حب (الحُسَيْن) يجمع المسلمين!
إب نيوز ١٠ محرم
د. فضــل الصباحي:
الخطاب الديني بين المسلمين يجب أن يمهّد لمرحلة جديدة من الإنفتاح بين المذاهب، والطوائف الإسلامية بعيدًا عن خطاب الكراهية والتعصب، الخلافات البسيطة لم تمنع الأمة الإسلامية بمختلف مذاهبها وطوائفها من الإجماع على حب (الحُسَيْن) الذي يعتبره المسلمون جميعًا مدرسة في الحق والعدل، والتضحية، والإيمان الصادق ومن يخرج عن هذا النهج من المسلمين سنة وشيعة، فليس له من حب (الحُسَيْن) شي.
في يوم عاشوراء صعدت روح (الحسَيْن) إلى ربها عندما وصل الحقد البشري الذي حركته الأطماع الدنيوية البعيدة عن الدين والاخلاق والقيم الانسانية التي تُرِيد الدنيا ومتاعها؛ على حساب دماء بيت النبوة أصحاب الحق، والزعامة الحقيقية في الدين والدنياء ملوك التقوى، والخير والسقاية وإكرام الضيف ومساعدة الفقراء والمحتاجين ونصرة المظلومين.
يوم عاشوراء… تظاهرة سنوية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها تهتز لذكرى (الحُسَيْن) المدن والساحات والقرى والشعاب حزنًا على عليه، رحل الرسل والزعماء والملوك والقادة العظام ولا يذكرهم إلَّا القليل ولكن (للحسين) مع المسلمين والإنسانية موقفًا آخر إنه يمثلُ جرح بيت النبوة ومثال التضحية، والفداء مدرسة الحياة الكريمة، ورمز المسلّم الساجد العابد القرآن الذي يمشي على الأرض يمثل قدوة الأخلاق الإنسانية وقيمها ومقياس الحق فيها صاحب الوجه الذي يشع منه أنوار النبوة ورثها عن جده النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
لقد تغير تاريخ البشرية عندما سالت دماء بيت النبوة يتقدمهم سيد شباب أهل الجنة وابن ريحانة رسول الله الإمام (الحُسَيْن) عليه السلام، الذي انتصر على قاتليه بأشرف ما في النفس الإنسانية من غيرة على الحق وكراهية للنفاق والباطل، والمداراة، وانتصر قاتله يزيد ابن معاوية ابن ابي سفيان ؛ بأرذل ما في النفس الإنسانية من جشع ومراء وخنوع لصَغَار المتع والأهواء.
يقول عباس محمود العقاد: ثورة (الحُسَيْن) واحدة من الثورات الفريدة في التاريخ لم يظهر نظيرًا لها حتى الآن في مجال الدعوات الدينية أو الثورات السياسية، فلم تدم الدولة الأموية بعدها حتى بقدر عمر الإنسان الطبيعي، ولم يمضِ من تاريخ ثورة (الحُسَيْن) حتّى سقوطها أكثر من ستين سنة.
وهذا ما أكده ابن تيمية حين قال: “وأما من قتل الحُسَيْن أو أعان على قتله، أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه صَرْفا ولا عَدْل، وما بقي أحدًا من قتلة (الحُسَيْن) إلّا عُوقب في الدنيا، وأسرع الذنوب عقوبة البغي، والبغي على (الحُسَيْن) من أعظم البغي”.
بعد مرور ألف وأربعمائة سنة ما يزال (الحُسَيْن) يشكل نموذجاً فريداً في إلهام القادة العظام من مختلف الديانات الإسلام المسيحية اليهودية البوذية وغير ذلك من الحركات التحررية في العالم!
الزعماء، والقادة والمفكرين يصفون الأمام (الحُسَيْن).
قال غاندي: تعلمت من (الحُسَيْن) كيف أكون مظلوماً فأنتصر، لقد طالعت بدقة حياة الإمام (الحُسَيْن)، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلابد لها من اقتفاء سيرة الحسين”.
ووصف الأديب الألماني يوهان جوته مأساة (الحُسَيْن) بقوله: “إن مأساة (الحُسَيْن) هي مأساة للضمير الإنساني كله، وأن الحسين جسد الضمير الإنساني بدفاعه عن القيم والمثل الإنسانية الرفيعة.
وقال المستشرق الألماني ماربين: “قدّم (الحُسَيْن) للعالم درساً في التضحية والفداء من خلال التضحية بأعز الناس لديه ومن خلال إثبات مظلوميته وأحقيته، وأدخل الإسلام والمسلمين إلى سجل التاريخ ورفع صيتهما؛ لقد أثبت هذا الجندي الباسل في العالم الإسلامي لجميع البشر أن الظلم والجور لادوام له، وأن صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً في الظاهر إلّا أنه لايعدو أن يكون إمام الحق والحقيقة إلا كريشة في مهب الريح “.
لو فهم علماء المسلمين حقيقة مظلومية (الحُسَيْن) وبشاعة الفعل الذي اقترفه يزيد ابن معاوية ومن نفذ، وتآمر ورضي بقتل (الحُسَيْن) لما استمر الخلاف حتى الآن، لكنه الكبر الذي أصاب بعض علماء الأمة الذين كانوا يجهلون مكانة الحسين وال بيت رسول الله، وغذاء ذلك الفهم الخاطئ اعداء الأمة، لذلك فإن المسلمين جميعًا سنة وشيعة، بحاجة ماسة إلى تفهم بعضهم، وتحكيم العقل وتجاوز الخلافات، ونبذ الطائفية، وعدم الإنجرار خلف المخططات الغربية التي تهدف إلى تمزيق وحدة المسلمين، ونشر الفتنة، والكراهية، وإشعال الحروب بينهم.
الصراع الشيعى السنى: بركان مرعب اشعاله سوف يدمر العالم الاسلامي، والمستفيد هو العدو المشترك للمسلمين: الأمريكان والغرب، والصهيونية العالمية، وحكومة العالم.