السعودیة والوحهة القبيح الذي ظهر وساعة الحقیقة التي أزفت
السعودیة والوحهة القبيح الذي ظهر وساعة الحقیقة التي أزفت
وكالات | إب نيوز 15-9-2016 :- البعض یستغرب من المستوی السیاسي والدیني والاعلامي الذي انحدرت الیه السعودیة خلال الاعوام الخمس الماضیة، لا سیما بعد الاتفاق النووي بین ایران ومجموعة 5+1 ، عندما “زعل” وزیر خارجیة السعودیة السابق سعود الفیصل من أميرکا، ورفض ان یلقي کلمة بلاده امام الجمعیة العامة للامم المتحدة، کما رفضت بلاده شغل مقعد غیر دائم في مجلس الامن الدولي.
قبل الاتفاق النووي، غزت القوات السعودیة البحرین وقمعت التظاهرات السلمیة لابناء الشعب البحریني، “بناء علی طلب” سلطات البحریني، وبعد الاتفاق النووي شنت السعودیة حربا شاملة ضد الیمن “دفاعا عن الشرعیة” و “بناء علی طلب الرئیس الشرعي”، وبین هذا الغزو وهذه الحرب، شنت السعودیة حربا ضروسا عبر مجامیع تکفیریة استقدمتها من اکثر من 80 بلدا في العالم، لاسقاط “الرئیس غیر الشرعي” في سوریا، کما کان لها الدور الاول والابرز في تحریض الناتو وتمویل غزوها للیبیا لاسقاط “النظام غیر الشرعي” هناك، ولسنا هنا في وارد الحدیث عن کیف تصنیف السعودیة لـ”شرعیات” هذه الانظمة والحکومات وتمییزها بین “الثورات” و “الفوضی والفتن”، فهذا امر یطول شرحه.
قبل ایام وفي محاولة للهروب الی الامام، من مواجهة مسؤولیتها ازاء فاجعة منی التي ذهب، ضحیتها اکثر من 7000 حاج من حجاج بیت الله الحرام، بینهم 464 حاجا ایرانیا، وبدلا من ان تعتذر للدول التي فقدت مواطنیها وتقدیم تطمینات بعدم تکرار هذه الفجائع في مراسم الحج کل عام، تشن السعودیة عبر ابواقها الوهابیة والاعلامیة حربا “طائفیة” بکل لما للکلمة من معنی. فقبل ایام “أفتی” المفتی العام في السعودیة عبدالعزیز آل الشیخ بـ”فتوی” اعتبر فیها “ان الایرانیین لیسوا مسلمین”، وهی فتوی، وان کانت غیر مستغربة، الا انها کشفت للعالم، عن المرجعیة الدینیة الحقیقیة لـ”الدواعش” والجماعات التکفیریة، التي تدعي السعودیة محاربتهم، فیما یصفها مشایخ الوهابیة، بـ”الخوارج” ویدعون علیهم لیل نهار.
وزیادة في الانحدار الاخلاقي والمهني للاعلام السعودي، ومحاولة لتایید فتوی المفتي العام للوهابیة، بدا هذا الاعلام ومنذ ایام تناقل خبر مضحك، مفاده ان الایرانیین قاموا باداء مناسك الحج هذا العام في مدینة کربلاء بدلا من مکة المکرمة، الامر الذي لا یکشف تهافت وسخف العقلیة الطائفیة الضیقة والضحلة التي تدیر الاعلام السعودی فحسب، بل یکشف الحالة المزریة التي تتخبط بها السیاسة السعودیة، والتي افقدتها التوازن علی المستویین الاقلیمي والدولي.
کما انه لم یکن مستغربا فتوی مفتي السعودیة حول اسلام الایرانیین، لم یکن مستغربا ایضا ما یروج له الاعلام السعودي عن حج الایرانیین، فهناك ماهو اغرب من هذا في العقول الوهابیة السعودیة، فهناك “قرآن خاص لدی الشیعة”، وان الشیعة “یعبدون الائمة” علیهم السلام، وان الایرانیین حاولوا في اکثر من مرة “هدم الکعبة وسرقة الحجر الاسود”، وما الی ذلك من سخافات الوهابیة، لکن المستغرب هو ان تصل هذه العقول الوهابیة الی هذه الدرجة من السفه الذي تتصور فیه ان هناك عقولا یمکن ان تصدق هذه السفاسف الوهابیة، التي تتبرأ من کل فظائع الجماعات الوهابیة من القاعدة و “الدواعش” وبوکو حرام واخواتها، بینما هي تطبیقات حرفیة للتعالیم الوهابیة، التی عانت منها الشعوب مرتین، في المرة الاولی عند تاسیس الکیان الوهابي في جزیرة العرب، والمرة الثانیة استمرت منذ ظهور القاعدة وحتی الیوم، في الوقت الذي تعمم اي تصرف حتی ولو جاءت عن طریق الخطأ من بعض بسطاء الشیعة، علی مئات الملایین من الشیعة، رغم معارضتهم لتلك التصرفات، وتحریم المرجعیات الدینیة الشیعة الکبری لها.
رغم ان الوهابیة کانت منذ ان وجدت تحمل في احشائها کل هذا القبح، الا ان قبحها اصبح الیوم اکثر وضوحا، بعد ان انتشرت باموال النفط السعودي في العالم، خارج جزیرة العرب، ووجدت طریقها الی النفوس المریضة والعقول المتخلفة، ومن ثم انتقلت الی التطبیق، بعد ان وجدت السلطات السعودیة، في هذه الجیوش الجرارة من المتخلفین عقلیا، وسیلة لتحقیق اهدافها السیاسیة في المنطقة، وهي اهداف اميرکیة “اسرائیلیة” بالدرجة الاولی، کما شاهدنا في افغانستان وباکستان والشیشان والعراق وسوریا والیمن والبحرین ولیبیا، حیث تم تجنید القاعدة وجبهة النصرة و “داعش” وباقي الجماعات التکفیریة الوهابیة لهذه الغایة.
التخبط السعودي، سیاسیا واعلامیا، لاسیما امام ایران، وانحدارها الی هذا المستوی الضحل، لم یأت من فراغ، فهذا التخبط سببه الاول هو نجاح السیاسة الایرانیة، علی الصعیدین الاقلیمي والدولي، فایران ورغم فرض نفسها علی القوی الست الکبری في العالم کلاعب اقلیمي کبیر، نجحت ایضا في الحفاظ علی مکتسباتها العلمیة وخاصة النوویة، دون ان تتنازل عن مواقفها المبدئیة من اهم قضایا الامة وفي مقدمتها القضیة الفلسطینیة.
اما السبب الثاني الذي افقد السعودیة کل توازنها، ودفع مشایخها واعلامها الی الهذیان، هو الضربة الموجعة التي وجهها “اهل السنة والجماعة” الی الوهابیة السلفیة في مؤتمر غروزني، الذي شارك فیه اکثر من 200 عالم دین “سنی” بینهم شیخ الازهر احمد الطیب، والذي استبعد فیه الوهّابیة والعقیدة السلفیة التکفیریة لهیئة کبار العلماء في السعودیة من “أهل السنة والجماعة”، واکد علی ان الوهابیة تشوه الإسلام، حاصرا مرجعیة اهل السنة والجماعة بالازهر وجامعة القرویین والزیتونة.
الضربة الثانیة التي وجهت الی السعودیة وجعلتها تترنح اکثر، تمثلت بمصادقة الکونغرس الأميرکي علی مشروع قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب”، والذي یسمح لأسر ضحایا هجمات 11 سبتمبر/أیلول ٢٠٠١ بمقاضاة الحکومة السعودیة، بعد تورط امراء من آل سعود بینهم عائلة سفیر السعودیة السابق في اميرکا بندر بن سلطان في هذه الهجمات، التي نفذها 19 شخصا بینهم 15 سعودیا.
هاتان الضربتان الموجعتان سددتهما جهتان، ما کانت السعودیة تتوقع ان تأتیا منها مطلقا، الاولی من “اهل السنة والجماعة”، وهي التي کانت الی الامس القریب تتحدث باسمهم، والثانیة من جهة تعتبر الحلیف الرئیسي لآل سعود، وان الایام المقبلة حبلی بالضربات التي ستنهال علی هذا الکیان السعودي، بسبب تخمة التناقضات التي یعیشها، ومن جهات لا یتوقعها مطلقا، ولا نستبعد ضربات تأتي حتی من الداخل السعودي ومن المؤسسة الوهابیة ذاتها، حتی لو طبعت السعودیة مع “اسرائیل” وافتتحت، لیس في تل ابیب بل في القدس المحتلة، سفارة لها، فساعة الحقیقة لهذا الکیان ازفت، وما هذیان مشایخ الوهابیة واعلام آل سعود هذه الایام الا بعض ارهاصات هذه الساعة.
المصدر ارنا