حزبُ اللَّه مَلَّ تدوير الزوايا وتقبيل اللِحَىَ لبنان أولاً،

إب نيوز ٢ يوليو

كَتَبَ: إسماعيل النجار

 

ليسَ من المنطق إشغال حزبُ الله في معارك السلطة والمحاصصة في الداخل بينما على حدوده يحشد الأعداء أساطيلهم وطائراتهم وجيوشهم لمقاتلتهِ وكسر شوكتِهِ،
إن الساعي إلى السُلطَة وحجز كرسي له في مجلس الوزراء وقصر بعبدا وغيرهما، ليسَ كالساعي لحشد قِواه في وجه العدو الصهيوني الطامع في السماء والماء والغاز،
قيادة الحزب رَتَّبَت أولوياتها التحالفية السياسية على أُسُس ومبادئ ذهبيه قَيِّمَة تعنيهِ كثيراً ويبني عليها أمالاً وثقة كبيرتين وثوابت لا تتزَحزَح مهما بلغت التضحيات، ويقف على رأس هذه الأولويات “التاريخ” “المقاوم” لكل طرف أو فريق سياسي شَكَّلَ ماضيه رافِعَة أخلاقية له فيصعُب دخول أي أحد إلى موقعهِ مهما بلغت قوته السياسية وحجمه الشعبي في لبنان،
يتربع الرئيس بري كشخص وكرئيس لحركة أمل على عرش الحلفاء المقربين الأقربون لحزب الله حتى بلغت درجة الإلتصاق َوالتلاحم المصيري مع حزب الله بمستوى لن يَنفَك مهما تباينت وجهات النظر بينهما، ويأتي باقي الحلفاء بالتدريج كلٌ حسب دورهُ وتاريخه،
يختلف بعض أصدقاء الحزب وحلفائهُ عنه بالأيديولوجيا بسبب الدين أو المدرسة السياسية التي تَرَبوا فيها وخرجوا منها، حيث لَم تشفع هوية لبنان المقاوم للبعض منهم لكي يصبح التلاحم معه مصيري كما هو الحال مع حركة أمل وتبقى بعض المسائل موضوع خلاف مهما تقَرَّبت وجهات النظر، فالعميل يبقى عميل وليسَ مُبعَد؟ والإرهابي يبقى إرهابي وليس معارض سياسي،والكيان الصهيوني عدو وليس دولة إسرائيل الديمقراطية،
مسائل جوهرية متى اقتربَ منها الطرفان وقع الخلاف وانفجر الوضع،
حاول الحزب نشر الوعي الوطني لا الطائفي أو المناطقي في المجتمع اللبناني، لكن المدرسة الحزبية القديمة والسياسات التي تخَرَّجَ منها هؤلاء والتي كانت مُتَبَعة قبل تسعينيات القرن الماضي تمنعهم من الإقتراب نحو حزب الله لحدود الكَتف إلى الكتف معه، يمينيين سابقاً وحتى اليساريين منهم؟
ومع ذلك لا يريد البعض الإبتعاد عنه أو التخلي عن التحالف معه لأسباب خاصة بطبيعة وجودهم السياسي وتمثيلهم في الدولة وحتى لا يفقدوا الدعم السياسي الكبير ويستفرد بهم خصومهم ويُأكلوا كما أُكُلَ سعد الحريري من قبلِهِم،
أما البعض الآخر بقيَ بعيداً ولو إقترب،
لإيمانهم المُطلق بأن فك التحالف مع المقاومة دونه بحور واسعة تفصل بينهُم وبين طموحاتهم السلطوية والرئاسية،
حزب الله حليف حركة امل والتيار الوطني الحُر والتنظيمين الأخيرين يسيران على خطَّان متوازيان لا يلتقيان الأمر الذي أضعف قوة تحالف المقاومة داخل السلطة وأفسح بالمجال أمام أحبَة أمريكا بتحقيق الكثير من الإنجازات لصالح أسيادهم،
اليوم يعتبر حزب الله أن الهَم الأوحَد والأهَم هو الدفاع عن لبنان والحفاظ على الثروة النفطية والغازية في بحر الجنوب، وبينما هوَ يتحَضَّر لخَوض معركة قاسية مع العدو الصهيوني يعتبرها معركة وجود أو لا وجود، ينشغل الأفرقاء الآخرين بحياكة السجادة الحمراء لمدخل قصر بعبدا بعد ٣١ تشرين أول،
أيضاً وأيضاً ينشغل آخرون بنصب الأفخاخ للمقاومة تَرَبُصاً لها، وكل فريق يريد شَد اللحاف إلى زاويتهُ بقَدَر ما يستطيع لتسجيل نقاط وحفظ المكاسب،
الإنشغال اللبناني بالمشادات الداخلية وتنازل بعض القيادات العُليا عن حقوقنا في الخط ٢٩ الذي أقرَّهُ الجيش اللبناني، أفسحآ في المجال أمام العدو ليتعنَّت أكثر ويطمع بالمزيد أكثر فأكثر!
آموس هوكشتاين ذهبَ ولم يَعُد، وأطفال السيادة ينتظرونه كما ينتظرون بابانويل العيد، مع العلم أنهم يعلمون أن كيس بابانويلشتاين فارغ ولا يوجد فيه غير مصالح إسرائيل،
تل أبيب بدورها تشعُر أو تعتقد أن حزب الله تَلطَّىَ خلف موقف الدولة اللبنانية هروباً للوراء خوفاً من مواجهتها، ومواقف القيادات اللبنانية أيضاً أوحَت للعدو الصهيوني بذلك، وبعض القُوَىَ الداخلية اللبنانية المعادية للمقاومة أوحَت أيضاً وأيضاً للعدو نفس الشيء، بينما قيادة المقاومة لَم تَكُن في هذا الوارد بتاتاً، وتركت خيار اتخاذ القرار لقيادات الدولة إحتراماً لحضورها وحتى لا يُقال أن السيد نصرالله وحزبه صادرآ قرارها وأبتلعوها وتسببوا في إندلاع الحرب،

من هذا المنطلق شعرت إسرائيل بالنشوة متسلحةً بالتراجع اللبناني عن الخط ٢٩ من دون أن تتكبَد هي أي عناء، ومعتمدة على أصدقائها في الداخل اللبناني، وأيضاً هيَ اليوم تحتمي بحاجة اوروبا الماسَّة للغاز وهذه الحاجة تُحَتِم على القارة العجوز تقديم حماية عسكرية لها في البحر والبر والجو،
أما حسابات المقاومة الحقيقية لا ترتكز على مشاعر واعتقادات وتفكير قادة العدو،

فقيادتها رَمَت الكُرَة في ملعب الدولة اللبنانية لكن لفترة وبحدود ؟؟؟ فإن مَرَّ الوقت اللازم وراوحَت القيادات اللبنانية مكانها فإن لاعبين أُخَر موجودون على الساحة ومستعدون لإعادة الكُرة إلى المُربع الأول الصحيح، وستصبح المواجهة بينها وبين العدو الصهيوني مباشرة حتى لو إجتمعت أساطيل أمريكا والغرب جميعها مقابل سواحل فلسطين فلن تثنيها عن ذلك،
لكن إن حصل الأمر ونتمنى أن لا يحصل؟ فإنَّ حزب الله الذي لا يتوقع منهم غير ما قاموا بهِ، سيواجه العدو ولو منفرداً ولكن هذه المَرَّة وبكل تأكيد فليعلم القاصي والداني أن السيد نصرالله لن يُهدي نصرهُ لأحد، ولن يتكرَر خطأ عفو المقاومة عام ٢٠٠٠ عن العملاء، ولن يكون هناك حكومة لبنانية تحاول التفاوض نيابة عنه وتوقع ١٧٠١ جديد، لأن الحزب يكون قد إتخذ قراره بالحوار المباشر عبر الصاروخ والبندقية،
فللذين يظنون أن الحرب بعيدة نقول لهم أنتم مخطئون، فوالله هي أقرب لوريدكم من دمائكم، ولِمَن ينتظرون من حزب الله أن يُنبئهم بتوقيتها،عليهم أن لا ينتظروا هذا الأمر لأن حزب الله كعادته لا يمكن أن يبث أخباراً قد تؤثرُ على حياة اللبنانيين إلَّا إذا بلغت القلوب الحناجر،
إن بيئة هذه المقاومة ومحبيها وأهلها يعيشون الحرب مع العدو كل لحظة، لأن طبيعة خَلقِهم لا تهوَىَ التطبيع ولا التلميع ولا التطبيل، ولا تهاب الموت حتى تهاب الحرب،
فعلى الذين يناورون بتشكيل الحكومة للبقاء على ما هُم عليه الآن حتى أواخر العهد أن يخافوا الله في الشعب اللبناني المنهار والمُفلِس والمنهوب، وعليهم أن يخرجوا من المناورات الى الجديَة ويجب أن لا يخيفهم وجَود باسيل في حكومتهم العتيدة،
وللذي يسعى لأخذ ضمانات بدخول قصر بعبدا أياً يَكُن،،، أياً يَكُن،،، أن يفكر في مصلحة لبنان أولاً وعدم اشغال البلاد في البحث عن المصالح الشخصية وإعطاء إسرائيل الوقت الكافي لسحب الغاز من كاريش ونحنُ نتفرَّج!
الوضع يحتاج إلى وقفة ضمير، وإلى رجال ورجولة، وإلى شجعان يمسكون بيد المقاومة لكي تحمي لبنان.

بيروت في…..
2/7/2022

You might also like