عطوان : بوتين “يحظر” عمل الوكالة اليهودية في جميع انحاء روسيا.. هل نفد صبره على سياسة اللعب الإسرائيلية على كل الحبال في اوكرانيا؟
إب نيوز ٥ يوليو
عبدالباري عطوان :
بوتين “يحظر” عمل الوكالة اليهودية في جميع انحاء روسيا.. هل نفد صبره على سياسة اللعب الإسرائيلية على كل الحبال في اوكرانيا؟ وهل سيتغير موقفه قريبا تجاه الاعتداءات المتكررة على سورية؟ وما هي المؤشرات الثلاثة التي قد تكون خلف هذا التوتر المتصاعد؟
ما نقوله هنا ليس اشاعات او تكهنات او حتى تمنيات، وانما بداية تغيير يزداد حدة في الموقف الروسي كشفت عنه بنينا تامانو وزيرة الهجرة الإسرائيلية، واكدته عدة صحف إسرائيلية من بينها صحيفة “جيروزاليم بوست” التي قالت ان هذا القرار “يمكن ان يقوض قدرة اليهود الروس على الهجرة الى “إسرائيل”.
***
الأول: تولي يائير لبيد رئاسة الوزراء الإسرائيلية خلفا لنفتالي بينيت، فلابيد الذي كان يتولى منصب وزير الخارجية ادان الاجتياح الروسي لاوكرانيا منذ اليوم الأول، وطالب حكومته بالوقوف في خندق الحليف الأمريكي في هذه الازمة، والانضمام الى العقوبات الغربية ضد موسكو، والاهم من ذلك تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وخاصة القبب الحديدية والمسيّرات.
الثاني: تطوع المئات من ضباط وجنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، وعناصر من رتب عالية في قوات الامن الإسرائيلية للقتال كـ”مرتزقة” في الميليشيات الأوكرانية، وتحت راية الرئيس اليهود الصهيوني زيلينسكي الذي يريد تحويل أوكرانيا الى “إسرائيل ثانية”.
الثالث: تصعيد دولة الاحتلال لعدوانها على سورية واقدامها على قصف مطار دمشق المدني الدولي (10 حزيران الماضي) واخراجه من الخدمة لأكثر من اسبوعين، الامر الذي دفع الرئيس بوتين “المُحرج” الى إعطاء التعليمات لوزارة خارجيته بطرح مشروع قرار امام مجلس الامن الدولي بإدانة هذا العدوان بأشد العبارات.
لعل اعتقال القوات الروسية لأحد “المرتزقة” الإسرائيليين كان يقاتل الى جانب القوات الأوكرانية في إقليم “دونباس” جنوب شرق البلاد، ربما كان “الصندوق الأسود” الذي فضح الازدواجية والنفاق الإسرائيليين من خلال إعطاء معلومات قيمة عن اسرار الدعم الإسرائيلي لاوكرانيا ورئيسها زيلينسكي، سواء بإرسال الأسلحة والمسيّرات، او بتسهيل نقل المئات، او ربما الالاف، من المقاتلين والخبراء السابقين، او حتى الحاليين في الجيش وأجهزة الامن الاسرائيلية.
لا نعرف الى أي مدى قد يتطور هذا الخلاف، ولكننا لا نستبعد ان يتصاعد مع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للقدس المحتلة يوم 13 تموز (يوليو) الحالي في اطار جولته الشرق أوسطية، لان بايدن الذي تطالبه “إسرائيل” بتشديد الخناق على ايران، وتشكيل “حلف ناتو عربي” بزعامتها استعدادا لضربها، ربما يطالب مضيفه الإسرائيلي في المقابل بإتخاذ موقفا اكثر وضوحا والوقوف في الخندق الأمريكي الغربي في الازمة الأوكرانية.
بسمارك الزعيم الذي وحّد المانيا حذر دائما من غضب الدب الروسي والانزلاق لحرب معه، ولم يأخذ هتلر، وقبله نابليون بهذه النصيحة ودفعا الثمن غاليان ومنيا بهزائم مذلة، والرئيس بايدن وحلفاؤه العرب والإسرائيليين قد يواجه المصير نفسه، وهذا ما فهمته وعملت به دول عظمى مثل الصين والهند وايران ودول “بريكس”.
سياسة اللعب على كل الحبال، وادعاء الحياد الإسرائيلية في الازمة الأوكرانية تقترب من نهايتها، ووضع قدم في موسكو وأخرى في واشنطن لم تعد “حيلة” مجدية، ولعل الرئيس بوتين بتجميده لعمل الوكالة اليهودية على ارض بلاده قرر اخذ زمام المبادرة، ورفع الكارت الأحمر في وجه الازدواجية الإسرائيلية، وربما يكون القادم اعظم.. والله اعلم