دعوها تعمل.
إب نيوز ٩ محرم
بقلم الشيخ /عبدالمنان السنبلي.
من خلال قرائتي للتوجيهات الصادرة من الرئيس المشاط إلى وزارة المالية في المذكرتين رقم (25،24) بتاريخ 2022/2/26 لم أجد لها تفسيراً سوى تفسيرٍ واحدٍ فقط هو أن الرئيس بهذه التوجيهات إنما اراد ضبط العملية ووضعها تحت الكنترول لا أقل ولا أكثر!
وزارة المالية بدورها، وبمجرد أن تلقفت هذه التوجيهات، بصراحة ما قصرت!
قامت على الفور وشرعت باتخاذ إجراءات وتدابير غير مدروسة أو محسوبة العواقب والنتائج بحق المؤسسات والهيئات المستقلة مالياً بقوة القانون في عملية خاطفة وسريعة أقرب ما تكون إلى عمليات التأميم وقرارات فرض الحراسة التي كان معمول بها في حقبة الأنظمة الشيوعية والماركسية!
فهل نقل أن الرئيس مهدي المشاط قد أراد بتوجيهاته هذه مثلاً تكريس مبدأ المركزية والعودة إلى حقبة الأنظمة الشمولية البائدة حتى نرى الوزارة قد تعاملت بهكذا طريقة؟
أم نقل أنه قد اراد تعزيز فكرة الروتين وسياسات الذهاب والمجئ والإنتظار طويلاً على أبواب المكاتب والمصالح الحكومية حتى نرى الوزارة لم تتورع للحظة واحدة في جر مؤسسات وهيئات خدمية (لا يحتمل عملها التباطؤ والانتظار) والزج بها في أتون هذا المربع المريع؟!
أو نقل أن وزارة المالية قد أسآءت فهم رسالة الرئيس وتوجيهاته إليها وفسرتها بطريقة سطحية وخاطئة حتى نراها قد وضعت نفسها في هذا التخبط والإرباك؟
أو ماذا نقول يا ترى وقد فتحت الوزارة الأبواب مشرعة أمام التكهنات والتندرات والتهكمات بحقها وحق شخص الأخ الرئيس؟!
يعني حتى لو قالوا أن القانون يسمح لهم مثلاً أو يخولهم باتخاذ مثل هذه الإجراءات، فمجرد أن يمس أي إجراء أو يؤثر سلباً على مستوى أداء الخدمات العامة للمواطنين، فإن ذلك في اعتقادي يلغيه ويبطله.
هذا في وقت السلم والإستقرار طبعاً، فما بالكم ونحن نعيش في ظل أعتى وأبشع عدوانٍ عرفته البشرية جمعاء!
كيف يفترض أن يكون مستوى الإهتمام والعناية بالجانب الخدماتي؟
خذوا عندكم المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي مثلاً والتي تكافح منذ بداية العدوان من أجل تأمين الممكن والمتاح من احتياجات المواطنين من المياه وخدمات الصرف الصحي..
تخيلوا لو انه تم ربط موازنتها المستقلة بوزارة المالية والتي (يالله) بالكاد تكفيها وتغطي نفقاتها ومصاريفها التشغيلية..
تخيلوا لو أنه تم التقليص من هذه الموازنة أو تم التباطؤ في صرفها بفعل ذلك الروتين الممل..
كيف سينعكس ذلك سلباً على مستوى أداء خدمة توفير وتأمين احتياجات الناس من المياه والتي هي أصلاً في أدنى مستوياتها اليوم؟
ماذا لو تعرضت شبكات المياه مثلاً أو الصرف الصحي لعطلٍ يخرجها عن الخدمة، وكثيراً ما يحصل هذا طبعاً، كيف سيكون الحال بالناس؟
أيعقل أن يظل الناس ينتظرون عملية إصلاح هذا العطل على ما يحدثه من أضرار نفسية وبيئية حتى تتكرم وزارة المالية بالنظر في الأمر وتوقيع أمر صرف تكاليف الإصلاح أو الصيانة؟!
ماذا لو تم تقليص الموازنة التشغيلية لهذه المؤسسة؟!
ألن يؤثر ذلك سلباً على مستوى أداء الموظفين والعاملين وعمال الصرف الصحي والمعدات و..، والذي بدوره سينعكس سلباً أيضاً على مستوى تقديم خدمات المياه والصرف الصحي للمواطنين؟!
ماذا؟ وماذا؟ وماذا؟
الأمر نفسه ينطبق كذلك على مؤسسات وهيئات ومشاريع أخرى كمشروع النظافة وغيره..
يعني المسألة بحاجة إلى قليلٍ من التعقل والحكمة.
لذلك، يا وزارة المالية :
أرجوكم..
دعوا الموسسات الخدمية تشتغل بأريحية واستقلالية تامة إذا كان المواطن والوطن هو غايتكم وهدفكم الأنبل والأسمى..
دعوها تعمل.. وفعِّلوا دوركم الرقابي بشكل صارم وحازم عن قرب من خلال مكاتبكم المالية الموجودة أصلاً في كل موسسة وهيئة خدمية مستقلة.
دعوها تعمل.. ولا تنسوا أن مواردها المالية ليست موارد دولة كما تقولون، وإنما هي في الأصل عبارة عن مساهمات مجتمعية يدفعها المواطن باستمرار بشكل غير مباشر -وبدون حتى أن يشعر- لغرضٍ معينٍ حدده ونظمه القانون يضاف إليها ما تجود به بعض المنظمات من دعمٍ وتمويلٍ لذات الغرض!
دعوها وشأنها..، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثا!
#معركة_القواصم