عن الهدنة والمفاوضات !!
قلنا سابقا ونكرر القول لمن يتولون التفاوض مع أدوات العدوان والاحتلال إن قرار هؤلاء ليس بأيديهم، بل بأيدي مشغليهم من دول العدوان. ولذلك فإن التفاوض معهم يبدو عبثا لا طائل منه، بل وانتقاصا في حق من قاوموا العدوان.
فدول العدوان تتخفى وراء هؤلاء هروبا من تبعات الاستحقاقات التي تتوجب عليها، ومنها التعويضات وإعادة إعمار ما دمروه.
على كل القوى الوطنية التي قاومت العدوان ومازالت، وفي المقدمة أنصار الله أن تتعلم من تجارب الحركات الثورية المقاومة للعدوان الإمبريالي في كثير من شعوب العالم؛ أن تتعلم استراتيجية الحوار.
فمثلا ثوار فيتنام عندما جاء عملاء أمريكا للتفاوض معهم رفضوا، وطالبوا أن يكون التفاوض مع العدو الأمريكي صاحب القرار والذي يحتل بجيوشه الأرض، ويوجه صواريخه ومدافعه نحو صدور أبناء الشعب الفيتنامي.
دول العدوان الممسكة بالقرار اخترقت الهدنة الأولى ولم تف بشروطها، ومنها صرف مرتبات الموظفين المسروقة منذ أكثر من ست سنوت. وها هي تقوم بتقسيط، وتفرض حصارا مميتا على الشعب اليمني، وتحاول تسويق أدواتها أمام العالم ليكون لهم شرعية، ثم لتقول للعالم إن الحرب هي بين اليمنيين.
وحقيقة الأمر إن الشعب اليمني تعرض ومازال لعدوان متوحش من قبل أكثر من ١٧ دولة في مقدمتها السعودية والإمارات اللتان تحتلان بجيوشهما الأرض اليمنية وتقتلان الشعب اليمني.
المبعوث الأممي يحاول أن يوجد مخرجا لدول العدوان، فهو يقسّط الهدنة؛ رحلة لطائرة، ودخول لسفينة، ويلهي الناس بقضية طرق تعز.
والحصار مازال مستمرا من قبل قوى العدوان.
ويبدو أن دول العدوان وأدواته هي المستفيد من الهدنة، كما هو الحال بالنسبة للغرب الإمبريالي الذي يريد أن يحافظ على منشآت النفط السعودي والإماراتي التي تمد الغرب بالطاقة، ويؤهلونها لتكون بديلا للنفط والغاز الروسيين.
السلام لابد أن يكون شاملا، وبدايته أن يوقف المعتدون عدوانهم، وترحل قواتهم التي تحتل أرضاً يمنية عن التراب اليمني، ثم يجلسون إلى طاولة المفاوضات مع حكومة الإنفاذ، ويعتذرون للشعب اليمني، ويلتزمون بجبر الضرر والتعويض وإعادة إعمار ما دمروه من منجزات الشعب اليمني.
اليمنيون لا يريدون الحرب، ولا يحبذونها، بل هي فُرضت عليهم من قبل دول العدوان ودمرت بلادهم، وقسمتها، وقتلت الكثير منهم.
إنهم محتاجون وتواقون للسلام، لكنه السلام المشرف الذي يرد إليهم حقوقهم وحريتهم واستقلال بلادهم، وليس سلام الاستسلام الذي تريد دول العدوان فرضه عليهم بالتعاون مع الأمم المتحدة والدول التي تقف وراء العدوان، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا.
اليمن يتعرض لمؤامرة، ودول العدوان ومن ورائها أمريكا وبريطانياـ لديهم سوء نية. وما لم يستطيعوا الحصول عليه بالحرب، يريدون أن يصلوا إليه بالمفاوضات. وهذا ما يجب الانتباه إليه من قبل الوفد المفاوض.
المسألة محتاجة إلى دقة، ومراجعة كل ما يطرحه العدوان، سواء عبر أدواته، أو عبر مسوقي أفكاره من الوسطاء الدوليين.
في موضوع الطرق والجعجعة التي تثار حول حصار تعز؛ نقول إن اليمن كلها محاصرة، وإن عديد طرق مغلقة أمام المواطنين، وأن المستفيد من إغلاق الطرق هم من يجنون الجبايات من المسافرين والتجار، ويحولون حياة الناس إلى جحيم.
انظروا في طريق لحج طور -الباحة- تعز، كم وقع فيها من قتل وتقطعات ونهب، ثم جبايات لا تحصى.
اليمن محتاج إلى سلام مستدام، وإلى أن تفتح كل الطرق البرية والبحرية والجوية بدون عويل من هنا، أو هناك.
اليمنيون تعبوا من الحرب والحصار والتجويع، ويريدون أن يستأنفوا حياتهم الاعتيادية، كما خلقها الله.