محمد بن نايف: فشلنا.. وعلينا مراجعة سياساتنا وتقديم تنازلات مؤلمة .
إب نيوز 16 سبتمبر
بقلم – حمد الشرقاوي
التصريح الذي أدلى به ولي العهد السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز على هامش اللقاء التشاوري لقادة مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد بجدة يوم الثلاثاء الماضي، يعتبر بحق قنبلة من العيار الثقيل، واعتراف صريح بفشل التدخل السعودي في الساحات العربية الملتهبة، وخيبة كبيرة من النتائج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية التي وصلت إليها المملكة اليوم بسبب سياساتها الخاطئة ومغامراتها الطائشة، ومؤشر قوي على عجزها وانحصار دورها وما سيرتب عن ذلك من نتائج كارثية على أمنها واستقرارها في المدى المنظور وفق كل التوقعات.
فبالنسبة لليمن مثلا، قال الأمير، “بالرغم من أن استجابة المملكة لنداء الشرعية في اليمن كان هدفه تحقيق الأمن والاستقرار للشعب اليمني الشقيق، لكن الملاحظ أن عملية عاصفة الحزم طال أمدها وخرجت عن التوقعات”..
وهذا أول إعلان رسمي من مسؤول كبير بمستوى ولي عهد المملكة بفشل بلاده في تركيع الشعب اليمني المؤمن والفقير، وذلك برغم القصف اليومي الكثيف من قبل ما يسمى بقوات التحالف لما يناهز خمسة عشر شهرا، وبرغم مساندة أمريكا وبريطانيا وفرنسا و”إسرائيل” لـ”السعودية” سياسيا وأمنيا وعسكريا وتزويدها بعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة، بما في ذلك القنابل المُحرّمة دوليا لتدمير البشر والشجر والحجر وكل مقومات الحياة في اليمن، وبرغم الحصار وشراء الذمم في مجلس الأمن للدفاع عن شرعية وهمية لا وجود لها على أرض الواقع..
ونذكر جميعا أن شن “السعودية” لعدوانها الغاشم على الشعب اليمني المظلوم قام على كذبة مفادها أن إيران تدعم الحوثيين في اليمن وتسعى لتطويق المملكة من خاصرتها الجنوبية الرخوة، كما فعلت مع “إسرائيل” من جنوب لبنان ومن على الحدود مع الجولان المحتل ومن غزة، ليتبيّن وفق تقارير غربية وتصريحات رسمية أمريكية وأوروبية أن لا صحة لما يقال حول دعم إيران للحوثيين، بل يمكن القول أن العدوان على الشعب اليمني الآمن والمسالم كان مغامرة غير محسوبة من ولي ولي العهد ووزير الدفاع المراهق محمد بن سلمان، لاستغلالها كورقة سياسية في صراعه على السلطة مع الأمير نايف بن عبد العزيز.
حتى الرئيس أوباما أدرك أنه أخطأ عندما شجّع “السعودية” على قصف اليمن، لأنه اتخذ قراره بناء على تقديرات تقول بقدرة المملكة وتحالفها “العربي” على حسم الحرب في غضون أيام أو أسابيع على أكثر تقدير.. ليعترف بعد ذلك أن إيران لا تدعم الحوثيين والجيش اليمني، وأن الرواية “السعودية” التي تقول أن الصراع مع إيران هو صراع تاريخي تعود جذوره لصدر الإسلام لم يكن في محله، لأن عُمر “السعودية” لا يتجاوز 70 سنة في المنطقة من ناحية، ولأن “السعودية الوهابية لا تمثل المسلمين السنة من ناحية ثانية، كما وأن إيران العقلانية ليست دولة مغامرة ولا تشكل أي تهديد للمملكة ودول الجوار العربي من ناحية ثالثة، وأن التهديد الحقيقي لمشيخات الخليج يكمن في الداخل ما يتطلب إصلاحات ديمقراطية شجاعة من ناحية رابعة.
وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند، والذي زوّدت بلاده المملكة الوهابية بالأسلحة المحرمة بمليارات الجنيهات الاسترلينية برغم توصية الحظر الأوروبي، فجر هو بدوره قنبلة دخانية كبيرة وصلت غيمتها إلى سماء الخليج حين قال لقناة التلفزيون الإماراتي هذا الأسبوع، أن “هناك مشكلة سياسية في اليمن ، فالحكومة الشرعية المعترف بها لا تمثل كل الشعب اليمني وليس لديها مصداقية بين كل الأطراف، وإذا أردنا أن نتجنب حرباً أهلية ونزاعا عسكريا في المنطقة فعلينا أن نجد طريقا للتوفيق بين المصالح المختلفة”.
هذا في الوقت الذي أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة لوسائل إعلام عربية، أن سفير الولايات المتحدة وسفير بريطانيا أبلغا القيادة “السعودية” بضرورة الوقف الفوري للحرب في اليمن، واستخدام نفوذها للضغط على قوات هادي والمجموعات المسلحة المستأجرة لوقف التصعيد العسكري على الأرض قبل شهر رمضان.
ويشار في هذا الصدد أن الرئيس أوباما اتخذ قرارا رسميا هذا الأسبوع، يقضي بإيقاف توريد القنابل العنقودية للمملكة بسبب تزايد المخاوف من المتابعات القانونية الدولية التي قد تطال بلاده في جرائم الحرب المرتكبة في اليمن، ليترك المملكة وحيدة في مواجهة قدرها، بالإضافة لما يُحضّر لها في أروقة المؤسسات التشريعية والقضائية الأمريكية من متابعات بشأن تورط أمرائها في أحداث الحادي عشر من أيلول/شتنبر 2001، الأمر الذي سيحوّل المملكة إلى ذبيحة يتم توزيع لحمها بين الدول المتضررة، ومنها اليمن والعراق وسورية في حال قررت حكومة بغداد ودمشق متابعة “السعودية” بسبب دعمها للجماعات التكفيرية المجرمة، ما دامت تتوفر مخابراتهما على شهادات موثقة وحجج دامغة على ذلك، ناهيك عما تم