هكذا دَجَنَت بريطانيا العرب واحتَوَت الرافضين لإحتلال فلسطين،
إب نيوز ٢٠ يونيو
كَتَبَ: إسماعيل النجار
كان الأمر يتطلب تأمين شامل لمحيط كيان الإحتلال الذي سيتم إنشاؤه بشكلٍ مُحكَم، فجهزَت بريطانيا الخبيثة لهذا الأمر عُدَّتها وأدواتها من أجل التصدي للذين سيعارضون مستقبلاً إعطاء مهد الأديان السماوية للصهاينة لبناء رطن قومي لهم، أيضاً من أجل منح العصابات الصهيونية الوقت الكافي لبناء قوتها وحماية كيانها اللقيط المزعوم بعد الجلاء البريطاني عن أرض فلسطين،
لذلك كان لا بُد من صناعة أدوات متينة تعمل بها لتنفيذ مخططاتها الشريرة؟
والأدوات التي تحتاجها لندن كانت التالي :
1_ (صنع زعماء وقيادات) عسكرية وسياسية وأنظمة عربية موالية لهم يستطيعون الإمساك والتَحَكُم بهم وتحريكهم كواجهة عربية لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة على أرض فلسطين،
2_ (جامعة عربية) حصل عام ١٩٤٥ قبل إعلان دولة الكيان بثلاث سنوات لكي تمسك بالقرار العربي عبر نظام داخلي مؤسساتي يحرم الرافضين والمعترضين على قراراتها عضويته ويُحرَم من التحدث إلى المنظمات الأممية فيما يخص فلسطين،
في عام ١٩٤٧صدر القرار الأممي بتقسيم فلسطين الى دولتين،
كانت اولى خطوات بريطانيا صنع مملكة آل سعود ومن حولها صنعت دويلات صغيرة تحيط بها وتغفو تحت أجنحتها وبأمرتها على رأسها عوائلٌ قينقاعيه قُرَيضية خرجت من بطن العمالة البريطانية التاريخية كآل سعود الملاعين،
كما قاموا بصناعة بعض الشخصيات اللقيطة التي ترتبط بالصهيونية ارتباطاً وثيقاً ومنهم ذات صلة قرابة باليهود من ناحية الأم او الزوجة كأنور السادات وحسني مبارك وصدام حسين والملك الحسن والملك حسين الأردني وغيرهم من الأدوات العميلة التي تزعمت دُوَلَنا لعشرات السنين،وقاموا بتدريبهم وتلقينهم ما عليهم القيام به، فقاموا بتقديم هؤلاء الأشخاص كرجال دولة أمناء على المؤسسات العسكرية والسياسية والإدارية في عدة دول عربية تم إيصالهم للحكم بالدعم الماسوني الصهيوني، وكانوا جميعهم يتبوَّئون مناصبَ حساسة وكانوا موثوقين لدى الإستعمار وأصدقاء مخلصين لهم أمنوا لهم الحماية السياسية والعسكرية والأمنية، طيلة فترة إغتصابهم للأرض العربية جميعها ومم بينها فلسطين التاريخية،
هكذا بدأت حكاية إستعباد شعوب المنطقة وضمان نهب ثرواتهم وخيراتهم،
منذ العام ١٩١٧ مروراً بالعام ١٩٢٣ وصولاً إلى العام ١٩٤٨ تاريخ ما أسموه العرب بالنكبة وإعلان (دولة) “إسرائيل” حيث كانت المواجهات على أشدها بين المجموعات العربية المقاتلة والعصابات الصهيونية وكانت جموع المقاومين العرب غير مُنَظَمَين حينها،
وعندما عَنَفت المقاومة العربية الفلسطينية بوجه العدو لم يعُد أمام البريطانيين حلاً سوى إرسال جيوش عربية الى فلسطين للإمساك بالأمر وهذا ما حصل بالفعل وبتعليماتٍ وتوجيهاتٍ المحتل الإنكليزي تم وضع كافة المجموعات الوطنية الفلسطينية المقاتلة تحت أجنحة الجيوش العربية التي دخلت لقتال الصهاينة حسب إدعائهم بحجة تنظيم العمليات العسكرية فأنطلت عليهم الخدعه وانتهى الأمر، ثم تراجعت وانسحبت بعدما وقعت اتفاقية لوقف اطلاق النار ووفقاً للإتفاقيات اللاحقة التي وقعوها مع الإحتلال البريطاني بوقف كافة العمليات العسكرية، وتركت مَن تَبقَّى من السكان الفلسطينيين الأصليين للأرض ضمن قطاع ال ٤٨ المحتل في قراهم ليواجهوا مصيرهم الأسود ذبحاً على يد قطعان المستوطنين من الهاغانا وغيرها،
نجحت بريطانيا بإحتواء المجموعات المناضلة في المدن والقرى الفلسطينية، وعندما بدأت حركات التحرر الوطني الفلسطيني بالولادة الواحدة تلو الأخرى، وأصبحت العمليات الفدائية الفلسطينية تستحوز على تأييد الشعوب العربية أصبحت الأخطار تتصاعد على كيان العدو وأصبح من الصعب ضبطها،
فكانت الخطة B جاهزة للتنفيذ فاوعزت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا إلى الأنظمة الرجعية (العربية) عبر جامعتها التابعة لها لأجل إحتواء العمل الفدائي العسكري المتصاعد والمتفلت بالإقتراح عليهم بإنشاء مؤسسة تجمع تحت أجنحتها كافة الفصائل الفدائية المقاتلة فكانت منظمة التحرير هي البديل الحاضر لتولي المهمة فتم إلإعلان عن إنشائها عام ١٩٦٤ وتزعم قيادتها حركة فتح كُبرى فصائل وقوىَ التحرر الفلسطيني التي تمثلت فيها جميعها بحجة تنظيم العمل العسكري ضد العدو وتأطيرهُ في مؤسسة رسمية معترف بها عربياً ودولياً، أصبحت المنظمة تتلقى الدعم المادي من الدول العربية عبر أفضل ادوات الإستعمار وهيَ الإطار الأكبر الذي سُمِّيَ بالجامعه العربية(عبرية) التي تم تأسيسها عام ١٩٤٥ في مصر، والذي من خلالها كان يتم الضغط على كافة الحكومات لعدم تقديم أي دعم منفصل لأي فصيل فلسطيني يعمل خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية مهما كَلَّفَ الأمر،
مجدداً نجحت واشنطن وتل أبيب في إحتواء وبوطقَة الأحزاب والمنظمات الفلسطينية ضمن إطار مؤسساتي جديد تستطيع واشنطن تحريكه من خلال الجامعه والأنظمة العربية الرجعية الموالية لها والتي كانت تقدم ميزانية ضخمة لهذه المنظمة، التي كانت بدورها عبر رئيسها تمارس الإبتزاز المالي والسياسي بحق الفصائل في حال فكَّرَ احدهم الخروج من تحت المظلة التي شرعنوها لهم،
بقي الأمر كذلك حتى عام ١٩٨٢ عندما غادر عرفات وقواته لبنان عقب الإجتياح الإسرائيلي ووصول قواته الى بيروت،
قرر ياسر عرفات السير بمفاوضات مع الإسرائيليين، فتسببت بإنشقاق داخل حركة فتح وبروز إنتفاضة يقودها العميد أبو موسى المناوئ له مدعوماً من سوريا،
في العام ١٩٩١ إجتمع وزراء الخارجية العرب في مدريد للإتفاف حول إطار سياسي تصالحي مع الصهاينة، مهدَ الطريق لمفاوضات أوسلو التي ذهبت بمنظمة التحرير الفلسطينية نحو (أريحا) ثم رام الله وتم تذويب الإرادة الفلسطينية الجامعة بتحرير بلادهم في أنفاق النفاق والتطبيع، وتم تدجين أغلبية الفصائل الفدائية التي اعتزلت العمل العسكري ضد عصابات الصهاينة وأصبحت كالسمك المَقلي بالزيت الحار مفتوحة العينين والأفواه ساكنة بلا حراك لافتقادها الدعم السياسي العربي والمادي إلَّا ضمن إطار السجن الجديد الذي ظنوه مشروع وحدة الكلمة والعمل الفلسطيني ليتحول إلى أداة ضغط عليهم فشرذمتهم مجدداً،
هكذا تم تدجين الأحزاب الفلسطينية المحاربَة، وهكذا تمت هزيمتهم جميعاً دون إستثناء وهكذا تم تكبيل أيديهم بواسطة مؤسسة منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترف بها العالم، فَمن كان يعارض قرار رئيس منظمة التحرير ما كانَ ليحصل على ميزانيته المالية وكان يتعرض لأزمةٍ مادية وحصار مالي ولوجستي كبير، لذلك إنصاع الجميع لأمر ياسر عرفات الذي بدء بتنفيذ مشروع مخطط إنشاء سلطة على أرض فلسطين لقناعته الكبيرة بأن الكفاح المسلح لم يَعُد وسيلة ناجعه لتحرير الأرض بعدما خذلوه الأعراب، فخضع واعترف بإسرائيل وقرر تقاسم الأرض معها فتحولت منظمة التحرير إلى سلطة تطبيعٍ مع العدو الصهيوني ضد أبناء جلدتهم المقاومين،
منظمتان حديثتآ الولادة لم يدخلوا إطار المنظمة بتاتاً فقط تعاملوا معها كأمرٍ واقع، همآ حركتا حماس والجهاد الإسلاميتين وبقيتآ تغردان خارج السرب الفلسطيني الرسمي المتعارف عليه، فرضا نفسيهما بقوة على الساحة الفلسطينية وخصوصاً في الضفة الغربية وغزة،
الفصيلين المذكورين إلتحقا برُكَب الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا الأسد ولعبآ دوراً سياسياً وعسكرياً كبيراً وهاماً قضىَ بتقويض المشاريع الصهيونية داخل فلسطين وخارجها، فكان تحرير غزة من تحت سلطة الإحتلال أولىَ ثمارها التي أصبحت اليوم خنجراً مسموماً في خاصرة الكيان الغاصب،
أيضاً نمو حركات المقاومة حول فلسطين وتحديداً لبنان والعراق واليمن وسوريا قَوَّضَ أيضاََ مشاريع تل أبيب التي هدفت لتصفية القضية الفلسطينية وتوطين اللاجئين،
إسرائيل التي نجحت لفترة وجيزة بفرض هيمنتها على محيطها العربي بمساعدة ودعم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والغرب، تراجع نفوذها في العقود الثلاث الأخيرة لتصبح عاجزة عن حماية نفسها من غضب وقوة حزب الله في لبنان،
رغم كل المحاولات لقطع طرق الإمداد عن غزة إلَّا أن إرادة الفلسطيين كانت أقوىَ واستطاعوا بناء قوتهم الذاتية بدعمٍ مالي وعسكري من جمهورية إيران الإسلامية وبشكلٍ متواصل وبتوجيه منها ومن حزب الله الذين قدموا المشورة العسكرية والأمنية لهم،
أيضاً تلقت حركتَي حماس والجهاد دعماً سياسياً وعسكرياً لم ينقطع من سوريا،
هذا الكيان المصطنع الذي كان يخيف كل مَن حوله ويرعب الجميع أصبح اليوم أوهن من بيت العنكبوت، هزيلاً خائفاً مرتعداً من محور المقاومة حيث انتقل من مرحلة الهجوم إلى الدفاع، وأصبح جيشه مقهور بعدما كان يعتبر نفسه أنه لا يُقهر،
وفي ظل حروب صغيرة متفرقة بينه وبين الفصائل الإسلامية المجاهدة في غزة وحزب الله في لبنان، تذوَّقَ العدو طعم المرار في عناقيد الغضب، وتصفية الحساب والرصاص المسكوب، وسيف القدس،
وأصبحَ هاجسه الأكبر كيف يجب أن يبقى على قيد الحياة بعدما أزاقه حزب الله مُر الهزيمة النكراء على أرض لبنان،
إختلف الزمان على المكان وتبدلت الوجوه فلا أنور السادات حَياً ولا حسني مبارك، ولا صدام حسين، ولا الملك حسين،ولم يبقى للصهاينة إلَّا أدوات ضعيفة هزيلة مثلهم أصبحوا عُراة مكشوفين لا حول لهم ولا قوة يطلبون الحماية الأميركية ويستجدونها بذُل،!
اليوم مَن يحدد مصير الكيان الغاصب هو السيد الخامنائي دام ظله الشريف، والسيد حسن نصرالله، والسيد عبدالملك الحوثي، والرئيس بشار الأسد، وقادة الفصائل المجاهدة، الذين ينتقلون من نصرٍ إلى نصر،
إسرائيل إلى زوال.
يا جليل إننا قادمون.
بيروت في…
20/6/2022