الهدف القاتل في الوقت الضائع !
إب نيوز ٣١ مايو
عبدالملك سام
“مات الرجل بالأمس، واليوم دفناه”! كان صديقي يحدثني عن الأمر بقلب حزين، ولذلك لم أجد بدا من سؤاله عن كيفية موت الرجل (كنوع من المواساة)، فسرد علي صديقي تفاصيل المأساة.. كان جاره في أتم صحته حين قرر أن يخرج ليرفه عن نفسه، فوجد الجيران صاخبين وهم يشاهدون مباراة بين ريال مدريد الأسباني وليفربول الإنكليزي، فقرر أن يشاركهم صخبهم! وقد حصلت المفاجأة بينما الكل مشغولون بتبادل السباب والذي نال حكم المباراة نصيب الأسد منها.
انهار الرجل بهدوء، وأنطلق البعض ليسعفه بسرعة إلى أقرب مستشفى، بينما ظل البعض في مكانه يتذمر لأن الرجل قرر أن يموت في هذه اللحظات بالذات! صعد السر الإلهي، ومات الرجل قبل أن يصل إلى المستشفى، وحزن الذين كانوا معه، ولكن لم ينسى بعضهم أن يتصل بأحد الذين بقوا ليعرف نتيجة المباراة! وكما علق بعضهم على الحادثة بأن الرجل كان مهموما جدا، ولذلك قرر أن يرفه عن نفسه بمشاهدة المباراة، وعلى ما يبدو فإن قراره لم يكن حكيما، فقد أدت أجواء الصخب والتفاعل مع احداث المباراة إلى حدوث أزمة قلبية أدت إلى وفاته!
المتوفي ليس الأول، ولن يكون الأخير، فقد أصبحت مشاهدة المباريات وما ينتج عنها من مآسي حدثا متكررا في ظل ما يعيشه الكثيرون من فراغ. وحتى لو كان هذا الأمر نوعا من الهروب من المشاكل – كما يقال – فأعتقد أننا اليوم أمام تحديات كبرى كان الأجدر بنا جميعا أن ننشغل بها عن أي نشاط عبثي، وليس آخرها ما يتعرض له القدس من إقتحامات من قبل الصهاينة المغتصبين. أليس الأحرى بنا أن نعمل ما نستطيع لأجل قضايانا التي ستؤثر على حاضرنا ومستقبلنا بدل الإنشغال بأمور لا طائل منها؟!
من يقول ماذا أستطيع أن أفعل فهو شخص عاجز وسلبي، فهناك أعمال كثيرة تنتظر من يؤديها، وربما أقلها هو الجهاد بالكلمة، ولو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كواجب ديني وأخلاقي. بالطبع هناك من سيعترض – وهم كثر – ومبررهم أن من حقهم الترفيه عن أنفسهم، ولكن ما اود معرفته حقا هو ماذا يفعل هؤلاء لكي يشعروا أن من حقهم أن يأخذوا وقتا مستقطعا للترفيه؟! نحن في خضم حرب شرسة على بلادنا وعلى أمتنا ومقدساتنا، فمتى سيتحركون؟! ثم فلنفترض أن كلامهم فيه جزء من الحقيقة، فهل تضييع الوقت فيما لا ينفع يعتبر قرارا حكيما، خاصة ونحن نعرف أن اليهود ينتهزون هذه الفرص عندما نكون مشغولين باللهو لينفذوا مخططاتهم!
رفه عن نفسك بقرأة كتاب، وإن ضاقت عليك الدنيا بهمومها فأمسك القرآن وتدبر آياته وستجد المواساة، وستجد الطريق أمامك مشرعة لتفعل شيئا. رفه عن نفسك بممارسة رياضة، أو بالجلوس مع أهلك وأطفالك، وأشغل نفسك بما يعود عليك ومجتمعك بالفائدة.. هنالك ألف طريقة لتقضي وقتك بطريقة مثلى، وهذه ستجعلك تشعر بالإنجاز، وتشعر بالإنتماء، وتشعر بالمواساة والطمأنينة، بدل أن تتقحم في نشاطات لا تؤدي إلا للشحناء والبغضاء، وربما تؤدي لهلاكك! لا أرغب في أن تشعر بأن كلامي فيه قسوة، بل أن ما يحزنك يحزني. ولكن يا صديقي صديقك من صدقك، وأنا صادق في نصحي لك.. ودمت بخير.
على فكرة أنا كنت برشلوني متعصب، وعندما شاهدت ميسي عند حائط المبكى أقلعت عن التشجيع.. كله يهون لأجل فلسطين..