المقاومة ولعبة الحية والدرج !
إب نيوز ٥ يونيو
عبدالملك سام
حقق حزب الله في الإنتخابات الأخيرة ما فشل الحشد الشعبي في تحقيقه، أو هكذا أراد أبناء الأفاعي أن نعتقد! فالإنتخابات سواء في لبنان أو في العراق لم تخرج بعد من نفوذ وسيطرة “الحاوي” الأمريكي الخبيث، وما جرى لا يخرج عن رغبة أمريكية بفوز صعب لحزب الله، وهزيمة مدوية للحشد الشعبي! لا تتسرعوا الرد، ولنناقش الأمر بهدوء..
الموقف ذاته كان يحصل عندنا أيام الإمتحانات الجامعية قبل سنوات، فقد كان يأتي أبن الشيخ لقاعة الإمتحانات، ونراه مكبا فوق ورقة الاجابة، بل ونلاحظ أنه يتصبب عرقا، ويخرج من قاعة الامتحان مبتسما وهو يشعر بالرضا، في حين أن كل ما فعله هو أنه قام برسم بعض الخطوط فقط على ورقة الإجابة ولم يكتب حرفا واحدا؛ فهو يعلم تماما أن (أصحابه) يسيطرون على (المطبخ)، أي غرفة التصحيح أو لجنة الإمتحانات، وبهذا ضمن النتيجة!
أنا لا أقول هنا أن حزب الله فاز بالإنتخابات لأن أمريكا أرادت فوزه، بل لأن أمريكا أرادت فوزه (الآن) بالذات وفقط! ففي الحقيقة حزب الله كان سيحصد أغلبية ساحقة لو كانت الانتخابات تجري وفق أسس وطنية وعادلة، ولكننا نعرف أن الإنتخابات هي اللعبة المفضلة للأمريكيين لتحقيق مصالحهم، وأنهم أستخدموها مئات المرات وفي بلدان عدة منها بلداننا، وكلنا نتذكر كيف أنها قامت بتغيير نتائج الإنتخابات التركية بين ليلة وضحاها بمجرد أن وافق أردوغان على إجراء صفقة مع إسرائيل!
أما لماذا أرادت أمريكا فوز حزب الله بفارق طفيف فهذا لأنها تخطط لإستغلال ظروف لبنان الإقتصادية السيئة لتسقط الحزب شعبيا، وأنا اتوقع أن الضغوط الإقتصادية ستزداد أكثر، وسيتم منع البنك والصندوق الدوليين من تمويل أي مشاريع في لبنان، وستعمل المؤسسات المالية على تثبيط أي إجراءات إقتصادية للخروج من الأزمة، كما سيتم إستنزاف الحزب عبر خلق أزمات وأضطرابات لتبرير التدخلات الخارجية والتي ستصل إلى الأعتداء العسكري فيما بعد كما فعلت أمريكا مع دول أخرى حول العالم.
أما الحشد الشعبي في العراق فقد دخل الإنتخابات بحسن نية، ورأيي الشخصي أنه قد تم توريطه بمشورة سياسية فاسدة لكبح جماح شعبيته المتزايدة، خاصة بعد أن أستطاع كسر شوكة الإرهاب التي أستخدمتها أمريكا لإخضاع دول عدة تمتلك الجيوش والثروات. فأكثر ما يخيف أمريكا هي المكونات والأحزاب الوطنية التي تؤدي دورا إجتماعيا للشعوب، وأكثر ما تخشاه هو أن تنال هذه الأحزاب شعبية واسعة وتسعى للإستقلال بدولها بعيدا عن السيطرة الأمريكية، والأهداف التي تريد أمريكا تحقيقها خدمة لمصالحها في ثروات ومقدرات هذه البلدان.
كان الأجدر بالحشد التركيز على الجانب الإجتماعي أكثر لبناء قاعدة شعبية أوسع تشمل كل العراق من شماله إلى جنوبه، وأن يتصرف الحشد كمرجعية لجميع المكونات الحزبية والطائفية في العراق ككل لا كحزب، وأن يسعى للمزيد من القوة والإستقلالية للعراق ككل، وأن يزيد من تحركه ضد التواجد الأجنبي على أرضه سياسيا وعسكريا وثقافيا. فالإنتخابات لن تعطيه شرعية أفضل مما يمتلكها الحشد اليوم والمستمدة من إنجازاته التي حققها وأذهلت القاصي والداني، وبالتأكيد لن تكون الإنتخابات معبرة عن حقيقة شعبية الحشد في ظل حكم الإنتداب المبطن الذي تديره أمريكا اليوم.
الحشد اليوم بحاجة للتفكير مليا فيما حدث، وأن يحقق إنجاز أكبر مما حققه عندما دحر القوى الإرهابية عن أرضه وحمى شعبه، وهذا الإنجاز – برأيي – لن يكون بأقل من دحر القوات الأجنبية من العراق تماما؛ فطالما أبناء الأفاعي هؤلاء باقون في العراق فلن ينعم البلد بأي أستقرار، وستظل المؤامرات تدور وتتوالى على كل مكون وطني يسعى لتحقيق إستقلال ونهضة العراق، فتوكلوا على الله يا جند الله، وأشحذوا الهمم، فقد دحرتم الأدوات الشيطانية من قبل، وأنتم قادرون – بإذن الله – على دحر الشيطان نفسه من أرضكم.. والعاقبة للمتقين.
*في المرة القادمة، إذا جاء الأمريكي ليقترح عليك إجراء إنتخابات، ووعدك بأنها ستكون “هرة ونسيهة” وهو ما زال مسيطرا على الأوضاع في بلدك، فأمسك بالصندوق وأحشره في أنفه ولا تصدقه أبدا أبدا.