شِراكٌ تُنصب في طريق الاتفاق ذي البنود الخفية التي هدّد بوتين بكشفها.. وروسيا تحذر: أمريكا ستتحمّل “المسؤولية” في حال انهيار الهدنة بسوريا.
إب نيوز 18 سبتمبر
توصَّـلَ وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا جون كيري وسيرغي لافروف في ختام مفاوضات جنيف إلى اتفاق هدنة في سوريا من المفترض أنها بدأت ليل الأحد 11/9/2016 – الاثنين قد تسفر إذا صمدت لمدة أسبوع عن تعاون عسكري بين الولايات المتحدة وروسيا، وتنفيذ هجمات مشتركة على أماكن تواجد داعش وجماعات أُخْرَى تراجعت واشنطن عن اعتبارها تستحقُّ الضربات!.
لكن الحاصلَ خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى من الهدنة، أن ارتفع عدد الهجمات بشكل كبير” مع تنفيذ 55 هجوماً على المواقع الحكومية والمدنيين، ما أدى إلى مقتل 12 مدنياً في الهجمات، بينهم طفلان ومتطوع في الهلال الأحمر السوري.
التطوراتُ حَدَت بالجيش الروسي للتحذير من أن الوضعَ في سوريا يتداعى ويسيرُ إلى الأسوأ، مؤكداً أن الفصائل المقاتلة نفّذت أَكثر من 50 هجوماً على القوات الحكومية السورية وعلى المدنيين في 24 ساعة.
وقال الجنرال فلاديمير سافتشنكو، السبت الماضي: “الوضع في سوريا يسوء”.
وتتهم موسكو واشنطن بالفشل في التمييز بين الفصائل المقاتلة المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد والجماعات الإجرامية في سوريا، وقال سافتشنكو الذي يرأس المركز الروسي لمراقبة وقف إطْلَاق النار في سوريا: إن واشنطن “تجنبت” محادثات مقررة عبر الهاتف.
وصرّح الجنرال الروسي فيكتور بوزنيخير أن “الولايات المتحدة وما يسمّى الجماعات المعتدلة التي تسيطر عليها لم تفِ بالتزام واحد تعهّدت به في إطار اتفاق جنيف”.
هناك حالةٌ من الغموض تتعلق بتفسير هذا الاتفاق وبنوده، انعكست بشكل جلي يوم الجمعة عندما جرى الغاء اجتماع لمجلس الأمن الدولي، كان من المفترض أن يصدر قرارٌ باعتماده رسمياً، وبطلب من الولايات المتحدة الأمريكية.
الرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين برر هذا الالغاء بأنه عائد إلى رغبة الولايات المتحدة بعدم اطلاع اعضاء مجلس الامن على بنود الاتفاق، وطالبها بالشفافية، الولايات المتحدة لم تنف هذا “الاتهام”، وقالت انها لا تريد ذلك حفاظا على سلامة بعض الفصائل التي تدعمها، وحرصاً على وصول المساعدات الانسانية إلى السكان المحاصرين.
وتناول الكاتبُ الفلسطيني، عبدالباري عطوان، أَسْبَاب الخلاف الروسي الأمريكي التي تؤدي إلى انهيار الاتفاق وعودة الأمور في جبهات القتال في مختلف أنحاء سورية إلى المربع الأول، وحاول أن يحصر تلك الأَسْبَاب في مجموعةٍ من النقاط:
الأول: فشل الولايات المتحدة في الالتزام بتطبيق النقطة الواردة في الاتفاق التي تنص على اجراء فصل واضح بين الفصائل السورية المعتدلة (السلمية)، والأُخْرَى المتشددة (الإرْهَابية)، وفك ارتباط الاولى بالثانية.
الثانية: الخلاف المتفاقم داخل الادارة الأمريكية حول هذا الاتفاق بين وزارة الخارجية التي تفاوضت حوله برئاسة كيري، ووزارة الدفاع (البنتاغون) الذي من المفترض ان يتحمل مسؤولية تطبيقه، ويتردد في أوساط الادارة ان اشتون كارتر، وزير الدفاع، عارَضَ الاتفاق بشدة.
الثالثة: نجاح الاتفاق وصموده يعني بدء القصف الجوي الأمريكي الروسي لتنظيم جبهة “فتح الشام” أَوْ “النصرة” سابقا، وأحرار الشام المتحالفة معها، وكان من المفترض ان يبدأ هذا القصف يوم بعد غد الاثنين، اي بعد اسبوع من تنفيذ الاتفاق، وهذا ما لا تريده أمريكا.
الرابعة: رفض معظم فصائل المعارضة المسلحة للاتفاق، فك الارتباط مع “جبهة النصرة” بتحريض من الدول الداعمة لها في منطقة الخليج، وحدوث شرخ كبير في اوساط المعارضة حول هذه المسألة، وتوجيهها انتقادات كبيرة للولايات المتحدة السعودية وتركيا بالخيانة، والتخلي عن المعارضة، والسقوط في المصيدة الروسية.
الخامسة: فشل الولايات المتحدة تنفيذ تعهدها بفك الارتباط بين الفصائل المسلحة المعتدلة، و”جبهة النصرة”، أَوْ “فتح الشام”، كان وراء تراجعها، واتهام الرئيس الروسي بوتين لها بأن لديها رغبة في الحفاظ على قدرات عسكرية لمحاربة ما وصفه “حكومة الرئيس بشار الأسد الشرعية” التي التزمت بالهدنة وبنودها كاملة.
ويوضح عطوان بأن اتفاق الهدنة يترنح، والاختراقات له تتسع في أَكثر من منطقة في سورية، وكيري، وزير الخارجية الأمريكي، في حال “صيام” عن الحديث على عكس نظرائه الروس، والمعارضة السورية، بشقيها المعتدل والمتشدد، تصلي من اجل انهياره؛ لأنها لم ترحّب به منذ البداية، وهناك توقعات بانفجار الخلاف الروسي الأمريكي، ولجوء روسيا إلى نشر بنود الاتفاق علناً لإحراج الشريك الأمريكي، وفضح تراجعاته عن التزاماته التي وردت في الاتفاق وبنوده.
وانهيار الاتفاق- كما يقول عطوان- قد يعني التصعيد العسكري على نطاق اوسع، وتورط أَكبر من قبل القوتين العظميين اللذين يخوضان حَالياً حرباً بالنيابة، وسط غابة الازمة السورية الوعرة، فمن الواضح ان الطرف الروسي، ورئيسه بوتين يشعر بحالة من الغضب وخيبة الامل معا، لان الاتفاق حقق كُلّ مطالبه في قصف أمريكي روسي مشترك لجبهة النصرة وحلفائها، جنباً إلى جنب مع قصف “الدولة الاسلامية”.
وبخصوص البنود المذكورة والتي هي مبدئياً واضحة، فهي لم تُنفَّذ ولا يمكن تنفيذُها للأَسْبَاب المذكورة، فماذا سيكون مصيرُ البنود السرية ودورها في الاتفاق، والتي ترفض الولايات المتحدة الاميركية نشرها، وهل هي متعلقةٌ بوعود سرية مشروطة من قبل مجموعات محددة تنتظر متغيرات ما لتبوح بموقفها، أم هي تتعلق بالتزام من الولايات المتحدة الاميركية تحاول إخفاءه حالياً، وقد اُرغِمت عليه بعد صمود الجيش العربي السوري حول الاعتراف بدور للرئيس الأسد في محاربة الإرْهَاب؟ أم هي تتعلق برهان أميركي يُعمل عليه حَالياً لانتزاع موقف سعودي يساعد على تفكيك تلك المجموعات، وذلك نتيجة ضغوطات قانون الكونغرس حول الإرْهَاب ومسؤولية المملكة كدولة عن مواطنيها.. منفذي عملية 11 سبتمبر؟