وقت ومن جهد ومن حماقة حتى نجمع كل نقوش المسند من الجبال والسهول والوديان والقفار ونعيد صياغة النصوص ؟؟
وهل سننجح في إقناع أبنائنا أننا ببساطة عندما وردنا ضمن اللقب الملكي الحمير الكبير (ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمانة وأعرابهم في الطود وتهامة، كنا ببساطة حينها تحت الاحتلال ؟؟
وكيف سنقنع السائح مثلاً: أن ناطحات السحاب الطينية في شبام قد بناها أجدادنا السعوديون، وهم كانوا إلى ما قبل ثلثي قرن يتبولون ويتبرزون على سطوح بيوتهم في نجد قبل أن يسمعوا عن اختراع عظيم اسمه الحمام؟؟
وكيف ستتعايش ثقافة حضرموت مع نقيضتها ثقافة (طي) ؟؟
وكيف سنستطيع أن نجمع أغاني المحضار (من قال محبوبتك من ؟ قلت اليمن ) وبلفقيه (أمي اليمن) ومرسال (لبيك يا تاج اليمن) وغيرهم وغيرهم من عشرات الفنانين ومن قبلهم وبعدهم ومئات الأغاني ، كيف سنلم كل هذا التراث من البيوت والأسواق ومن ذواكر الناس الجماعية ونغيره بمدخلات سعودية ؟؟
وهل سينصاع ويتعاون معنا ابن (صعدة) مثلاً ويرضى أن يغيّر اسم جنبيته من بنت حضرم إلى بنت سعوّد ؟؟
كيف سيكون شكل وطعم وذوق الفن اليمني إذا فقد أحد أجمل ألوانه ؟؟
كيف سنستطيع أن نجتث التراث اليمني ونفرمت ثقافتنا ؟؟
هل سنقص منارة (المحضار) حتى لا تعلو على قصر الأمير ؟؟
و سنستعيض عن شرب العسل الدوعني بشرب بول البعير ؟؟
وهل سيبقى العسل الدوعني أصلاً بنفس حلاوته وشهرته ومذاقه عندما يغدو اسمه عسل سعودي ؟؟
هل ستطاوعنا أنفسنا وديننا ومروءتنا أن ننسف قبور أنبياء الله هود وصالح وحنضلة وغيرهم لأنها ستصبح بدعاً شركية، وندمر أضرحتنا وقببنا ومعالمنا التاريخية لتتواكب مع الثقافة السعودية ؟؟
هل سندير ظهورنا للمحيط ونتجه نحو الصحراء وننسى كل تراثنا ؟؟
والأهم.. كيف سنحيا من دون حوالات مالية لطالما أدمنا العيش عليها، أم سنقوم بتحويل أموال إلى اليمن ثم نسافر لاستلامها من هناك ونعود مرة أخرى إلى السعودية لنخفف الإدمان ؟؟
هل من السهل علينا أن نتخلى عن طريقتنا المثلى في نشر الإسلام بالكلمة لصالح مدرسة السيف الوهابية ؟؟
وهل سنحمل معنا جغرافيتنا ونترك تاريخنا هنا لإخوتنا اليمنيين أم سوف نحمله معنا ؟؟ و نحرف ما يتناقض منه مع تاريخ وجهتنا الجديدة وهو معظمه ؟؟
كيف سيكون شكل اليمن من بعدنا ونحن ربعه أو ربما ثلثه أو حتى نصفه نزيد قليلاً أو ننقص قليل؟!
هل سيهون علينا أن نترك اليمن العظيم وهم أهلنا وهو مهدنا ومهد كل العرب مكلوم جريح ومحشور في ركن ضيق من جنوب غربي الجزيرة العربية ؟؟ في هذه الظروف..
أي قلة أصل ستكون هذه ؟؟ وماذا سيقول الناس عنا ؟؟
لا كنا إن سمحنا بحدوث ذلك ولا كانت حضرموت ولا كان اليمن!
هذا هو عشم إبليس في الجنة وهو أبعد عن شواربهم من عين الشمس ما بقي في اليمن رجال أباة تجري في عروقهم دماء النخوة والكرامة والشرف.
الأوطان ليست حقائب سفر نحملها معنا أينما اتجهنا بل هي جغرافيا وتاريخ مشترك وهوية وآمال وذكريات وثقافة وطريقة حياة ..
نعم ربما نكسب بعض المكاسب إذا ذهبنا مع السعودية ولكننا سنخسر أنفسنا إلى الأبد .
حضرموت أيها السادة هي جزء عزيز من هذا الوطن العظيم الذي اسمه اليمن، هي كالملح تذوب في بحره ويذوب هو فيها، يصعب فصلهما عن بعض، فالملح لا يغدو ملحاً إذا أنعدم الماء، والبحر من دون الملح يتشوه ويموت ظمأ .