عبدالباري عطوان : هل سيؤدي الارتفاع “التاريخي” لأسعار البنزين الى “ثورة جياع” في أمريكا؟ وما هي المؤشرات التي تؤكد هذا الاحتمال؟
إب نيوز ١١ يونيو
عبدالباري عطوان :
هل سيؤدي الارتفاع “التاريخي” لأسعار البنزين الى “ثورة جياع” في أمريكا؟ وما هي المؤشرات التي تؤكد هذا الاحتمال؟ وكيف خرج بوتين الفائز الأعظم والاقتصاد الغربي الضحية الأكبر؟
جميع السلع في أمريكا ارتفعت أسعارها ابتداء من تذاكر الطيران، ومرورا بالمواد الغذائية، وانتهاء بالخدمات الصحية، بسبب غلاء المعيشة، وارتفاع معدلات التضخم الى 8.6 بالمئة، ولكن يظل ارتفاع غالون البنزين مسألة أخرى اكثر أهمية لاعتماد معظم الأمريكيين عليه في تنقلاتهم بالسيارات ذات المحركات الكبرى والأكثر استهلاكا له، خاصة مع بدء الاجازات الصيفية حيث تزداد وتيرة السفر والتنقل بين الولايات.
الحرب الأوكرانية التي دخلت منذ أيام المئة يوم الثانية، وسط مؤشرات قوية تؤكد الانتصار الروسي فيها اقتصاديا وعسكريا بإعتراف الخبراء الغربيين وتنبؤاتهم التي انعكست في افتتاحيات الصحف ومناقشات القنوات التلفزيونية حيث لعبت وتلعب دورا كبيرا في هذا الارتفاع الكبير في أسعار النفط ونسب التضخم، ويسود اعتقاد راسخ بأن الاقتصاديات الغربية ستواجه انكماشا وركودا اقتصاديا وشيكا، واحتمال وصول سعر برميل النفط الى ما يقرب من 150 دولارا في الايام القليلة المقبلة (سعر خام برنت حاليا 124 دولارا) بسبب اعلان انهيار وشيك لمفاوضات فيينا النووية مع ايران، ووقف معظم عمليات انتاج النفط الليبي بسبب المواجهات العسكرية بين الميليشيات المتقاتلة، وفشل ضغوط إدارة بايدن في اقناع دول الخليج (السعودية، الامارات، الكويت، سلطنة عُمان) في زيادة انتاجها، وفك ارتباطها مع اتفاق (اوبك بلس) مع روسيا.
السيدة رونا ماكدانيال رئيس اللجنة الوطنية في الحزب الجمهوري لخصت امس الوضع المتوتر في الأوساط الشعبية في أمريكا بقولها “السلع الأساسية باتت أسعارها اشبه بأسعار السلع الفاخرة، وارتفاع أسعار البنزين علامة فارقة باتت تؤثر على جميع الأمريكيين”.
روسيا في المقابل التي تريد إدارة الرئيس بايدن استنزافها وتركيعها اقتصاديا، تخرج الفائز الأكبر، لأنه كلما ارتفعت أسعار النفط والغاز كلما تعزز اقتصادها وتضخمت خزائن بنكها المركزي بالمليارات من عوائد صادراتها بإعتبارها أول مصدر للغاز وثاني مصدر للنفط في العالم.
ارتفاع أسعار البنزين اذا استمر بالوثيرة الحالية في الأسابيع والاشهر المقبلة، ولا يوجد أي سبب يحول دون ذلك، يعني خسارة شبه مؤكدة للرئيس بايدن وحزبه الديمقراطي في الانتخابات التشريعية النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، هذا اذا لم ينفجر الاحتقان الشعبي على شكل احتجاجات للجياع بسبب غلاء المعيشة، ولا يخامرنا ادنى شك بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفرك يديه فرحا وهو يتابع أنباء هذه التوترات والإحتقانات الشعبية، حيث ينقلب السحر الأمريكي على أصحابه وأبناء عمومتهم في أوروبا.. والله اعلم.
“راي اليوم”